تمضي التشكيلات المسلحة التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، المنادي بالانفصال عن اليمن، في توسيع نفوذها وسيطرتها في محافظة أبين شرق عدن وبوابتها الشرقية، بعد أن وصلت قوات كبيرة تابعة للمجلس إلى مديرية المحفد، أمس السبت، معززة بعتاد وتجهيزات عسكرية ولوجستية متطورة ضمن ما أطلق عليها المرحلة الرابعة من عملية "سهام الشرق".
وأعلن المتحدث باسم ما تسمى "القوات المسلحة الجنوبية" محمد النقيب، لوسائل الإعلام، أمس السبت، عن بدء عملية "سهام الشرق" العسكرية في مرحلتها الرابعة، لاستكمال اجتثاث وتطهير أبين مما سماها "الجماعات الإرهابية"، متحدثاً عن "طرد عناصر تنظيم القاعدة منها". وكانت ما تسمى بـ"القوات المسلحة الجنوبية"، قد أعلنت، في أغسطس/آب الماضي، عن عملية عسكرية جديدة في محافظة أبين، ضد ما سمّتها "التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في المحافظة".
وقال مصدر عسكري في محور أبين العسكري، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إنّ عملية السيطرة على مديرية المحفد، جاءت متزامنة مع تحركات قوات دفاع شبوة (تتبع للمجلس أيضاً). وأوضح أنّ القوتين العسكريتين التقتا في منطقة العرم في شبوة، بعد السيطرة على مديرية المحفد، نافياً وجود أي خسائر في صفوف قواتهم، رغم زرع "الجماعات الإرهابية العبوات الناسفة والألغام"، وفق قوله.
يذكر أنّ سيطرة التشكيلات التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" على مديرية المحفد، تأتي بعد سنوات من التوتر شهدتها المديرية. فقد كانت مسرحاً لعمليات عسكرية متبادلة بين عناصر "القاعدة"، وبين قوات الأمن أو الجيش في أبين، وبين القوات التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي". وكانت عناصر "القاعدة" قد فرّت إلى المحفد مع دخول قوات "الانتقالي" إلى أبين، والسيطرة على أغلب المناطق بما فيها معاقل لعناصر التنظيم.
وقال القيادي الميداني في قوات الجيش اليمني، يونس المحفدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الصراع الذي كان جارياً في أبين بين الشرعية و"الانتقالي" أعطى مساحة سواء لعناصر تنظيم القاعدة أو غيرهم، للحركة أكثر في عدد من مناطق أبين، لأنّ الطرفين كانا يتفاديان الدخول في معركة جانبية وجديدة، لا سيما مع هذه التنظيمات المتطرفة لأنها تحتاج إلى قوة كبيرة وحذر شديد نظراً لوعورة التضاريس الجغرافية المعقدة الممتدة والواسعة.
المحفدي، وهو من القيادات الميدانية التي تشارك في مواجهة الحوثيين في حدود البيضاء، قال إنّ جماعة "أنصار الله"(الحوثيين) حاولوا خلال الفترات الماضية أن يستغلوا الصراع القائم بين الانتقالي والشرعية وأيضاً حركة تنظيم القاعدة، في محاولة لتهريب الأسلحة أو اختراق أبين لتهديد عدن.
وبرأيه فإنّ التشكيلات المسلحة التي سيطرت على المحفد، "أمام تحدٍ حقيقي" في تأمين أبين وقطع الطريق أمام تلك التهديدات، لا سيما بعدما سيطرت على غالبية المناطق في أبين بما فيها تلك التي كانت تنتشر فيها الجماعات المتطرفة، إضافة إلى قطع الطريق الذي كانت تستخدمه تلك الجماعات بين شبوة وأبين.
ويسود اعتقاد لدى مراقبين بأنّ "الانتقالي" مستمر في خطواته لبسط سيطرته على جميع المناطق في جنوب اليمن. وبعد أن عمل على تأمين شبوة وأخضعها لسيطرته، واصل الأمر في أبين للهيمنة عليها على غرار عدن وشبوة.
وتحقق السيطرة على هذه المحافظات أكثر من هدف لـ"الانتقالي" من بينها بسط نفوذه من على الساحل الممتد من حضرموت مروراً بشبوة وأبين حتى باب المندب. كذلك يكون "الانتقالي" قد حصر مواجهة الحوثيين، المتواجدين بحدود محافظتي شبوة وأيين، بتشكيلاته المسلحة وتحت قيادته.
كما يسود اعتقاد بأن "الانتقالي" قطع الطريق أمام أي محاولات لأي طرف محلي أو خارجي لدعم أو استخدام أي طرف جنوبي آخر، لمواجهة وإعاقة خطوات "الانتقالي" الهادف لبسط سيطرته الكاملة على الجنوب عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.
وفي السياق، قال مصدر في "الانتقالي"، لـ"العربي الجديد"، إنّ المجلس "يتحرك وهو يدرك ما يحاك ضده وما تخطط له الأطراف، سواء على المستوى المحلي أو ما تريده أطراف خارجية، لذلك يقود خطواته في اتجاهين؛ الأول سياسي ودبلوماسي، سواء التقارب مع الأطراف الجنوبية الأخرى من خلال إجراء حوارات مباشرة أو غير مباشرة، في نفس الوقت الذي يتحرك لتحسين وتطوير علاقاته الدبلوماسية مع الأطراف العربية والدولية".
ووفقاً للمصدر نفسه، فإنّ "الاتجاه الثاني عسكري - أمني من خلال مواصلة بسط سيطرته على الأراضي الجنوبية، وتأمينها من خلال تطهيرها من الجماعات المتطرفة وغير المتطرفة التي قد تتسبب في فوضى أو هزات أمنية".
وتتجه الأنظار بعد اقتراب إكمال "الانتقالي" سيطرته على أبين بعد دخول غالبية مراكز المديريات فيها، إلى ثلاث جهات أساسية؛ وهي إما وادي حضرموت أو المهرة أو ما تبقى من لحج بحدودها مع محافظة تعز، وسط ترقب لأي جبهة سيقرر المجلس تحريكها أولاً.