انتخابات مجلس الشعب السوري... حضور قادة المليشيات وممولي النظام

20 يوليو 2024
انتخابات مجلس الشعب السوري بدمشق، 15 يوليو 2024 (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **نتائج الانتخابات**: فاز جميع مرشحي حزب البعث الـ169 بنسبة 67.6% من مقاعد مجلس الشعب السوري، بالإضافة إلى فوز المتحالفين مع البعث بنسبة 6.4%، مما جعل حصة البعث والجبهة تصل إلى 74% من المجلس، بينما بقي للأعضاء المستقلين نحو ربع النواب فقط.

- **الفائزون البارزون**: تضمنت قائمة الفائزين قادة المليشيات ورجال الأعمال الموالين للنظام، مثل عمار بديع الأسد وجهاد بركات، بالإضافة إلى ضباط متقاعدين ورجال أعمال مثل محمد حمشو.

- **تمثيل غير عادل**: لم تعكس النتائج التمثيل العادل للمحافظات، حيث فاز أربعة أشخاص من الساحل السوري عن محافظة دمشق وريفها، ولم يمثل الأكراد سوى شخص واحد في الحسكة، وجميع الفائزين عن القنيطرة كانوا من مدينة القنيطرة.

حملت نتائج انتخابات مجلس الشعب السوري التي أجريت الاثنين الماضي، مؤشرات عدة حول زيفها التمثيلي، لأن المجلس تحول إلى مجرد واجهة لمكافأة الموالين للنظام السوري، وليس لاختيار نواب حقيقيين يمثلون مصالح الناس. ولدى التدقيق في نتائج انتخابات الدور التشريعي الرابع، لوحظ أن جميع مرشحي حزب البعث الـ169 في قوائم "الوحدة الوطنية" فازوا من دون خسارة، فحصل الحزب على نسبة 67.6% من مقاعد المجلس البالغة 250 مقعداً. وكان الحزب قد نال 166 مقعداً في مجلس الشعب السوري في كل من دورتي 2020 و2016.

وحصل ذلك على الرغم من إلغاء المادة الثامنة في الدستور التي نصت على أن "حزب البعث هو القائد للمجتمع والدولة" بموجب دستور 2012، لكن الحزب ظل ساعياً للهيمنة على الحياة السياسية الداخلية، على الرغم من دور مجلس الشعب السوري الشكلي. ولم يفز مرشحو حزب البعث فحسب، بل أيضاً جميع المرشحين عن الأحزاب المتحالفة معه ضمن "الجبهة الوطنية التقدمية" وعددهم 16 نائباً، فحجزوا ما نسبته 6.4% من مقاعد مجلس الشعب السوري فأصبحت حصة البعث والجبهة 74% من العدد الكلي للمجلس، وظل للأعضاء المستقلين نحو ربع النواب فقط، فيما يتطلب تعطيل أي مشروع نسبة الثلث على الأقل.


حصل حزب البعث وحلفاؤه على 74% من مقاعد مجلس الشعب

فائزون في مجلس الشعب السوري

من أبرز الفائزين في انتخابات مجلس الشعب السوري الأخيرة قادة المليشيات ورجال الأعمال، الذين اصطفوا إلى جانب النظام بعد ثورة عام 2011، وذلك في استمرارية لحضورهم في المجلس بعد دورتي عامي 2016 و2020، بعد السماح بمشاركة العسكريين من الجيش والأمن في انتخابات مجلس الشعب السوري وفق التعديل الذي أجري في فبراير/ شباط 2016، مع استمرار وقف حق الترشح طيلة وجودهم في الخدمة.

ومن أبرز الفائزين من قادة المليشيات، الذين حمل بعضهم صفة "رجال أعمال"، عمار بديع الأسد، عن محافظة اللاذقية من حزب البعث، وهو ابن عم بشار الأسد، وله دور رئيسي في تمويل وقيادة مليشيا الدفاع الوطني في المحافظة. وأيضاً جهاد بركات قائد مليشيا "مغاوير البعث"، الذي تصدر المرشحين باللاذقية. وفي محافظة اللاذقية أيضاً هناك أيهم نجدت جريكوس الذي ترشح عن حزب البعث، وهو قائد الدفاع الوطني في منطقة الحفة بالمحافظة. وفي محافظة ريف دمشق برز اسم مجاهد إسماعيل، وهو نائب القائد العام لكتائب البعث. وفي ريف حلب، عمر حسين الحسن وهو قيادي في لواء الباقر المدعوم من إيران، ومجيب الرحمن الدندن، الذي ترشح مستقلاً، وهو قيادي في فوج رعد المهدي المرتبط بإيران.

وفي محافظة حماة، هناك ماهر محفوظ قاورما، الذي ترشح عن حزب البعث، وهو قائد مليشيا الدفاع الوطني في بلدة محردة. وأيضاً مصطفى سكري المصطفى الذي ترشح عن حزب البعث وهو ضابط شرطة متقاعد وقيادي في مليشيا "كتائب البعث". وعصام نبهان سباهي الذي ترشح عن حزب البعث، وهو نائب قائد "لواء البعث" في مليشيا الدفاع الوطني، وعروبة نايف محفوظ الذي ترشح مستقلاً، وهو من "فوج الحوارث" في قوات النمر، وكان قبل ذلك في المخابرات الجوية. وفي محافظة دير الزور، برز اسم فراس الجهام، المعروف باسم "فراس العراقية"، وهو قائد مليشيا الدفاع الوطني في المحافظة. وكذلك مدلول عمر العزيز، القيادي في الدفاع الوطني، وهو قريب من إيران، وكان يعمل في الأصل في المخابرات الجوية.

وفي محافظة الحسكة، برز اسم علي عودة الجعضان الفائز عن حزب البعث، المنتمي لمليشيا الدفاع الوطني في المحافظة. ومثله أيضاً حسن حمزة سلومي. أما حسن محمد المسلط، فقد ترشح مستقلاً، وهو مسؤول مليشيا محلية، وعمله الأصلي في المخابرات العامة. وفي إدلب، فاز أحمد المبارك، وهو قائد مجموعة محلية رديفة لقوات النظام. كما لوحظ وجود عدد كبير من الضباط السابقين المتقاعدين من الجيش والأمن والشرطة، مثل عبد الرزاق صالح بركات من ريف حلب، الذي فاز على قوائم البعث، وهو ضابط شرطة سابق، ويوسف حسن السلامة من حمص، وهو ضابط جيش وعمل كقائد لكتائب البعث في دمشق، وعبد الناصر أحمد الحريري عن درعا من حزب البعث وهو ضابط سابق في الجيش، ووائل أحمد ملحم من حمص وعمل سابقاً في الأمن السياسي.

وسجلت الانتخابات وصول العديد من رجال الأعمال ممن كانوا أصلاً في المجالس السابقة، مثل رجل الأعمال محمد حمشو (مستقل)، المدرج على قوائم "عقوبات قيصر"، والمقرب من شقيق رئيس النظام ماهر الأسد. ومن رجال الأعمال الفائزين عن محافظة دمشق أيضاً بلال محمد النعال، وهو مؤسس شركة "قاسيون مول"، وشريك في مجموعة مطاعم في دمشق والمحافظات. وسبق لوزارة المالية أن حجزت أمواله في عام 2019 بتهم الفساد، قبل رفع الحجز في وقت لاحق. ومن ريف محافظة حلب، فاز رجل الأعمال آلان محمد علي بكر، وعهد ضاهر السكري من محافظة حمص، الذي أسس عام 2013 مؤسسة لرعاية "ذوي الشهداء".

وفاز في محافظة حماة أيمن ملندي، وهو نقيب "نقابة مقاولي الإنشاءات" وعضو مجلس إدارة "اتحاد غرف التجارة السورية"، وعضو مجلس الشعب السوري منذ عام 2012 عن حزب البعث. ومن محافظة اللاذقية، فاز زين العابدين رياض عباس، وكان عضواً في المجلس السابق. ومن محافظة درعا، جنوبي البلاد، فاز رجل الأعمال فاروق قاسم الحمادي، وهو من مواليد مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، وكان عضواً مستقلاً في مجلس الشعب السوري السابق، وعمل سابقاً في التهريب والتزوير، بالتعاون مع مسؤولين في النظام السوري، ثم طور عمله إلى تهريب وتجارة المخدرات مكوّناً ثروة كبيرة، وفق ناشطين من المحافظة، الذين أشاروا إلى أنه بادر مع عضو مجلس الشعب السوري السابق رياض الشتوي الى دفع ثمن تمثال حافظ الأسد الجديد في محافظة درعا.


من بين الفائزين عن محافظة دمشق وريفها أربعة أشخاص متحدرين من الساحل السوري

تمثيل غير عادل للمحافظات

ولم تمثل بعض الأسماء الفائزة المحافظات التي فازت فيها، إذ إنه من بين الفائزين عن محافظة دمشق وريفها أربعة أشخاص متحدرين من الساحل السوري، وهم عهد صالح الكنج ورائدة وقاف وخليل مرشد ونوس ومجاهد إسماعيل. وفي تعليقه على هذه النقطة، قال الصحافي محمد منصور لـ"العربي الجديد"، إنه في كل الانتخابات البرلمانية في العالم ينتمي المرشحون عادة إلى المناطق التي يرشحون أنفسهم عنها، سواء كان هذا الانتماء بالنسب ومسقط الرأس أم بالنشاط السياسي. ولفت منصور إلى أنه سبق للصحافي نجيب الريس أن رشح نفسه، وهو ابن مدينة حماة، عن مدينة دمشق في أربعينيات القرن الماضي، لأن نشاطه السياسي والصحافي ولد ونما ونضج في دمشق، لكن بالطبع حصل ذلك كاستثناء. ولوحظ أيضاً أنه من بين الفائزين الـ14 في محافظة الحسكة، شمال شرقي سورية، التي يشكل الأكراد نسبة عالية من سكانها، لا يوجد سوى كردي واحد، إضافة إلى سرياني واحد، والباقون من العشائر العربية في المحافظة.

وتعليقاً على ذلك، قال الباحث الأكاديمي الكردي فريد سعدون لـ"العربي الجديد"، إن استبعاد التمثيل الكردي في مجلس الشعب السوري يعود إلى عدة أسباب، أبرزها الفساد والمحسوبيات من جانب الجهات المكلفة بالاختيار في النظام السوري، مثل اللجنة المشكلة من المحافظ وأمين فرع حزب البعث واللجنة الأمنية، إضافة إلى أن الأحزاب الكردية قاطعت الانتخابات، كما رفضت الإدارة الذاتية المشاركة في الانتخابات. وأعرب سعدون عن اعتقاده بأن النظام في دمشق أراد إعطاء انطباع بأن محافظة الحسكة يغلب عليها الطابع العربي والبعثي وليس الكردي، فلم ينجح سوى شخص واحد محسوب على الأكراد هو بشار سليمان وسيدة سريانية هي نور يعقوب دره، والباقون من العشائر العربية، وكان الأجدر بالنظام توسيع هذا التمثيل ليعكس بشكل عادل كل مكونات المنطقة.

أما في محافظة القنيطرة الجنوبية، فاعتبر الناشط الحقوقي عبد الحميد الحشيش، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "في إطار هذا التمثيل الفاسد، تجدر الملاحظة بأن الفائزين عن محافظة القنيطرة مثلاً، وعددهم خمسة نواب، جميعهم من مدينة القنيطرة التي لا يزيد عدد سكانها الحاليين عن مائة ألف نسمة، بينما أغلب سكانها من النازحين ويقيمون في ريف دمشق ومحافظة درعا، وعددهم نحو مليون شخص، ولا يوجد عنهم أي نائب".

المساهمون