عبّرت حركة "النهضة" التونسية، اليوم الجمعة، عن مخاوفها مما آلت إليه الأوضاع في تونس من قمع للحريات وتفرد بالسلطة، معتبرة في الوقت ذاته أن القضاء المستقل برأ الحركة في العديد من المناسبات من التهم التشويهية والافتراءات التي استهدفتها وشملت قادتها.
وقال المتحدث باسم "النهضة" عماد الخميري، خلال ندوة عقدها بمقر الحركة في العاصمة تونس، إن رفع الإقامة الجبرية عن القيادي فيها نور الدين البحيري، بعد 67 يوماً، يعد "شهادة براءة" من كل حملات التشويه التي طاولته.
والاثنين، قررت السلطات رفع الإقامة الجبرية عن البحيري والمسؤول الأمني السابق فتحي البلدي، حيث كانا موقوفين منذ 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وقال الخميري: "رفع الإقامة الجبرية عن البحيري يعد شهادة براءة له ولحركة النهضة من كل حملات التشويه التي طاولتهما". وأكد أن "النهضة وكل قياداتها على ذمة القضاء المستقل. من له أي شيء ضد الحركة عليه التوجه للقضاء. لم يُثبت تورط أي قيادي في الحركة في أي ملف تسفير".
وأعلنت السلطات، في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وضع كل من البحيري والبلدي قيد الإقامة الجبرية بـ"شبهة إرهاب" ترتبط باستخراج وثائق سفر وجنسية تونسية لسوري وزوجته بـ"طريقة غير قانونية".
وأضاف المتحدث باسم "النهضة": "القضاء التونسي المستقل حكم لصالح النهضة، ولم يثبت تلقيها أي تمويل أجنبي. سنثبت للرأي العام في الداخل والخارج أن الحركة قانونية وما تقوم به قانوني".
وقال إن "القضاء المستقل حكم ابتدائياً بعدم سماع الدعوى لقائمتي النهضة في الانتخابات التشريعية الماضية، بسبب عدم وجود أي تمويل أجنبي، وهناك أيضاً أحكام صدرت في قضايا التسفير، ولم يثبت أيضا تورط أي جهة تابعة للنهضة رغم عديد الافتراءات".
وتابع أنه "بعد 7 أشهر من الحكم الفردي ومن الاستبداد، لم يتم إثبات أي تهمة فساد على أي قيادي من النهضة، وما حصل هو توظيف سيئ لتصفية الخصوم ولحل المجلس الأعلى للقضاء وربطه بملف الاغتيالات السياسية".
ولفت إلى أن "هناك دعوة للاحتجاج أمام مبنى التلفزة الرسمية، لأن هناك محاولة للانقلاب على الإعلام، ويراد منها أن تكون صوت السلطة، حيث يمنع السياسيون من الإدلاء بمواقفهم وأصواتهم".
وقال الخميري إنه "بعد 7 أشهر، لم تف سلطة الأمر الواقع بالتزاماتها ولم تغلق الموازنة، مع تزايد المديونية وارتفاع التضخم المالي". وتابع: "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تزداد تدهوراً في تونس، وكل المؤشرات تشتعل حمراء، خاصة المتعلقة بعدم توفر المواد الغذائية الأساسية".
ومضى قائلاً: "التونسيون لم يعودوا قادرين على تأمين وإيجاد الخبز"، محذراً سلطة الرئيس قيس سعيّد من "استمرار هذا الوضع الذي سيكون تهديداً حقيقياً للأوضاع الاجتماعية".
وفي تصريح لـ"العربي الجديد" على هامش المؤتمر، قال الخميري إن "سلطة الأمر الواقع تواصل سياسة الهروب إلى الأمام وتستبعد النخب والأحزاب، وتضرب الحريات والحقوق". وأشار إلى أن "أخطر ما قام به الانقلاب هو وضع اليد على القضاء من خلال الإعلان عن المجلس المؤقت الذي يدشن لمرحلة سعيّد، فالقضاء المدجن لا يخلو من خطر على الدولة وعلى استقرار البلاد".
وقال إن "الاستشارة الوطنية لا مرجعية قانونية لها، بل هي مجرد عودة للأساليب البالية من ضغط على المسؤولين للمشاركة في عملية تحيّل إلكتروني، وسط غياب تام للشفافية".
كما عبر الخميري عن "قلق حركة النهضة لما آلت اليه الأوضاع من فقدان مواد وسلع أساسية من الأسواق"، مؤكداً أن "من حق السلطة مقاومة الاحتكار، لكن ما يحصل الآن يضرب كل المقومات".
من جهتها، قالت عضو حركة النهضة المحامية زينب البراهيمي إن "البحيري احتجز في مكان لا تحترم فيه الذات البشرية، وهو ما جعله يدخل في إضراب جوع وحشي".
وأشارت إلى أن "البحيري منع من الحرية. واليوم يقبع محاميه عبد الرزاق الكيلاني في السجن، وكأن لا حق للبحيري في الحياة ولا في الدفاع". وأكدت أن "البحيري استهدف بجرائم ضد الإنسانية من اختطاف قسري واحتجاز، ولكنه صمد طيلة 67 يوماً، وكان أعزل يواجه اختطافاً دون أي دليل".
وقالت إن "البحيري رغم الادعاءات الكثيرة بأنه متورط في تزييف جوازات سفر ورخص نقل ولكن لم يثبت كل ذلك، وبالتالي لم يرحم نائب رئيس حركة النهضة حتى وهو محتجز وحاولوا تشويه صورته". وتساءلت: "كم يلزم تونس من الوقت للخروج من المس بالحقوق والحريات، ومن الاستبداد والصورة السيئة التي تعيشها؟".
ومنذ 25 يوليو/ تموز الماضي، تشهد تونس أزمة حادة على خلفية فرض إجراءات "استثنائية"، أبرزها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة،وتعيين أخرى جديدة.
وترفض أغلب القوى السياسية في تونس الإجراءات، وتعتبرها "انقلابا على الدستور"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.