اعتبرت قيادات حزبية تونسية أن الرئيس قيس سعيّد أجج الانقسام والخلاف بين التونسيين بإعلانه تغيير موعد عيد الثورة إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول بدلا من 14 يناير/ كانون الثاني من كل سنة.
وبيّن عضو تنفيذية حراك "مواطنون ضد الانقلاب" لمين البوعزيزي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تغيير موعد عيد الثورة هو إرهاصة شعبوية من إرهاصات سعيّد، تعكس حجم التخبط الذي بلغه نظام الانقلاب"، مشيرًا إلى أن هذا الإعلان يأتي في "خانة مواصلة بيع الوهم والتلاعب بمشاعر الشعب في غياب لأي رؤية وأفق".
وأضاف المتحدث أن "مغازلة المشاعر انطلاقا من جراح الثورة وأهدافها المهدورة لن يصنع منه قائدا ثوريا وملهما، بقدر ما سيؤجج ذاكرة إنكار مطالب الثورة الحقيقية بالشغل والكرامة والحرية، التي عمق الانقلاب من احتياجاتها وزاد من أزمة البطالة، وضرب الحريات، وداس على الكرامة الوطنية التي أعادتها الثورة لأبناء الشعب".
وشدد البوعزيزي على أن "هذه التقليعة يريد بها قيس سعيّد إخفاء المطبات الحقيقية والعطب الذي مارسه باسم الانقلاب على الدستور، واليوم يبحث على الانقلاب على ثورة البلاد".
بدوره، اعتبر القيادي في حزب "قلب تونس" رفيق عمارة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الشعب انتظر من سعيّد تغييرا اقتصاديا واجتماعيا، فأقدم على تغيير موعد عيد الثورة"، مشيرا إلى أن "مطالب الثورة أبعد ما تكون عن التاريخ الذي نص عليه الدستور صراحة منذ توطئته".
وبيّن أن "موضوع عيد الثورة لم يكن محل خلاف وجدل مجتمعي قبل أن يؤججه الرئيس في مختلف خطبه. لقد كان هناك شبه إجماع على أن الثورة التونسية هي ثورة 17 ديسمبر/ كانون الأول- 14 يناير/ كانون الثاني، وأن انطلاقتها كانت من سيدي بوزيد والقصرين وصولا إلى مركز العاصمة".
وتساءل المتحدث عن "سبب الدفع نحو تغذية المواضيع الخلافية والجدلية حول ملف شبه محسوم، بشكل يقسم الشارع والشعب ويصنع الخلافات، في وقت كان ينتظر من الرئيس أن يجمع الناس ويؤلف بينهم وأن يكون رجل توافق وحوار".
وأوضح عمارة أن "عشرات الشوارع سميت باسم 14 يناير/ كانون الثاني، عدا عن آلاف المنشورات والوثائق التي تثمن هذا التاريخ باعتباره تاريخ الثورة، حيث طبعت وصرفت عليها ملايين سيتم التخلي عنها بجرة قلم".
من جانبه، قال الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "قرار الرئيس سعيّد انفرادي ويتجاهل القوى الحية والمؤسسات، إذ إن هناك مؤسسات تعتبر أن تاريخ الثورة هو 14 يناير/ كانون الثاني"، مؤكدا أن "هذا عنوان بارز للنفق الذي دخلته تونس".
وأشار إلى أن "سعيّد ينصب نفسه منظرا ويريد إعادة كتابة تاريخ الثورة بصورة أحادية، رغم أنه لم يشارك في 17 ديسمبر/ كانون الأول ولا في 14 يناير/ كانون الثاني؛ فالثورة قام بها المناضلون والأحرار وعموم الشعب التونسي، بينما الرئيس لم يكن مشاركا فيها".
وأفاد الشابي بأن "الثورة يكتبها من قام بها والقوى الحية والديمقراطية التي شاركت فيها من جهات مهمشة ومحرومة"، مؤكدا أن "17 ديسمبر/ كانون الأول هو تاريخ اندلاع شرارة الثورة، والذي لم يكن له معنى لولا 14 يناير/ كانون الثاني".
ولفت إلى أن "المظاهرة العارمة التي حصلت في يناير/ كانون الثاني هي التي حولت مجرى تاريخ تونس، واليوم، للأسف، رئيس الجمهورية يريد محو هذا التاريخ وإلغاء التراكمات السابقة، لأنه يعتقد أن تاريخ تونس يبدأ من تاريخ تسلمه السلطة واحتكاره لها، وهذا مرفوض"، معربًا عن أمله في "عودة تونس إلى سيرها الطبيعي ودستورها"، مؤكدًا أن "غياب الرؤية يقف وراء محاولات جر البلاد إلى قضايا تثير الانقسام والجدل".
كما علّق القيادي بحزب "التيار الديمقراطي" والنائب بالبرلمان هشام العجبوني، في منشور له عبر حسابه على "فيسبوك"، قائلا: "تغيير عيد الثورة سيخلق 4 نقاط نمو، وسيحدّ من عجز الميزانيّة، وسيحسّن من الترقيم السيادي لتونس، وسيوفّر موارد لتعبئة ميزانية الدولة، وسيخفّض من نسبة البطالة، وسيرفع من المقدرة الشرائية للتونسيين".