رغم الأجواء الماطرة شديدة البرودة، شهدت ساحة الكرامة في محافظة السويداء مع بداية الأسبوع الحادي والعشرين لانطلاقة الانتفاضة الشعبية في السويداء، تجدداً ملحوظاً في زخم الاحتجاجات المطالبة بالتغيير السياسي والانتقال السلمي للسلطة في البلاد وفق القرار الأممي 2254.
وبالتوازي مع يوم الجمعة الذي اعتُمد كيوم احتجاج مركزي منذ بداية الحراك، ومع الحملة المطالبة بالإفراج عن المعتقلين التي بدأت فعالياتها أمس الخميس وتستمر حتى الحادي والعشرين من الشهر الجاري، التقى "العربي الجديد" الناشط المدني سامر العلي، الذي أكد أن تغير الأجواء لم يثبط من عزيمة المحتجين الذين يصرون على استمرار حراكهم السلمي حتى نيل المطالب كاملة دون انتقاص، وعلى رأسها الانتقال السياسي.
وأضاف: "نقول للعالم أجمع إن إرادة الحرية أقوى من أن تهزم، ومن لم تستطع المكائد والفتن هزيمتهم على مدى خمسة أشهر لن يعيقهم الطقس، نعم ربما نشعر بالبرد لكن الرجوع إلى منازلنا قبل الوصول إلى هدفنا بات أمراً مستحيلاً".
وتابع سامر المشارك في المظاهرات وفي حملة المعتقلين: "وقفتنا في هذا الطقس البارد، تمنحنا إحساساً ومسؤولية أكبر بقضية المعتقلين، إذ نشعر الآن بشعور من أصيب بالبرد في السجون والمعتقلات لأنه وقف وقفة كرامة وحارب الظلم والاستبداد".
مشهد لافت تضمنته احتجاجات اليوم بدخول وفدي قريتي مردك وسليم، يرفعون لافتات تحمل شعاراً ليدين متشابكتين كرمز للتلاحم، حيث دخلوا بشكل منظم وأيديهم متشابكة، كتعبير عن تحديهم لكل الفتن التي تحاول السلطات الأمنية بثها بين صفوف المتظاهرين لوأد انتفاضتهم التي أرّق استمرارها النظام في الوقت الذي يعجز فيه عن تقديم الحل أو حتى قمع التظاهرات.
الناشطة لبنى البساط، إحدى الشابات المشاركة في المبادرة، قالت لـ"العربي الجديد": إن "فبركات النظام السوري الإعلامية لم تعد تنطلي على أحد، ولا حتى محاولاته في بث الفتن وإغراق الساحة بالتفاصيل، وهذه الساحة تثبت له وللعالم أجمع أن المحتجين والمحتجات مستمرون حتى رحيله من السلطة وفق مبادئ الحراك السلمي العابر للطوائف والمناطقية والعشائرية".
وأردفت: "لقد أجمع الحراك بغالبية مكوناته على تجاوز كل ما هو إشكالي، ولقد أثبت جمهور الساحة والحاضنة الشعبية بغالبيتها امتلاكهم وعيا كبيرا عجز النظام عن التعامل معه بالأساليب التي مارسها مع انطلاقة الثورة السورية، حيث لم يستطع صبغ حراكنا بأي صبغة ولم يستطع من خلال تهمه الجاهزة زعزعة ثقة الحاضنة بالحراك".
وفي الأسابيع الأخيرة من الحراك، بدأت ساحة الكرامة تشهد توافد أشخاص كانوا يقفون على الحياد بادئ الأمر لعدة دوافع وأسباب، لكن استمرار الحراك بشكل سلمي أوضح الصورة الحقيقية لهؤلاء لتكون سبباً في انخراطهم بالحراك، حيث اقتنع غالبيتهم أن الصورة التي كان النظام يحاول تكريسها عن المتظاهرين وتهم التخوين المعلبة لم تكن إلا تهماً كيدية تحريضية.
مالك حرب أحد الملتحقين الجدد بالحراك، قال: "لقد أسبغ النظام على الحراك بادئ الأمر الكثير من الصفات كمخربين وعملاء وغير ذلك، لكن ما اتضح لنا من خلال مراقبتنا الدائمة لهذا الحراك على مدار الأشهر التي مرت به، رسخ لنا الصورة الحقيقية لهؤلاء الناس الذين نفتخر اليوم بالانضمام لهم، هؤلاء الأشخاص الذين مارسوا دورهم في المطالبة بالتغيير بشكل حضاري سلمي وبصورة لا تنم إلا عن وطنية محضة.
ويتابع حرب: "ما شاهدناه من أخلاق إخوتنا الذين بادروا قبلنا بالنزول إلى ساحات الكرامة، شيء نعتز به ويقودنا إلى أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، ونحن الآن مجموعة جديدة من أبناء مدينة السويداء تضم العشرات قررنا الانضمام لإخوتنا وفي الساحة".
ودعا حرب؛ أهالي المحافظة الذين لا يزالون صامتين إلى المشاركة في الاحتجاجات التي وصفها بـ "أكثر الاحتجاجات حضارة على مستوى العالم".