بعد إدانة الاتحاد الأوروبي لإقدام النظام السوري على إعدام 24 شخصا بدعوى ضلوعهم في إشعال الحرائق في الساحل السوري خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، سعى النظام إلى تبرير عمليات الإعدام بأنهم ارتكبوا جرائم خطيرة على "المجتمع والبيئة".
وطالب نقيب المحامين لدى النظام السوري، الفراس فارس، في حديث نشرته صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، اليوم الأحد، بمصادرة أموال مرتكبي الحرائق وليس تنفيذ حكم الإعدام فقط. ورأى أنه تجب مصادرة أموال مرتكبي الحرائق، لتعويض المتضررين، داعيًا إلى تعديل القانون المتعلق بمثل "هذه الجرائم لما لها من خطورة على المجتمع والبيئة والحياة"، حسب تعبيره.
وأضاف فارس أن من افتعلوا الحرائق "ارتكبوا جرائم كبيرة أدت إلى حرق 5% من مساحة سورية الخضراء، إضافة إلى الأضرار الكبيرة التي ألحقوها بالأهالي، ولذلك فإن التعويض يجب أن يكون كبيرًا من أموالهم".
ودعا نقيب المحامين لدى النظام السوري إلى تفعيل عقوبة الإعدام "بحق كل من يرتكب جرائم تمس أمن المجتمع والوطن، مثل ارتكاب جرائم الحرائق والتفجيرات الإرهابية، وغيرها من هذه الجرائم الخطيرة".
وكانت وزارة العدل لدى النظام السوري أعلنت، في 21 من الشهر الجاري، تنفيذ حكم الإعدام بحق 24 شخصًا اتهمتهم بتنفيذ أعمال "إرهابية" عبر إشعال الحرائق. كما أعلنت عن معاقبة 11 آخرين بالأشغال الشاقة المؤبدة بسبب تخريب المنشآت العامة والخاصة، وفق بيان لها.
وبينما لا يوجد تحقيق محايد يثبت مزاعم النظام بشأن اعترافات المتهمين بالمسؤولية عن إشعال الحرائق، ووسط شكوك حول الهوية الحقيقية لمن تم إعدامهم، قال المحامي عيسى إبراهيم، على صفحته في "فيسبوك": "الجرم الموجّه للمتهمين كان منذ سنة تقريباً، والمدة المتوسطة لهذا النوع من الدعاوى الجزائية حتى تصبح قطعية لا تقل عن ثلاث سنوات كحد أدنى بأقصى حالات السرعة".
وشكك إبراهيم بـ"الاعترافات" المفترضة التي عرضها تلفزيون النظام للمتهمين عند تنفيذ حكم الإعدام، والتي وصفها بأنها "كانت أشبه بترداد لنص مكتوب لا يمكن واقعياً أن يقوله الشخص نفسه عما قام به من فعل مهما بلغ من الجرأة والطهارة على نفسه، وبهذه الصيغة الاتهامية، إضافة للسيناريو المفتعل خلال إجراء المقابلات مع المتهمين في مكان إشعال الحرائق، ثم بشكل مبهم وبلاغي تحدّث المذيع، وليس هم، عن أن وراء ذلك جهات دولية".
وإلى جانب غياب الأدلة الأخرى التي تتقاطع مع "الاعترافات" المنتزعة من المتهمين الذين جرى إعدامهم في أقبية مخابرات النظام، أكد إبراهيم أن "الإقرار بالجرائم ليس دليلاً كافياً ليتم الاعتماد على العطف الجرمي فقط، إضافة لخلو التحقيق والحكم من التوصل لمعرفة أسماء الأشخاص المحرضين والجهات الدولية المفترضة التي وقفت وراء عملية إحراق الغابات".
ورأى أن تنفيذ حكم الإعدام بحق 24 شخصاً من قبل حكومة النظام بتهمة التسبب بافتعال حرائق الغابات "ما هو إلا استثمار تلك القضايا لمصلحة مافيا احتكرت مع الوقت الثروة والأرض والسلطة والقانون والحقيقة، ولعبت واستثمرت بنا جميعاً خلال تلك العقود".