انتخابات مجلس الأمة الكويتي: عودة مشاركة المحرومين بموجب "قانون المسيء"

03 ابريل 2024
ينطبق على الداهوم (يسار) شرط "ردّ الاعتبار" (نوفل إبراهيم/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الكويت تشهد تحولاً في الساحة السياسية مع السماح لمعارضين سابقين بالترشح في انتخابات مجلس الأمة بعد "مرسوم ضرورة" يرد الاعتبار لهم، مما يعكس تغييراً في تعامل الدولة مع المعارضة.
- سجال قانوني وسياسي طويل حول قانون الانتخابات الذي يحرم المدانين بالمساس بالذات الأميرية من الترشح، انتهى بقرارات قضائية تحرمهم أبدياً ما لم يتم تعديل القانون، مما أثار جدلاً واسعاً.
- الانتخابات المقبلة تمثل نقطة تحول بعودة معارضين بارزين مثل بدر الداهوم وخالد شخّير المطيري، مما يفتح الباب لمشاركة أوسع ويعزز الت pluralism والتنوع في الآراء داخل مجلس الأمة.

تشهد انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، المقررة غداً الخميس، عودة عدد من المعارضين السياسيين الذين دينوا على خلفية قضايا المساس بالذات الأميرية، خاصة في أعقاب الحراك الاحتجاجي المُعارض في الكويت في العام 2014.

وبعدما كان قانون الانتخابات السابق يحرمهم بشكل نهائي من الترشح للانتخابات، سمح "مرسوم ضرورة" (مرسوم أميري) بشأن انتخابات أعضاء البرلمان، الصادر أخيراً، بعودتهم إلى الحياة السياسية من جديد. كذلك سمح المرسوم الصادر في 21 فبراير/شباط الماضي، بترشح كل من دين بجرائم المساس بالذات الأميرية "بعد ردّ الاعتبار" إليهم.

سمح مرسوم أميري بعودة المعارضين إلى الحياة السياسية من جديد

وهذه العبارة كانت من أهم التعديلات التي اشتملت على قانون الانتخابات الجديد (المفوضية العامة للانتخابات)، الذي أقرّه مجلس الأمة المنحلّ أخيراً، إلا أنه لم يُفعّل بسبب خلل قانوني في تطبيقه، وعليه جاء المرسوم ليسدّ هذا الفراغ التشريعي.

ومن السياسيين المُشاركين في انتخابات الغد، والذين ينطبق عليهم شرط "ردّ الاعتبار" النوّاب السابقون: بدر الداهوم، وخالد شخّير المطيري، وعبد الله البرغش، إلى جانب عايض أبو خوصة العتيبي، وجميعهم ترشحوا في الدائرة الخامسة، بالإضافة إلى أبرز قادة الحراك الاحتجاجي من الشباب، وهم أنور الفكر ومساعد القريفة اللذان يتنافسان في الدائرة الرابعة.

سجال لسنوات حول منع الترشح في انتخابات مجلس الأمة

وشهدت أروقة المحاكم طيلة السنوات الماضية سجالاً بشأن حرمان المعارضين الكويتيين المدانين بالمساس بالذات الأميرية من الترشح لعدة دورات انتخابية.

وبدأ السجال مع انتخابات مجلس الأمة 2016، بعد قرار قطاع واسع من المعارضة استئناف المشاركة في الانتخابات، عقب إعلانها المقاطعة، اعتراضاً على النظام الانتخابي بالصوت الواحد.

وتواصل السجال خلال انتخابات مجلسي 2020 و2022، إلى أن حسمت المحكمة الدستورية في البلاد الجدل حوله نهائياً. وبدأت قصة قانون انتخابات مجلس الأمة السابق، وفق تعديل أُجري في مجلس 2013 على قانون صدر في العام 2016، اشُتهر باسم "قانون المسيء"، بعدما أضاف التعديل آنذاك حرمان المسيء إلى "الذات الأميرية" من الترشح للانتخابات.

وحينها، كان يقضي زعيم المعارضة مسلّم البراك عقوبة السجن على خلفية خطابه "كفى عبثاً"، الذي وجّهه مباشرةً إلى أمير الكويت في ذلك الحين صباح الأحمد الجابر الصباح عام 2014، ودين فيه بالإساءة إلى الذات الأميرية.

ويومها وُصف التعديل على قانون الانتخابات من قِبل الشارع الكويتي بأنه يستهدف البراك، وقُوبل بهجوم واسع طاول رئيس مجلس الأمة آنذاك مرزوق الغانم، كونه مهندس تعديل القانون، والذي يسعى من خلاله إلى تصفية خصومه السياسيين، بحسب وصفهم. لكن الغانم خرج وقتها مدافعاً عن القانون، كما دافع عن نفسه بالردّ على تهمة الإطاحة بخصومه، مُبيّناً أن القانون لا يُطبّق بأثر رجعي، بل بعد صدوره رسمياً.

صدمة المعارضة في انتخابات 2016

وفي أول انتخابات عقب صدور "قانون المسيء"، وتحديداً في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، تلّقت المعارضة الصدمة بعد شطب إحدى شخصياتها البارزة من الانتخابات، وهو بدر الداهوم، الذي طعن على القرار في المحكمة، وصولاً إلى درجة محكمة التمييز التي أيّدت الشطب، واستندت في حكمها إلى التعديل في قانون الانتخابات، وسجّلت سابقة تطبيقه بأثر رجعي.

وتقدّم حينها الداهوم إلى المحكمة الدستورية بالطعن على حكم التمييز، كونها طبّقت نص التعديل على القانون بأثر رجعي، وذلك على شبهة عدم دستورية الحكم. لكن المحكمة الدستورية اعتبرت أنه خارج نطاق اختصاصها.

شطب بدر الداهوم وآخرين

بعد ذلك، وفي انتخابات 2020، التي أُجريت في 5 ديسمبر/ كانون الأول، بعد توسع مشاركة المعارضة في الانتخابات، شُطب بدر الداهوم برفقة مُعارضين آخرين، من بينهم أنور الفكر، وخالد النيف، وعايض أبو خوصة. وتقدّم الأربعة حينها بالطعن على قرارات الشطب، وأعادت محكمة التمييز الداهوم باعتباره حاصلا على "ردّ الاعتبار"، بينما شطبت الآخرين لتعذّر حصولهم على هذا الشرط.

شهدت أروقة المحاكم سجالاً بشأن حرمان المعارضين المدانين بالمساس بالذات الأميرية من الترشح

في ما بعد، طُعن على عضوية بدر الداهوم في مجلس 2020، الذي كان يتزعّم حينها المعارضة داخل البرلمان، وقررت المحكمة الدستورية إبطال عضويته، وذلك بسبب بطلان صحة ترشحه على خلفية "قانون المسيء".

وأُجريت انتخابات تكميلية في الدائرة الخامسة على مقعده، على الرغم من دخوله انتخابات مجلس الأمة بحكم تمييز نهائي بعد حصوله على ردّ الاعتبار، ما أدخل البلاد إثر تعارض الحكمين في دوامة جدل قانوني جديد.

وجاءت انتخابات مجلس 2022، ولم يُمكّن الداهوم من الترشح إثر حكم المحكمة الدستورية، حيث شُطب هذه المرة قيده نهائياً من جداول الناخبين. في المقابل، خاض معارضون آخرون الانتخابات، ممن دينوا بالمساس بالذات الأميرية، وهم النوّاب السابقون نايف المرداس وخالد شخّير المطيري وعبد الله البرغش، بالإضافة إلى أنور الفكر وعايض أبو خوصة ومساعد القريفة، الذين استندوا في ترشحهم هذه المرة إلى حصولهم أيضاً على "ردّ الاعتبار" من القضاء.

ومن جديد، تعرّض المرشحون المُدانون في ذات القضايا إلى الشطب، وعند لجوئهم إلى القضاء، تعارضت أيضاً درجات التقاضي ما بين عودة عدد منهم واستبعاد آخرين، لتُحيل محكمة الاستئناف القضية إلى المحكمة الدستورية، التي حسمت الجدل نهائياً بحرمان المُدانين حرماناً أبدياً من الانتخابات، ما لم يجر تعديل تشريعي على القانون من قِبل مجلس الأمة.

المساهمون