اليمن: الأمم المتحدة تعلن تمديداً جديداً للهدنة بنفس الشروط

02 اغسطس 2022
هل تتمكن الأمم المتحدة من توسيع اتفاق الهدنة والتوصل إلى تسوية للصراع في اليمن؟ (Getty)
+ الخط -

أعلنت الأمم المتحدة أمس الثلاثاء، عن تجديد الهدنة الأممية في اليمن لمدة شهرين إضافيين، بعد أربعة أشهر من إعلانها في مطلع إبريل/نيسان الماضي، بعد حراك دبلوماسي وضغوط ووساطات دولية بين الأطراف اليمنية خلال الأيام الماضية.

وقال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في بيان صحافي إنَّ "الطرفين اتَّفَقَا على تمديد الهدنة بالشروط ذاتها لمدة شهرين إضافيين من 2 أغسطس/آب 2022 وحتى 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022، ويتضمن هذا التمديد للهدنة التزاماً من الأطراف بتكثيف المفاوضات للوصول إلى اتفاق هدنة موسَّع".

وأضاف: "سوف أكثِّف جهودي أيضاً مع الطرفين للتوصل في أقرب وقت ممكن إلى اتفاق هدنة موسَّع للتوصل لاتفاق على آلية صرف شفافة وفعّالة لسداد رواتب الموظفين بشكل منتظم، وفتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير المزيد من وجهات السفر من مطار صنعاء وإليه، وتوفير الوقود وانتظام تدفقه عبر موانئ الحديدة".

وتابع البيان: "ومن شأن الاتفاق الموسّع أن يوفّر أيضاً الفرصة للتفاوض على وقف إطلاق نار شامل وعلى القضايا الإنسانية والاقتصادية وللتحضير لاستئناف العملية السياسية بقيادة اليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة للوصول إلى سلام مستدام وعادل".

وأعلن المبعوث الأممي غروندبرغ أن الطرفين اتفقا على تمديد الهدنة في اليمن، بموجب نفس الشروط لمدة شهرين إضافيين. ويشمل هذا التمديد التزاماً باستمرار المفاوضات بُغية التوصل إلى اتفاق هدنة موسع في أسرع وقت ممكن".

وقبيل ساعات من الإعلان عن تمديد الهدنة، قال رئيس وفد الحوثيين التفاوضي محمد عبد السلام محمد، إن الوفد العماني أنهى زيارته إلى صنعاء بعد إجراء العديد من اللقاءات مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي ورئيس المجلس السياسي (مجلس حكم الجماعة) مهدي المشاط تركزت حول مسار الهدنة.

وأضاف في تغريدة بحسابه على موقع تويتر: "لقاءات الوفد العماني ناقشت الهدنة الإنسانية والعسكرية وصرف المرتبات وتعزيز فرص وقف الحرب ورفع الحصار"، ولم يصدر الوفد العماني أي بيان عن لقائه قيادة الحوثيين بصنعاء. ويعتقد أن الوفد العماني هو الذي قاد الوساطة لإقناع جماعة الحوثي بتمديد الهدنة.

وقادت واشنطن جهودا دولية واسعة لتمديد الهدنة خلال الأسبوع الماضي، وأجرى المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ جولة شملت كلا من السعودية وعمان والأردن ضمن الجهود الدبلوماسية لتمديد الهدنة. كما أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اتصالات مع كل من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، ووزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، وبحث معهما جهود تمديد الهدنة.

هدف تمديد الهدنة 

وقال المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، في بيانه اليوم إن "الهدف الرئيسي من الهدنة الحالية هو توفير انفراجة ملموسة للمدنيين في البنود التي تتضمنها الهدنة، وإيجاد بيئة مؤاتية لبلوغ تسوية سلمية للنِّزاع من خلال عملية سياسية شاملة".

وجاء في البيان: "خلال الأسابيع المقبلة، سوف أكثِّف انخراطي مع الأطراف لضمان التنفيذ الكامل لجميع التزامات الأطراف بالهدنة، بما في ذلك تنفيذ العدد الكامل للرحلات الجوية وانتظامها إلى الوجهات المتفق عليها من مطار صنعاء الدولي وإليه وكذلك عدد سفن الوقود التي تدخل إلى ميناء الحديدة كما ينص عليه اتفاق الهدنة".

وأضاف: "من المهم أيضاً إحراز تقدم حول فتح طرق في تعز وفي محافظات أخرى لتسهيل حرية حركة ملايين اليمنيين من نساء ورجال وأطفال وتسهيل تدفق السلع أيضاً"، لافتا إلى أن "سكان تعز والمحافظات الأخرى يستحقون أن تعود عليهم الهدنة بالمنفعة من كافة جوانبها".

وتطلب الحكومة اليمنية من المبعوث الأممي ضمان فتح الطرق في مدينة تعز، بالإضافة إلى منع الخروقات الحوثية المستمرة في قصف المناطق السكنية. في المقابل، يريد الحوثيون صرف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتهم من قبل الحكومة اليمنية الشرعية، بالإضافة إلى ضمان مكتسباتهم من بنود الهدنة والتي تحققت خلال الأشهر الأربعة الماضية.

وتم إعلان الهدنة الأممية بوقف كلي لإطلاق النار في الثاني من إبريل/ نيسان الماضي لمدة شهرين وتم تمديدها في 2 يونيو/حزيران بذات المدة، وإلى جانب ذلك ضمت بنودا إنسانية، في تدشين رحلات من مطار صنعاء والسماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى مدينة الحديدة، بالإضافة إلى فتح الطرق بتعز ومحافظات أخرى، وكل البنود نفذت ما عدا الأخير.

ورفض الحوثيون فتح الطرق بمدينة تعز خلال أشهر الهدنة الماضية، وأفشلوا جولتين من المحادثات بشأنها مع الحكومة اليمنية برعاية أممية في العاصمة الأردنية عمان، في الوقت الذي توقفت جهود المبعوث الأممي والمجتمع الدولي عند المطالبات والدعوات للحوثيين إلى فتح الطرق في تعز لتخفيف معاناة المدنيين.

ومع كل حديث عن تمديد الهدنة يطالب الحوثيون بإضافة بند صرف رواتب الموظفين من عائدات النفط والغاز في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في حين تؤكد الحكومة أن إيرادات المشتقات النفطية من ميناء الحديدة وبقية إيرادات المحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي كافية لدفع تلك الرواتب، وتتهم الحوثيين بنهبها لصالح جبهات القتال.

ترحيب حكومة عدن

ويأتي إعلان المبعوث الأممي عن تمديد الهدنة في اليمن، في وقت رحبت الحكومة اليمنية في عدن بإعلان المبعوث الأممي تمديد الهدنة لشهرين إضافيين.

وقالت في بيان لها إن الهدف الرئيسي للهدنة "هو إيقاف نزيف الدم اليمني بسبب الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي الانقلابية وتسهيل حرية حركة المدنيين وحركة السلع والخدمات الإنسانية والتجارية في كل أرجاء اليمن، وهو ما تحقق في ما يتصل بتسهيل السفر عبر مطار صنعاء ودخول المشتقات النفطية عبر موانئ الحديدة، إلا أن الحصار لا يزال مفروضا على مدينة تعز ولا يزال 4 ملايين نسمة من أبنائها يعانون ويل العقاب الوحشي الذي تفرضه المليشيات الحوثية في انتظار تحقيق وعود الهدنة رغم مرور أربعة أشهر منذ سريانها".

وشددت الحكومة اليمنية على ضرورة التطبيق الكامل لبنود الهدنة و"إيقاف كل الخروقات الحوثية وإنجاز ما لم يتم إنجازه خلال الفترة الماضية والشروع الفوري في فك الحصار الهمجي عن مدينة تعز وأهلها من خلال الفتح الفوري للطرق الرئيسية في تعز وبقية المحافظات، وضمان توظيف عوائد موانئ الحديدة لدفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية".

وأكدت في هذا الصدد دعمها الجاد لكافة جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص على طريق تحقيق السلام الشامل والعادل، وفقاً للمرجعيات الثلاث المتفق عليها، وفي مقدَّم ذلك القرار الدولي 2216.

الحوثيون يتفاعلون

من جانبها، قالت جماعة الحوثي، مساء أمس الثلاثاء، إن تمديد الهدنة الأممية في اليمن جاء بجهود من سلطنة عمان.  

وقال رئيس وفد الحوثيين التفاوضي محمد عبد السلام: "بجهود الأشقاء في سلطنة عمان والتي أتاحت الفرصة لتمديد الهدنة".  

وأضاف في تغريد بحسابه في "تويتر": "نجدد التأكيد على أهمية قيام الأمم المتحدة بالعمل المكثف على صرف المرتبات وفتح المطار والميناء وإنهاء الحصار، كون القضايا الإنسانية هي حقوق طبيعية للشعب اليمني، ومعالجتها عاجلا ضرورة للدخول في مراحل أكثر جدية وثباتا".

بايدن: مهمة لكنها ليست كافية على المدى الطويل

من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، إن اتفاق تجديد الهدنة الذي توصلت إليه الأطراف المتحاربة في اليمن ليس كافيا على المدى الطويل، وذلك وسط ضغوط دولية من أجل اتفاق موسع من شأنه أن يستفيد من أطول فترة هدوء نسبي منذ أكثر من سبع سنوات.

وأضاف بايدن في بيان: "كما ذكرت في آخر مرة مُددت فيها الهدنة، أدرك أنها، رغم كونها خطوة مهمة وضرورية لإنقاذ الأرواح، ليست كافية على المدى الطويل".

الهدنة لم تحمِ المدنيين

ورغم توقف القتال خلال أشهر الهدنة الماضية، لم تخلُ من الاتهامات المتبادلة بخروقات عسكرية، في الوقت الذي شهدت بعض المحافظات قصفا حوثيا استهدف مناطق سكنية وكان أبرزها مدينة تعز، بالإضافة إلى تحشيد عسكري نحو المدينة، وأول أمس الإثنين نظمت جماعة الحوثي عرضاً عسكرياً بشعار "إن عدتم عدنا" في المنطقة العسكرية الرابعة التي تضم تعز وعدن ومحافظات أخرى.

وشهدت الهدنة عشرات من الضحايا المدنيين، حيث أعلنت منظمة "إنقاذ الطفولة" الدولية أول أمس الإثنين، أن إجمالي الخسائر في صفوف المدنيين خلال الأشهر الأربعة للهدنة للفترة من 2 نيسان/إبريل وحتى 27 تموز/يوليو، بلغ 689 ضحية مدنية توزعوا بين 217 حالة قتل و472 إصابة، بينهم 120 طفلا بينهم 32 حالة قتل و88 حالة إصابة.

من جانبه، أعلن المرصد اليمني للألغام، توثيق 57 قتيلا، من بينهم 28 طفلا وأربع نساء، إضافة إلى 111 جريحًا بينهم 47 طفلا و8 نساء منذ بدء سريان الهدنة الأممية، وقال في بيان: "إلى جانب الخسائر البشرية هناك خسائر مادية تسببت بها حوادث انفجارات الألغام والمقذوفات، تمثلت في تدمير مركبات ونفوق نحو 40 رأسا من الماشية (أغنام وإبل)".

يذكر أن الحكومة اليمنية كانت ترى أن الهدنة تعثرت في أهم بنودها في ما يخص فتح الطرق في مدينة تعز، بالإضافة إلى استمرار استهداف المدنيين، في الوقت الذي تم تنفيذ البنود التي تخص مناطق سيطرة الحوثيين، ومنها بدء رحلات جوية من مطار صنعاء الدولي، والسماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى الحديدة، في حين لم يمارس المجتمع الدولي أي ضغوط على الحوثيين لتنفيذ التزامات الهدنة.

وكانت الأمم المتحدة قد كثّفت مساعيها لتمديد الهدنة التي كانت سارية في اليمن منذ 4 أشهر، يسندها في ذلك ضغط كبير، ولا سيما من قبل الولايات المتحدة ودول إقليمية، في ظل اشتراطات للحوثيين، المدعومين من إيران، ورفض حكومي لأي شروط جديدة.

المساهمون