كشفت لائحة اتهام أعدتها النيابة العامة التركية حول قضية شبكة التجسس التي تعمل لصالح إسرائيل، أن بعض المتهمين أرسلوا مشاهد التقطوها بواسطة كاميرات مخفية في نظارات إلى موظف في جهاز المخابرات الإسرائيلية.
وأشارت اللائحة إلى أن الشبكة المكونة من 16 شخصاً قامت بعمليات تجسس على رعايا أجانب فلسطينيين وسوريين ومنظمات مجتمع مدني، لصالح المخابرات الإسرائيلية مقابل أموال.
مذكرة الادعاء قبلتها محكمة إسطنبول الجنائية التي تحمل الرقم 22 وتشمل محاكمة 16 مشتبها به، وطلب الحكم عليهم بالسجن ما بين 15-20 عاما، وستعقد الجلسة الأولى للمحاكمة في 8 شباط/فبراير المقبل، فيما طلبت المحكمة من الانتربول الحصول على سجل عدلي عن المتهمين.
وفي وقت سابق من يوم الجمعة طالب الادعاء العام التركي بالسجن لمدد تراوح بين 15 - 20 عاماً على المتهمين، لارتكابهم جريمة التجسس الدولي نيابة عن المخابرات الإسرائيلية عبر مراقبة عمل منظمات أجنبية في تركيا، وحياة أجانب وارتباطاتهم الخارجية، وخاصة الفلسطينيين.
واتهمت النيابة هؤلاء الأشخاص بـ"توفير معلومات عن أمن الدولة"، و"التجسس السياسي أو العسكري"، و"إفشاء معلومات عن مصالح الدولة الأمنية والسياسية"، و"الكشف عن معلومات سرية ينبغي كتمانها".
مذكرة الادعاء العام في إسطنبول أفادت أن أحمد زيد هو مسؤول ميداني في الموساد مقيم في ألمانيا، وفصل ملفه لأنه في الخارج، وهو من عمل على التواصل مع الفلسطينيين والسوريين في تركيا بهدف جمع المعلومات عن الشخصيات الفلسطينية بالدرجة الأولى والشخصيات الأجنبية التي أسست منظمات مجتمع مدني، وحياتهم الاجتماعية وارتباطاتهم الخارجية، والمجموعات الرافضة للاحتلال الإسرائيلي.
وكشفت المذكرة أسماء المتهمين وهم الذين حصلوا على الأموال المحولة من المدعو عبد القدير بركات، في يومي 7 و8 تشرين الأول/أكتوبر الماضي في إسطنبول هم رائد عاشور، وناهد الكفارنة، وعلاء الدين حمادة، ومحمد سلحب، وعبد الرحمن أبو نوارة، وأحمد القيشاوي، ورائد غزال، ومحمد برزاق، وياسين أبو فسيفس، وخالد المصري، وأحمد شاهين، وجاسر السعودي، فضلا عن نضال الحلو بولاية سكاريا، وعبد الحكيم الزامل بولاية دوزجة، فيما قبض على غسان سعد في ولاية مرسين.
وبينت المذكرة أن المتهمين طلب منهم التخفي بغطاء العمل والدراسة، واستخدام الهواتف العمومية للتواصل، أو وسائل اتصال مشفرة عبر الانترنت، ويتم السفر للتواصل مع المسؤول الميداني خارج تركيا عند الضرورة.
وورد في لائحة الاتهام أن المتهم عبد القادر بركات، الذي دخل تركيا بطريقة غير رسمية نهاية عام 2015، كان يدير عملية تحويل الأموال لشبكة التجسس في تركيا.
وكانت عملية التحويل تتم بسرية تامة من خلال مكاتب التحويلات وحسابات الأموال المشفرة، كما تم إجراء بعض المدفوعات عن طريق البريد.
واعترف بركات بتواصله مع موظف المخابرات الإسرائيلية أحمد زيد،، لكنه أشار إلى أن عملية تحويل الأموال كانت لأغراض تجارية، وأنه شارك في إجراء هذه التحويلات لحاجته إلى المال.
وأشارت اللائحة إلى أن المتهم بركات تولّى مهمة ساعي البريد في شبكة التجسس تماشياً مع تعليمات زيد.
أما المتهم عبد الرحمن أبو نوى، فسبق أن اعتقلته المخابرات الإسرائيلية عام 2011، وبعد أن تواصل مع أحمد زيد عبر شخص مكث معه في السجن لمدة 8 أيام، تم تعيينه (أبو نوى) مسؤولاً ميدانياً لصالح المخابرات الإسرائيلية.
تصوير مواقع محددة
وصرّح أبو نوى بأنه تلقى تعليمات من زيد بتصوير عدة مواقع محددة، وتمت عملية التصوير بواسطة كاميرا مخفية في نظارات، وجرى نقل المعلومات عبر برنامج خاص يجري عملية مسح لشبكات "واي فاي".
الدفع عبر عملات مشفرة
وقام المتهم المذكور بتصوير منزل عالم دين فلسطيني، وجمع معلومات عن الفلسطينيين المقيمين في تركيا، مقابل الحصول على عملات مشفرة وأموال عن طريق حوالات دولية أو مكاتب الحوالات، بحسب اللائحة ذاتها.
وتؤكد لائحة الادعاء أن أبو نوى التزم بالتعليمات التي تلقاها وبالسرية الكاملة طيلة هذه الفترة، وتمكن من جمع معلومات بحق أشخاص مقيمين بتركيا ونقلها، ما يشكل تهديداً للأمن القومي التركي.
نقل معلومات عن مواقع الاشتباكات في سورية
ونقل المتهم عبد الحكيم الزامل معلومات حساسة وسرية عن مواقع الاشتباكات، حصل عليها من مجموعات على "واتساب" ومن مصادر أخرى، وذلك بالتواصل هاتفياً مع شخص آخر، مقابل مال.
وشددت اللائحة على أنّ المعلومات التي نقلها الزامل تشكل تهديداً للأمن القومي التركي.
وحصل الزامل على مبلغ مالي قيمته 10 آلاف دولار من بركات في ولاية دوزجة، لقاء معلومات حساسة عن مناطق النزاع والحروب، فيما حصل المتهم أحمد شاهين على مبلغ مالي في إحدى محطات الميترو بإسطنبول وهي محطة زيتون بورنو.
وجاء في لائحة الادعاء أنّ المتهم محمد سلحب أرسل تقارير بشكل سري بحق طبيعة عمل الجمعيات والأوساط الفلسطينية النشطة بتركيا وعلاقاتها، والأشخاص المهمين، بمقابل مادي.
تسريب عناوين العاملين في منظمات فلسطينية
وأعدّ المتهم سلحب تقارير تتضمّن معلومات شخصية مفصلة عن العاملين في منظمات وجمعيات فلسطينية، مثل عناوين الإقامة، وصورهم، وعناوين بريدهم الإلكتروني، وأرقام هواتفهم.
وذكرت اللائحة أن المعلومات التي سرّبها هذا المتهم المذكور ضد المؤسسات والمنظمات الفلسطينية العاملة في تركيا من شأنها أن تشكل تهديداً على الأشخاص والمقيمين في تركيا.
وأضافت أن سلحب سرّب معلومات بطرق مشفرة حول شخصيات تنتمي إلى حركتي "حماس" و"فتح".
إقرار قيامه بالتجسس منذ 1997
واعترف المتهم رائد عاشور بقيامه بأنشطة تجسس تحت إشراف المخابرات الإسرائيلية منذ عام 1997، بحسب لائحة الادعاء، وأنه بُعث عام 1998 إلى تركيا بناء على تعليمات جهاز المخابرات.
وأضاف أنه التقى ضابط مخابرات أجنبياً في فلسطين، إذ عرض عليه جمع معلومات عن حركتي "الجهاد الإسلامي" و"حماس"، مقابل التعهد بدفع راتب ثابت له.
وورد في اللائحة أن عاشور عقد لقاءات داخل القنصلية الإسرائيلية في إسطنبول، وأنه كان يعمل على جمع معلومات حول حركتي "حماس" و"فتح"، فضلاً عن جمع معلومات حول بعض المواطنين الأتراك أو المقيمين في تركيا.
وحسب اللائحة أيضاً، سافر طالب الطب في جامعة قونية السنة السادسة محمد سلحب، إلى سويسرا والتقى مع عملاء أجهزة مخابرات أجنبية وكان على اتصال مع زايد، وجمع معلومات في تركيا عن الجمعيات وتشكيلاتها ومعلومات عن الجالية الفلسطينية، وحصل على معلوماته من مصادر سرية.
وكان "العربي الجديد" قد كشف في تحقيق معززًا بالوثائق نشر في 30 ديسمبر/كانون الأول 2019، تفاصيل استهداف جهاز "الموساد" الإسرائيلي للفلسطينيين في عدة دول بينها تركيا، واستداراجهم بغرض تجنيدهم. لقراءة التحقيق كاملًا: