ردّ الاحتلال الإسرائيلي، فجر يوم الأحد، على إطلاق صاروخ من قطاع غزة باتجاه منطقة عسقلان، بعمليات قصف محدودة، استهدفت مواقع تابعة لـ "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" في القطاع. كما أغلق الاحتلال المعابر التجارية، التي يتمّ عبرها إيصال البضائع والمواد التي تتطلّبها عمليات إعادة الإعمار، المتواصلة ببطء شديد.
واللافت في الردّ الإسرائيلي على إطلاق الصاروخ، أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، كانت مدركة أن لا دور لـ "حماس" في إطلاق الصاروخ، وأكدت أن "جماعة تنتمي للسلفية الجهادية هي من قام بالعملية، وأن إطلاق الصاروخ جاء ضمن حالة الصراع الدائر بين حماس ومجموعات السلفية الجهادية".
لكن الردّ الإسرائيلي جاء "منسجماً" مع الاستراتيجية التي ينتهجها وزير الحرب موشيه يعالون، التي تقوم على تحميل "حماس" مسؤولية كل ما يحدث في غزة، وكل عمل يستهدف إسرائيل من القطاع، بغضّ النظر عن هوية مرتكبه. لكن استراتيجية يعالون تجاه قطاع غزة، باتت تلقى انتقادات واسعة من قبل قيادات في الجيش والاستخبارات ومعلقين عسكريين بارزين. ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، مساء الأحد، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، قولها إن "الاستراتيجية الحالية تقلّص هامش المناورة أمام حركة حماس، وتدفعها لتفجير الأوضاع، على الرغم من أن الحركة غير معنية تماماً بتصعيدها".
وشدد بن يشاي، على أن "الواقع يدل أن حماس وإسرائيل باتتا رهينتين في أيدي مجموعة بسيطة من السلفيين الجهاديين، وهو ما سيدفع الطرفين إلى مواجهة قريبة لا يرغبان بها". وأشار إلى أن "استراتيجية يعالون لن تؤدي إلى تحسين مستويات الشعور بالأمن الشخصي لدى المستوطنين، الذين يقطنون في محيط القطاع".
وشنّ بن يشاي هجوماً كبيراً على بعض السياسيين اليمينيين، الذين يطالبون باستغلال الأوضاع والدفع نحو إسقاط حكم "حماس"، لافتاً إلى أنه "في حال أقدمت إسرائيل على هذه الخطوة، فلن يتأخر اليوم الذي يشتاق فيه كل الإسرائيليين لحماس". ورأى أن "إسقاط حكم حماس، يعني إلزام الجيش الإسرائيلي بالغرق في الوحل الغزي، أو أن يترك القطاع في حالة فوضى تحت رحمة غلاة الجهاديين".
اقرأ أيضاً: الاحتلال يغلق معابر غزة.. وتحذيرات من شبح أزمة غذاء
وشدد على أن "الحلّ يكمن في تحسين الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة"، محذراً من أن "الأوضاع ستظلّ مرشحة للتصعيد، في ظلّ تجاوز معدلات البطالة نسبة الـ44 في المائة، وفي ظلّ الشلل الاقتصادي، وخصوصاً حين لا يجد الشباب، الجامعيين منهم تحديداً، عملاً يوفر لهم مصدر دخل محترم".
وأيدت صحيفة "هآرتس" ما جاء في مقال بن يشاي، مشددة على أن "المُتطلّب الأول لحلّ معضلة غزة، يتوقف على تحسين الأوضاع الاقتصادية في القطاع بشكل جذري". وشددت على "فشل استراتيجية يعالون القائمة على توازن الرعب، في مواجهة حماس".
وأكدت الصحيفة أن "إسرائيل التي تسهم في حصار غزة، قد تجبر على رفع الحصار تحت وقع ضغط المجتمع الدولي". وذكرت أن "إسرائيل أُجبرت الآن على ضمان حرية تنقل الرياضيين الفلسطينيين، بعدما تبيّن لها أنها مهددة بالطرد من صفوف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)". وانتقدت الصحيفة بشدّة "غياب عنصر المبادرة لدى الحكومة الحالية". ورأى المعلق السياسي بن كاسبيت، أن "إجراء حوار بين حماس وإسرائيل، بات أمراً ضرورياً للخروج من دائرة العنف الخطرة".
وأوضح أن "إجراء مفاوضات بين الجانبين، يضمن عدم انفجار الأوضاع في القطاع، مقابل تحسين الوضع الاقتصادي بشكل جذري". وعلى الرغم من أن كاسبيت، يشير إلى أن "محاولات التوسّط التي جرت حتى الآن بين الجانبين، لم تفضِ إلى صيغة توافق متينة"، إلا أنه رأى أنها "تدل بشكل لا يقبل التأويل، على أن الحوار بين الجانبين ممكن، وهو الوسيلة الوحيدة للخروج من هذا الواقع الصعب، بعدما تبيّن أن الحل الأمني لا يضمن استتباب الهدوء".
اقرأ أيضاً: طيران الاحتلال الإسرائيلي يشنّ غارات على قطاع غزة