أعلن النظام السوري، أمس الأربعاء، أنه سيسمح لأهالي مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، شمال غربي البلاد، بالعودة إلى منازلهم، ذلك بعد نحو ثلاث سنوات من سيطرته عليها وتدمير أجزاء واسعة من أحيائها وتهجير سكانها إلى مناطق الشمال، ونهب ممتلكاتها.
وزعم مدير إدارة المخابرات العامة لدى النظام السوري، اللواء حسام لوقا، أنه سيُسمح لأهالي مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي بالعودة إلى منازلهم، بتوجيهات من رأس النظام السوري بشار الأسد.
وقال المراسل الحربي لدى قوات النظام عبد الغني جاروخ، على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، إن اللواء حسام لوقا أكد، في كلمة ألقاها ضمن "مهرجان السلام الوطني"، الذي أُقيم، أمس، في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، أنه "بتوجيه من (..) الأسد، يسمح لأهالي مدينة معرة النعمان بالعودة لبيوتهم"، مضيفاً أنه "ستُنظّم عملية العودة بداية الأسبوع المقبل من قبل كافة الجهات المعنية".
وكانت قوات النظام قد سيطرت على مدينة معرة النعمان، أكبر مدن محافظة إدلب، في الـ28 من يناير/ كانون الثاني عام 2020، بدعم جوي روسي وأرضي، بعد تحشيد لم تشهده المدينة من قبل.
ودمر النظام والروس خلال الحملة أجزاء واسعة من المدينة، وهُجر حينها أكثر من 80 ألف شخص من سكان المدينة إلى مناطق ومخيمات الشمال السوري.
في المقابل، أكدت مصادر عاملة في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن النظام لن يسمح لأهالي معرة النعمان بالعودة إليها، ولا حتى لأهالي المدينة المقيمين داخل مناطق سيطرته، لعدة أسباب، موضحة أن "أبرز الأسباب هو استمرار عمليات "السرقة" (التعفيش) في المدينة حتى الآن. بالإضافة إلى أن معرة النعمان تعتبر المعقل الرئيسي للفرقة 25 مهام خاصة، التي يقودها العميد سهيل الحسن المعروف باسم (النمر)".
وأكدت المصادر أن "ورشات استخراج الحديد من أسقف المنازل تعمل في الحي الجنوبي والحي الغربي من مدينة معرة النعمان بشكلٍ يومي"، موضحاً أن "صفقة استخراج الحديد أبرمها ضباط من الفرقة 25 قبل أشهر مع متعهد من مدينة مصياف بريف حماة الغربي، وربما يستمر استخراج الحديد حتى مطلع العام المقبل".
وأشارت المصادر إلى أن "الفرقة 25 تتخذ من مدينة معرة النعمان معقلاً رئيسياً لها، لا سيما أن المعرة فيها غرفة عمليات روسية تُدير الأعمال العسكرية في منطقة إدلب، بالإضافة إلى أنه ينتشر فيها أكثر من 40 مقراً لأفواج الـ"الفرقة 25" ومقار أخرى تابعة لـ"الفيلق الخامس" المدعوم من روسيا، وقوات أخرى مثل "الفرقة الأولى، والثالثة، والسابعة، والثامنة، والحادية عشر".
بدوره، يقول أحمد التناري (45 عاماً)، وهو نازح من معرة النعمان إلى ريف إدلب الشمالي، إن "شريطا مصورا لمنزله وصل إليه من أحد الأشخاص يظهر من خلاله تهدم سقف منزله بعد سرقة كل محتوياته"، مضيفاً: "لم يتركوا لي شيئا داخل المنزل ويطلبون مني العودة إليه..؟".
ويتساءل: "إلى أين سوف أعود والمدينة مليئة بعناصر قوات النظام والشبيحة؟"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "هدم البيوت وسرقة أثاثها لا يزال مستمراً".
وقال إنه "طالما أن هناك النظام والمليشيات في المدينة لا يمكننا العودة إليها. لا أريد أن اعتقل أنا وأولادي بمجرد دخولنا المدينة، كل من حولي سرقت وهدمت أجزاء من منازلهم". ويرى أن "هذا الإعلان من النظام عن العودة إلى المدينة مجرد كذبة من الكذبات التي اعتدنا عليها".
وكان النظام السوري قد أعلن، في الخامس من سبتمبر/أيلول الحالي، عن البدء بتسوية جديدة لأول مرة لأهالي محافظة إدلب في مدينة خان شيخون الواقعة على طريق الـ"أم 5" جنوبي محافظة إدلب.
وتأتي هذه الدعوة بعد نحو ثلاثة أعوام من السيطرة على المدينة وتدمير أجزاء واسعة من أحيائها بإسناد جوي روسي، ودعم أرضي من المليشيات الإيرانية، وإجبار أهلها على النزوح إلى قرى وبلدات الشمال السوري ومخيمات النازحين، فيما ارتكب النظام السوري مجزرة بالأسلحة الكيميائية، في الرابع من إبريل/نيسان 2017، في مدينة خان شيخون، من خلال استخدام غاز السارين المحرم دولياً، ما أدى إلى مقتل نحو 100، جلهم من الأطفال.
وحضرت في مركز التسوية بخان شيخون شخصيات أمنية وعسكرية من النظام السوري، وعلى رأسهم اللواء حسام لوقا، مدير إدارة المخابرات العامة، وهو من أبرز الشخصيات الأمنية التابعة للنظام وأحد المقربين من روسيا، وأحمد جاسم النجار أمين فرع "حزب البعث" في إدلب، وثائر سلهب محافظ إدلب، كما شارك لوقا أيضا في تجهيزات التسوية إلى جانب عدد من الضباط العسكريين والأمنيين.
على صعيد متصل، أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أنه لم تسجل ضمن مناطق سيطرة المعارضة السورية، شمال غربي سورية، أي حركة خروج من مناطق المعارضة إلى مناطق سيطرة قوات النظام، مشيرة إلى أن جميع المعابر مع النظام في إدلب وحلب مغلقة بشكلٍ كامل أمام المسافرين، والحركة التجارية كذلك.