انتخابات الرئاسة الأميركية: اندفاعةٌ لحملة نيكي هايلي

26 نوفمبر 2023
هايلي خلال مناظرة جمهورية في 8 نوفمبر الحالي (Getty)
+ الخط -

يجنح الإعلام الأميركي، هذه الأيام، إلى تسليط الضوء على المرشحة الجمهورية للرئاسة المبعوثة الأميركية السابقة إلى الأمم المتحدة نيكي هايلي كالاسم الأكثر قدرة بين المتنافسين الجمهوريين على المنصب على هزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب في تمهيديات الحزب للرئاسة، التي تبدأ في ولاية أيوا في 15 يناير/كانون الثاني المقبل.

نيكي هايلي بديلة عن ترامب

ويُطرح اسم هايلي بديلاً عن ترامب، في ما يسمى إعلام الـ"ماين ستريم"، أو الإعلام المُسيطر في الولايات المتحدة، ويبدو ذلك عاملاً مساعداً، وقد يكون مقصوداً، لتزكيتها، بناء على عدة مؤشرات لا تزال ضعيفة، لترجيح إمكانية هزم ترامب، الذي لا يزال متصدراً استطلاعات الرأي الجمهورية على مقربة من أول انتخابات تمهيدية للحزب، ورغم مشاغله القضائية. واللافت أن هناك من يقول في الإعلام إن هايلي قد تكون الوحيدة القادرة على تبديل المشهد الأكثر ترجيحاً بعد أقل من عام، وهو رؤية الرئيس جو بايدن يتنافس مجدداً مع ترامب في السباق الرئاسي المقرّر في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وذلك باستبعاد تام لإمكانية أن يحقق حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس خرقاً في هذا المجال، رغم أنه هو، وليس هايلي، من يتصدر المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي.

ولا يزال ترامب متصدراً هذه الاستطلاعات، وبفارق بعيد عن منافسيه، حيث يحصل دائماً على ما بين 40 و50 نقطة، يليه ديسانتيس، ثم هايلي، التي تقترب من حاكم فلوريدا في بعض الاستطلاعات. أما باقي المرشحين الجمهوريين، وهم الحاكم السابق لنيوجرسي كريس كريستي ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي وحاكم أركنساس السابق آسا هاتسينسون وحاكم داكوتا الشمالية دوغ بورغوم، فلا يتخطى أي منهم حالياً عتبة الـ5 في المائة بالاستطلاعات، ومنهم من لا يزال مصمماً على استكمال سباق لا يتحمل كلفته، في مقابل انسحاب آخرين، أمثال تيم سكوت ومايك بنس.

تبدو هايلي ترامبية حين تهاجم الصين والهجرة غير النظامية

ويرى متابعون أن هايلي، ورغم بقائها في المرتبة الثالثة، إلا أنها تخطت الـ10 في المائة من الأصوات، وترتفع أرقامها صعوداً منذ أسابيع، فيما يستقر ديسانتيس على نسبة معيّنة. ومن جهة أخرى، تلفت بعض التقارير إلى أن المبعوثة السابقة إلى الأمم المتحدة تمكنت من جذب عدد كبير من كبار المانحين الجمهوريين أخيراً، علماً أن ترامب يبقى الأكثر جمعاً للأموال من بين المتنافسين.

ولهذا السبب، يعتقد خبراء أن هذا الوضع، أي صعود هايلي في الاستطلاعات والتمويل السخي الذي تحصل عليه، قد يخلق دينامية انتخابية، بإمكانها أن تستفيد من زخم معيّن قد تحدثه أول أربع انتخابات تمهيدية للحزب، خلال شهري يناير وفبراير/شباط المقبلين، ومن بينهم في كارولينا الجنوبية، مسقط رأس هايلي، التي كانت حاكمة الولاية لمرتين متتاليتين. وستجرى أول أربع انتخابات للحزب في أيوا ونيوهامشير ونيفادا وكارولينا الجنوبية على التوالي.

ولا يزال ذلك يحتاج ربما إلى "معجزة" أو تبدلاً جذرياً في مزاج الناخبين الجمهوريين الذين أصبح نصفهم على الأقل ترامبيون. لكن مركز "بروكينغز"، وتحت عنوان "هل تكون هايلي المفاجأة؟"، لفت في تقرير، نشره في 20 نوفمبر الحالي، إلى أنه رغم بقاء ترامب متقدماً بفارق كبير عن منافسيه، وحصوله على الصعيد الوطني في الاستطلاعات على 50 في المائة، إلا أنه في هذه الولايات الأوائل بالانتخابات، وتحديداً أيوا ونيوهامشير وكارولينا الجنوبية، يتقدم وصولاً إلى 40 وليس 50، بينما تمكنت هايلي من الاقتراب من ديسانتيس في أيوا (17 مقابل 15 في المائة)، ووصلت إلى المركز الثاني في نيوهامشير الشهر الماضي (هذه الأرقام بحسب موقع فايف ثيرتي آيت).

ورأت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أمس السبت، أن التحدي الذي تواجهه هايلي هو الحفاظ على الأصوات الجمهورية المعارضة لترامب، وإضافة بعض مؤيديه إليها. واعتبرت أن صعود هايلي في الاستطلاعات أخيراً يدلّ على انبعاث خطّ جمهوري تقليدي في وقت يسيطر فيه ترامب على الحزب. وأشارت إلى أن ذلك لن يكون كافياً لتسميتها، بحسب خبراء، إلا إذا تمكنت من انتزاع بعض الأصوات من قاعدة ترامب. وهذا الأمر برأي الصحيفة هو الاختبار لما إذا كان بإمكان أي شخصية أن توحد الحزب المنقسم.

"وول ستريت جورنال": التحدي الذي تواجهه هايلي هو الحفاظ على الأصوات الجمهورية المعارضة لترامب

وأكدت هايلي مراراً أنها قدمت إلى العمل الحكومي من "حزب الشاي"، وهي تبدو قريبة من ترامب، بحسب الصحيفة، حين تتحدث عن السياسة الضريبية أو دعم إسرائيل، وأكثر ترامبية حين تهاجم الصين والهجرة غير النظامية. وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن استطلاعات وطنية وفي ولايات المعارك، ترى أن هايلي مرشحة أكثر ضمانة من ترامب ضد بايدن، لكن عليها أولاً أن تتخطى ديسانتيس في الاستطلاعات، علماً أنه أقرب إلى ترامب في السياسة والطباع.

تمويل سخي من رجال الأعمال

من جهتها، سلّطت صحيفة "نيويورك تايمز"، أمس، الضوء على التمويل الذي بدأت تحظى به حملة هايلي، خصوصاً من مستثمرين ورؤساء تنفيذيين لشركات كبرى، بعدما أثارت إعجابهم في المناظرات التلفزيونية. ومن بين هؤلاء كينيث لانغون، أحد مؤسسي سلسلة متاجر "هوم ديبو" لمواد البناء، وجوناثان بوش، ابن عم الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، وهو جمهوري صوّت لبايدن في 2020، وإريك ليفين، أحد الممولين الجمهوريين المعروفين.

وبحسب الصحيفة، فإن كبار الأثرياء الجمهوريين منقسمون إلى قسمين: قسم استسلموا لفكرة أن ترامب، ومهما كان الشعور تجاهه، سيكون على الأرجح مرشح الحزب، ولذلك فقد أوقفوا تمويل مرشحين آخرين. أما القسم الثاني، فيعتبر أنه بالتمويل اللازم، والحملة الذكية، بإمكان هايلي أن تزيح الرئيس السابق من المشهد.

على الصعيد الوطني، ولأن مسألة الانتخابات حسابية بحتة، اعتبر كاتب الرأي كولبيرت كينغ، في "واشنطن بوست"، أول من أمس الجمعة، أن فوز بايدن أو خسارته يعتمد على تصويت المواطنين من أصول أفريقية، محذراً من أن ما أصاب البلاد خلال ولاية ترامب لم يكن بسببه، ولكن بسبب خفوت إقبال هذه الشريحة على التصويت لهيلاري كلينتون في 2016. وأوضح كينغ أن تصويت المواطنين من أصول أفريقية تراجع في 2016، للمرة الأولى منذ 20 عاماً، إلى 59.6 في المائة، أي بفارق 7 نقاط عن 2012. وإذ رأى مثلاً أن ترامب في 2016 فاز بولاية ميشيغين بفارق 11 ألف صوت، إلا أن 277 ألف ناخب من أصول أفريقية لم يصوّتوا حينها.

المساهمون