اعتبرت حركة "النهضة" التونسية، في بيان مساء اليوم الخميس، أن "ما يسمى بالانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر القادم مظهر من مظاهر الأزمة وجزء منها، ولا يمكن أن تكون جزءا من الحل، لأنها ستعمق الأزمة السياسية بالبلاد والحكم الفردي المطلق".
وفي 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، أجرى الرئيس التونسي قيس سعيّد تعديلات على القانون الانتخابي الصادر عام 2014، باعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد عوضاً عن القوائم، واعتماد مبدأ سحب الوكالة، وتقليص عدد النواب من 217 إلى 161، منهم 10 نواب عن الجالية بالخارج.
والانتخابات التشريعية المبكرة المقبلة، في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، أحد إجراءات سعيّد الاستثنائية، سبقها حلّ البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد للبلاد عبر استفتاء أُجري في 25 يوليو/ تموز الماضي.
وقالت حركة "النهضة" إن "الانتخابات التشريعية" ستؤدي كذلك إلى تعميق "عزلة تونس وتحديات الفقر والبطالة واهتراء القدرة الشرائية للتونسيين"، مضيفة: "ولأجل ذلك قاطعتها الحركة والغالبية الساحقة من الأطراف السياسية، وخاصة الجدية منها، كما يتعامل معها المواطنون والمواطنات بلامبالاة كاملة".
ونظر المكتب التنفيذي للحركة في اجتماعه الدوري مساء الأربعاء "في نشاط هياكل الحزب في عدد من الجهات، كما توقف عند المسار العبثي للانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر، وتصريحات الرئيس (الفرنسي إيمانويل) ماكرون المعادية للديمقراطية في القمة الفرنكوفونية بجربة"، بحسب بيان للحركة اليوم الخميس.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد قال إنه "ليس على رئيس جمهورية فرنسا أن يشرح للرئيس التونسي ما يجب عليه القيام به في بلاده"، وذلك على هامش قمة الفرنكوفونية في مدينة جربة، نهاية الأسبوع الماضي.
وشدد ماكرون، في حوار أدلى به لقناة "تي في 5 موند" الفرنسية، على "وجوب أن تنظم انتخابات 17 ديسمبر/ كانون الأول في إطار سلمي وبمشاركة كل القوى السياسية"، مضيفاً أن "رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بصفته أستاذ القانون الكبير، منتبه لذلك".
وعبرت "النهضة" عن رفضها لما ورد في تصريح ماكرون، قائلة إنها "تعتبره منافيا ومعاديا للقيم الديمقراطية وداعما للانقلاب وللحكم الفردي المتسلط في تونس. كما تعتبر هذا التصريح تدخلا في الشأن التونسي ومعادياً لطموحات التونسيين في الحرية والديمقراطية ومخالفا لقيم الثورة الفرنسية، وتذكّر السيد ماكرون بأن احترام طموحات الشعب التونسي وثورة الحرية والكرامة ومكاسبها هي التي تبني العلاقات المثمرة بين الشعبين التونسي والفرنسي".
إلى ذلك، ذكّرت الحركة بأن "البلاد تشهد منذ انقلاب 25 يوليو تصاعد وتيرة الإيقافات والمحاكمات السياسية والإحالات على المحاكم العسكرية دون وجه حق، في حملة ممنهجة تستهدف رموز النضال ضد الاستبداد، والقيادات السياسية، وأصحاب الرأي المعارضين للانقلاب".
ونددت الحركة بـ"كل هذه المظالم"، مجددة "ثباتها على موقف التصدّي للحكم الفردي والاستبداد واستهداف المعارضين والمواطنين ووسائل الإعلام، كما ترفض استهداف القضاء والضغط عليه ومساعي توظيفه".
ودعت حركة "النهضة" التونسية كل الديمقراطيين في البلاد إلى "تنسيق جهودهم وتوحيدها ومضاعفة نضالهم في كل الاتجاهات، لإعاقة زحف الحكم الفردي وتخليص البلاد من المأزق الذي تغوص فيه كل يوم أكثر فأكثر".
ودانت "النهضة" أيضاً "تجاهل السلطة لتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، إن كان على صعيد التهاب الأسعار أو على صعيد العجز الفاضح على إدارة الشأن العام ومعالجة أزمة النفايات التي تخنق مدنا كبرى مثل صفاقس وتونس، فضلا عن استمرار الأزمة في مدينة جرجيس وتفاقمها باللجوء إلى العنف بدل الحوار مع الأهالي المكلومين".
وتظاهر مئات من المحتجين، أمس الأربعاء، في مدينة جرجيس بولاية مدنين، جنوب شرقي تونس، للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم المفقودين في غرق مركب للهجرة غير النظامية في البحر الأبيض المتوسط منذ أكثر من شهرَين.
ومنذ نحو شهرَين، تشهد جرجيس حالة احتقان، خصوصاً بعدما اتّهم الأهالي السلطات بالتراخي في البحث عن أبنائهم المفقودين في البحر، بالإضافة إلى دفن أربع جثث في مقبرة حديقة أفريقيا، المخصصة لدفن جثث مجهولي الهوية الذين من غير الممكن التثّبت من هوياتهم.