الهدنة اليمنية تصمد في أسبوعها الأول رغم الخروقات

09 ابريل 2022
إذا صمدت الهدنة طوال شهرين كاملين فستكون الأنجح منذ بدء الحرب عام 2015 (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

صمد وقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في الأسبوع الأول من سريان الهدنة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة، رغم الخروقات المتصاعدة في عدد من جبهات القتال، وتحديداً في محافظة مأرب، شرقيّ اليمن.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قد أعلن، السبت الماضي، هدنة إنسانية لمدة شهرين، تتضمن وقفاً لكل الأعمال العسكرية، فضلاً عن رفع جزئي للحظر المفروض من التحالف الذي تقوده السعودية على ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وكذلك فتح المعابر في مدينة تعز وباقي المدن اليمنية.

ومع مرور الأسبوع الأول، كان وقف الأعمال العدائية، وخصوصاً الغارات الجوية والهجمات الحوثية على الأراضي السعودية، المكسب الأبرز من الهدنة التي تستمر حتى الثاني من يونيو/حزيران المقبل، بالإضافة إلى دخول عدد من سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، فيما لا يزال باقي البنود الخاصة بمطار صنعاء ومعابر تعز مجمّداً حتى الآن.

وعلى مدار الأيام الماضية، ظلّت الأطراف اليمنية تتبادل الاتهامات بارتكاب الخروقات لقرار وقف إطلاق النار في عدد من الجبهات، وخصوصاً محافظة مأرب الغنية بالنفط، وهو ما جعل الأمم المتحدة تعرب عن قلقها وتحثّ على "التحلّي بضبط النفس".

وقال رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، في تصريحات صحافية فجر اليوم السبت، إنّ "أي لغة متماهية مع الخروقات لن تساعد على صمود الهدنة"، متوعّداً بـ"رد فعل آخر" إذا استمرت جماعة الحوثيين بخرق وقف إطلاق النار و"الاستسلام لأجندة إيران"، بحسب قوله.

في المقابل، تحدث نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً حسين العزي عن تطبيق "هش" للهدنة الأممية، التي حظيت بمباركة إقليمية ودولية واسعة.

وخلافاً لخرق وقف إطلاق النار في مأرب، ذكر المسؤول الحوثي، في تغريدة على "تويتر"، أنه لم يُسمَح بأي رحلة جوية في مطار صنعاء، فيما تتعرض سفن الوقود للاحتجاز من التحالف، والاقتياد إلى قبالة ميناء جازان السعودي، رغم خضوعها للتفتيش والحصول على تراخيص أممية.

وكان التحالف قد أفرج عن أربع سفن وقود خلال الأسبوع الأول من الهدنة، التي من المقرر أن يتخللها دخول 18 سفينة على مدار شهرين، لكن جماعة الحوثيين حاولت إدخال سفينة بنزين خامسة مساء أول من أمس الخميس.

ولا تُعرف أسباب عدم رفع الحظر الجوي عن مطار صنعاء، رغم الاتفاق على رحلتين أسبوعياً إلى مصر والأردن. ووفقاً لمصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، فإنّ الحكومة اليمنية تضغط على فتح متزامن لمطار صنعاء والمعابر الإنسانية في مدينة تعز.

مسار تصاعدي

شهدت خروقات وقف إطلاق النار مساراً تصاعدياً منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ، مساء السبت الماضي، وذلك بعد أيام من الالتزام الملحوظ بالهدنة الأحادية التي أعلنها التحالف الذي تقوده السعودية تزامناً مع انطلاق مشاورات الرياض.

ووفقاً للبيانات الرسمية التي اطلع عليها "العربي الجديد" منذ سريان الهدنة وحتى مساء أمس الجمعة، رصد الجيش اليمني 610 خروقات حوثية لوقف إطلاق النار، فيما أعلنت جماعة الحوثيين رصدها 766 خرقاً للقوات الحكومية والتحالف.

وابتداءً من 74 خرقاً حوثياً في اليوم الأول للهدنة، ارتفع المعدل اليومي إلى 136، قبل أن يتراجع إلى 108 خروقات أمس الجمعة، وفقاً لبيانات رسمية للقوات الحكومية التي تتخوف من "نيّات حوثية مبيّتة".

وقال العقيد صالح القطيبي، وهو نائب مدير المركز الإعلامي للجيش اليمني، إنّ "المليشيا الحوثية لم تلتزم إطلاقاً الهدنة، حيث تستغل غياب الطيران الحربي للتحالف في حفر الخنادق وتشييد تحصينات دفاعية وحشد العربات إلى الخطوط الأمامية، وهو ما يشير إلى أنها تحضّر لمعركة قادمة".

وأضاف القطيبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "المعارك ليست مستمرة بمعناها الحقيقي كهجوم بري واسع، أول من أمس الخميس فقط، حاولت المليشيا الحوثية شنّ هجوم في الأعيرف جنوبي مأرب ودُحرت، ويوم أمس الجمعة، شنّت هجوماً بطائرة مسيرة على دورية للجيش الوطني، ما أدى إلى إعطابها، وكذلك استهدفت مواقع الجيش في العكد (بمأرب) بهجوم مماثل، ما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود".

وأشار القطيبي إلى أنّ "قوات الجيش الوطني ملتزمة الهدنة وتتعامل بحذر مع التحركات الحوثية، وترد على مصدر إطلاق النار في حال حدوث انتهاكات".

على الضفة الأخرى، كانت أغلب الخروقات التي رصدها الحوثيون للتحالف عبارة عن تحليق للطيران الحربي في الأجواء اليمنية، وكذلك الطيران المسّير الاستطلاعي، من دون شنّ غارات جوية. ومساء أمس الجمعة فقط، أحصت جماعة الحوثيين 78 خرقاً من هذا النوع، وذلك بإجمالي 152 على مستوى اليمن.

وتمثلت باقي الخروقات، وفق رواية الحوثيين، في "استحداث تحصينات دفاعية وإطلاق نار وقصف مدفعي"، لكن التطور الجديد كان في حديث الحوثيين، أمس الجمعة، عن زحف للجيش اليمني على مواقعهم في العكد بمأرب، وهو ذات الاتهام الذي ساقته القوات الحكومية.

ونظراً لعدم وجود نقاط تماس واضحة المعالم في الجبهات وغياب فرق الرقابة، من المتوقع أن تستمر خروقات وقف إطلاق النار المتبادلة بشكل دائم طوال أيام الهدنة.

ودائماً ما كانت الهُدن السابقة عرضة لانهيار سريع، وإذا صمد قرار وقف إطلاق النار طوال شهرين كاملين كما هو متفق عليه، فستكون هذه أنجح هدنة على الإطلاق منذ بدء الحرب في عام 2015.

وتأمل الأمم المتحدة أن تقود الهدنة الحالية إلى وقف دائم للحرب، لكن الأمر لا يزال مرهوناً بتنفيذ باقي البنود، لا سيما رفع الحظر عن استئناف الرحلات في مطار صنعاء الدولي، ورفع الحصار الذي يفرضه الحوثيون على مدينة تعز منذ 7 سنوات.

الجزائر ترحب بتشكيل مجلس رئاسي

أعلنت الجزائر ترحيبها بتشكيل مجلس رئاسي في اليمن في إطار استكمال خطة المرحلة الانتقالية وإحلال السلام وحل الأزمة اليمنية.

وأفاد بيان لوزارة الخارجية الجزائرية بأن "الجزائر ترحب بإعلان رئيس الجمهورية اليمنية عن إنشاء مجلس القيادة الرئاسي وتفويضه كامل صلاحياته وفقا للدستور والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، قصد استكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية في اليمن الشقيق".

وأكد نفس المصدر تطلع الجزائر إلى أن "تُسهم هذه الخطوة في دعم المساعي والجهود الرامية إلى إيجاد تسوية شاملة والتوصل إلى حل دائم للأزمة في اليمن، بما يحفظ وحدته وسيادته واستقلاله ويلبي تطلعات الشعب اليمني الشقيق في الأمن والاستقرار والازدهار". 

 

المساهمون