يبدو أنّ الزيارة التي يقوم بها رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية نصر الحريري، برفقة وفد من الائتلاف، إلى كردستان العراق، قد أثارت حفيظة "الإدارة الذاتية" الكردية لشمال وشرق سورية، وحزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يعتبر الجناح السوري لحزب "العمال الكردستاني"، بتحميلها أوجهاً مختلفة، لا سيما أنها تأتي في ظل تعقد وجهات النظر حول استئناف الحوار الكردي– الكردي، إذ تدعم حكومة كردستان العراق أحزاب "المجلس الوطني الكردي"، الذي يعد من مكونات الائتلاف الوطني السوري الذي يخوض الحوار مقابل أحزاب "الوحدة الوطنية" الكردية التي يقودها حزب "الاتحاد الديمقراطي".
وقوبلت الزيارة بهجوم واسع عبر وسائل الإعلام الموالية لـ"الإدارة الذاتية"، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، في حين كانت تصريحات قيادات حزب "الاتحاد الديمقراطي" لاذعة وهجومية حيال الزيارة.
المؤتمر الصحفي لرئيس الائتلاف الوطني السوري، نصر الحريري، بعد زيارته إلى برلمان #إقليم_كردستان #العراق
— الائتلاف الوطني السوري (@SyrianCoalition) March 4, 2021
Civîna çapemeniyê ya Serokê Hevbendiya Niştimanî Sûrî piştî seredana wî ya Parlamentoya Kurdistana Iraqê#سوريا @Nasr_Hariri @pofsoc
📺 شاهد 👇https://t.co/zDtxfKgj1K
وقال القيادي البارز في حزب "الاتحاد الديمقراطي" ألدار خليل إنّ "الدواعش الذين كانوا قبل حوالي ثلاثة أعوام على بعد كيلو مترات من هولير (أربيل)، يدخلونها اليوم بحفاوة"، مضيفاً، في تغريدة على حسابه في "تويتر"، مهاجماً أعضاء الائتلاف: "المرتزقة الإرهابيون الذين شردوا أهل عفرين وأبادوهم، وفعلوا الأمر ذاته في سري كانيه/ رأس العين، وتل أبيض- كري سبي، يدخلون هولير بزي السياسيين والدبلوماسيين".
الدواعش الذين كانوا قبل حوالي ثلاثة أعوام على بعد كيلو مترات من هولير، اليوم يدخلونها بحفاوة، المرتزقة، الإرهابيين الذين شردوا أهل عفرين وأبادوهم وفعلوا ذات الأمر في سري كانية- رأس العين و تل أبيض- كري سبي يدخلون هولير بزي الساسة والدبلوماسيين.
— Aldar xelîl (@Xelilaldar) March 3, 2021
كما وصفت ممثلية "الإدارة الذاتية" الكردية الزيارة بأنها "تضر بالقضية الكردية"، وتهدف إلى وضع عراقيل أمام الحوار الكردي– الكردي شرقي سورية، مضيفة، في بيان أصدرته مساء أمس الأربعاء حول الزيارة، أنّ زيارة الحريري إلى أربيل تأتي "في سياق الإضرار التام بالقضية الكردية أولاً، ووضع عراقيل وعقبات حقيقية حيال مجرى المفاوضات الكردية في روج آفا (شرقي سورية) ثانياً".
وأضاف البيان: "الحريري والوفد المرافق له، الذي لبّى دعوة الحزب الديمقراطي الكردستاني– العراق في ظرف تعيش فيه جغرافية روج آفا (شرقي سورية) مراحل مفصلية وخطرة، لا سيما أن الاحتلالات التركية المتتالية لمناطقنا، مثل عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض)، كانت بمشاركة مباشرة من قبل الائتلاف ذاته الذي يترأسه الحريري، وثلة من المرتمين في أحضان تركيا، التي لم تتوان بكل السبل عن الإقدام على ضرب المشروع الديمقراطي الذي قدمه الكرد ومكونات شمال وشرق سورية، ودافعوا عنه بقوة في وجه مخططات دولة الاحتلال التركية".
وأبرزت الممثلية، في بيانها، أنهم يرون في هذه الزيارة "نوايا مشتركة مضرة بمصالح كرد روج آفا ومكونات شمال وشرق سورية"، مضيفة: "كما نجد أن هذا اللقاء لا يتوافق مع الروح القومية والوطنية، خاصة بعد تهجير وتشريد مئات الآلاف من شعبنا لمناطقهم جراء سياسات واتفاقات الائتلاف مع الدولة التركية"، متهمة الائتلاف بأنه "واجهة سياسية للإرهاب في سورية، ويضم بين صفوفه وجناحه العسكري المسمى بالجيش الوطني إرهابيين ومرتزقة من "داعش"، وكذلك ممن ساهموا في الحرب مع تركيا ضد مناطق أخرى، كليبيا وأذربيجان".
كما لامت الممثلية حكومة كردستان لاستقبالها وفد الائتلاف بالقول: "الزيارة المذكورة وطريقة الاستقبال من قبل هولير تعنيان موافقة ضمنية حول ما يفعله الائتلاف في روج آفا، الأمر الذي نراه بأنه لا يخدم المصلحة الكردية ولا مصلحة الشعب السوري".
من جهته، قال أمجد عثمان، المتحدث الرسمي باسم "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، وهو الجناح السياسي المقابل لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ما صدر عن ممثلي الائتلاف من داخل مكاتب المجلس الوطني الكردي في أربيل لا يخدم القضية السورية، ولا ينبغي استثمار إقليم كردستان وتحويله إلى منبر لشرعنه الوجود التركي في شمال وشرق سورية، وتكريس الانتهاكات بحق الكرد في المناطق التي احتلتها تركيا وتهجير سكانها".
في المقابل، أشار محمد سلو، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف وممثل المجلس السوري التركماني داخله، والذي يرافق الحريري في الزيارة إلى أربيل، إلى أن أنهم التقوا بالرئيس السابق للإقليم وزعيم "الحزب الديمقراطي الكردي" مسعود بارزاني، إضافة للقاءات عدة أجروها مع مسؤولين من حكومة كردستان، من بينها زيارة إلى برلمان الإقليم.
وأضاف سلو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "المسؤولين في كردستان أكدوا دعمهم الثورة السورية والشعب السوري، ونحن شكرناهم على دعمهم واستضافتهم تقريباً 250 ألف لاجئ سوري، وتم الحديث عن المكونات الموجودة في إقليم كردستان وكيفية تنظيم حقوقهم في الدستور الجديد"، مشيراً إلى أن "الهدف من الزيارة هو تعزيز العلاقات والشكر لدعمهم الثورة السورية".
أما شلال كدو، عضو الائتلاف عن المجلس الوطني الكردي وسكرتير حزب "اليسار الديمقراطي الكردي"، فكشف لـ"العربي الجديد" عن أن "لا تأثير لهذه الزيارة على الحوار الكردي- الكردي المتوقف أصلاً"، مؤكداً أن "الجميع يعلم أن "الحوار متوقف منذ أن غادرت البعثة الدبلوماسية الأميركية المناطق التي تسيطر عليها (قسد) قبل أشهر".
وأضاف كدو: "منذ ذلك الحين، شهدنا هجمات إعلامية ظالمة من قبل حزب "الاتحاد الديمقراطي" الذي يقود وفد الأحزاب الوطنية، وهذه الحملة الظالمة، التي نعتقد بأنها كانت تستهدف قبل كل شيء ضرب الحوار الكردي".
وأكد كدو أن "موضوع مهجري عفرين كان حاضراً في المباحثات في كردستان"، مشيراً إلى أنه "في ما يتعلق بالضمانات والعودة، لا توجد ضمانات، ولا أحد يستطيع تقديم ضمانات لعودة النازحين. نحن نسعى إلى أن يعود أكبر قدر ممكن من أهلنا الذين هجروا من عفرين ورأس العين إلى مناطق سكناهم الأصلية".
والتقى الحريري مسعود بارزاني يوم أمس الأربعاء، بمشاركة وفد الائتلاف، وناقش الجانبان "الأوضاع في سورية والمنطقة عامةً، والوضع في سورية ومناطق شرق الفرات على وجه الخصوص، بالإضافة للتطرق إلى مسألة الانتهاكات في مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض"، إذ أعرب بارزاني، خلال لقائه بالوفد، عن "قلقه حيال الانتهاكات في المناطق المذكورة"، داعياً لـ"تأمين حقوق جميع مكونات الشعب السوري في سورية المستقبل، وأخذها بعين الاعتبار".
اجتمعنا مع السيد مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان، في أربيل اليوم، وتناولنا العلاقات الثنائية وأهم القضايا المشتركة والتحديات التي تواجه المنطقة، وأهمية التنسيق الدائم في مواجهتها، ولا بد من تثمين مواقف السيد رئيس الحكومة وقيادة الإقليم في دعم ومناصرة القضية السورية. pic.twitter.com/ReiIeDfbsM
— د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) March 4, 2021
وبدأت زيارة وفد الائتلاف إلى كردستان العراق، الثلاثاء الماضي، باجتماع مع المسؤول السياسي للملف السوري في إقليم كردستان العراق حميد دربندي.
وأشار الحريري عقب الاجتماع إلى أنه تم بحث "الوضعين الميداني والسياسي في سورية وملف اللاجئين، وسعي الائتلاف إلى فتح مسار الحكم الانتقالي الوارد في القرار 2254 بإشراف الأمم المتحدة".
ويرتبط الائتلاف مع الإقليم بعلاقات طيبة منذ اندلاع الثورة السورية، وشهد العام 2013 زيارة للرئيس الأسبق للائتلاف أحمد الجربا إلى كردستان العراق، التقى خلالها الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني، لتتوالى بعدها الزيارات الرسمية لرؤساء الائتلاف، مع التعاون في بعض المجالات، ولا سيما في ما يخص تحسين أوضاع اللاجئين السوريين في الإقليم.
وتستمر حكومة الإقليم في تعزيز هذه العلاقة، رغم الموقف الحاد للحكومة المركزية في العراق بمساندة نظام بشار الأسد، والعداء للمعارضة. ولا يزال مسؤولو الإقليم يدعمون خيارات المعارضة السورية في تغيير سياسي شامل في البلاد.