النظام السوري يحاكم أعضاءً في برلمانه بتهم الفساد وقتلى في درعا

26 يونيو 2024
أعضاء ببرلمان النظام السوري بدمشق، 18 إبريل 2021 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- برلمان النظام السوري يرفع الحصانة القانونية عن خمسة من أعضائه بتهم تورطهم في قضايا فساد وجرائم اقتصادية، بما في ذلك تهريب بضائع وهدر المال العام، في خطوة غير مسبوقة تشير إلى إمكانية اتخاذ قرارات مماثلة ضد أعضاء آخرين.
- من بين المتهمين، مدلول العزيز بتهم تغطية عمليات تهريب وتخابر مع جهات معادية وعلاقاته بتنظيمات "جبهة النصرة" و"داعش"، مما يسلط الضوء على تورط أعضاء برلمانيين في أنشطة إجرامية تتجاوز الفساد الاقتصادي.
- رفع الحصانة يُنظر إليه كجزء من استراتيجية النظام لتحسين صورته قبل الانتخابات القادمة، وسط تساؤلات حول توقيت هذه الإجراءات ومعرفة اللجنة الدستورية بتاريخ المتهمين، فيما تستمر الاضطرابات في درعا مع استمرار العنف والتوترات.

أصدر برلمان النظام السوري (مجلس الشعب) أخيراً قراراً برفع الحصانة القانونية عن خمسة أعضاء في المجلس بدعوى تورطهم بقضايا فساد. وقال مصدر من العاصمة دمشق لـ"العربي الجديد" إن اللجنة الدستورية في المجلس طالبت بتقديم كل من الأعضاء عبد العزيز الحسين، ومدلول العزيز، وصبحي عباس، وأيهم جريكوس، وحسين جمعة للمحاكمة لارتكابهم جرائم اقتصادية، إضافة إلى هدر المال العام، بعد رفع الحصانة البرلمانية عنهم.

وأشار المصدر، الذي فضّل عدم كشف اسمه، إلى أن التهم الموجهة لهؤلاء الأعضاء تندرج في سياق المشاركة بعمليات تهريب بضائع أجنبية من الدول المجاورة من خلال تسهيل مرور بضائعهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، لافتاً إلى أن هنالك قرارات مشابهة ستتخذ في القريب بحق أعضاء آخرين في المجلس، لتورطهم بقضايا فساد عامة.

وذكر المصدر أن مدلول العزيز، الذي تلاحقه قضايا فساد وتهريب مخدرات وتخابر مع جهات معادية، تربطه علاقات وطيدة مع سهيل الحسن، قائد مليشيات النمر، والحاج علي، أحد قادة المليشيات الإيرانية في دير الزور، شرقيّ سورية، موضحة أنه يساهم في تغطية عمليات تهريب عبر الحدود منذ أن كان قائداً لإحدى فصائل تنظيم "جبهة النصرة" في دير الزور في الفترة الممتدة ما بين عامي 2012-2015، إلى أن تولى قيادة إحدى مليشيات المخابرات الجوية التابعة للنظام السوري بعد دخول تنظيم "داعش"، حتى فوزه بانتخابات مجلس الشعب عام 2020، وهي الفترة التي استطاع خلالها تأسيس شركة "شام العزيز" المتخصصة باستيراد مواد البناء وتصديرها.

برلمان النظام السوري يسوّق للانتخابات

وتراوح تهم باقي الأعضاء الذين رفعت عنهم الحصانة البرلمانية، بين تقاضي رشىً للتوسط لأعمال غير قانونية، وقضايا فساد، كالتهريب وتغطية عمل فاسدين، والتخابر مع جهات معادية. ورجح مصدر ثانٍ من دمشق في حديث لـ"العربي الجديد" أن يكون العضو ناصر الناصر من الأسماء التي ستحويها قوائم العقوبات اللاحقة، لانتقاده سياسات النظام والحكومة أكثر من مرة خلال جلسات سابقة. وليست هذه المرة الأولى التي تُرفَع الحصانة عن نائب في برلمان النظام السوري، فقد أصدرت وزارة القضاء العام الماضي مذكرة توقيف بحق العضو فؤاد علداني، بتهمة العمالة وتجارة المخدرات، على خلفية فضيحة تهريب المخدرات عبر حقائب لاعبي كرة القدم من دمشق إلى مسقط، حيث ترجح مصادر في دمشق أن تلك الإجراءات تتخذ ضد الأعضاء بعد خلافات بينهم وبين أشخاص بارزين في النظام السوري.

وقال صياح العلي (اسم مستعار) وهو أحد المواطنين من طرطوس، على ساحل البحر الأبيض المتوسط لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن هذا الإجراء يخرج عن سياق التسويق للانتخابات القادمة، سواء البرلمانية أو الرئاسية، وإلا فلماذا لم تصدر هذه القرارات إلا في نهاية الدورة التشريعية". وتساءل العلي: "ألم تكن تعلم اللجنة الدستورية في المجلس أن هؤلاء أصحاب سوابق جرمية وارتباطات بالفساد قبل قبول ترشيحهم للمجلس؟ وإن كانت لا تعلم فتلك مصيبة وإن كانت تعلم فتلك سقطة برلمانية وتشريعية ودستورية، لا يمكن تبريرها".

قتلى في درعا

من جهة أخرى، قُتل عدد من الأشخاص ممّن يعملون للنظام السوري خلال الساعات الأخيرة في محافظة درعا جنوبي سورية، بينهم قيادي في تنظيم "داعش" الإرهابي، فيما خطف شخص ينشط أيضاً ضمن مجموعة محلية تعمل للنظام. وقال أيمن أبو محمود الناطق باسم "تجمع أحرار حوران"، لـ"العربي الجديد" إن مسلحين لم تعرف هويتهم استهدفوا بالرصاص عنصرين من "الأمن العسكري" التابع للنظام في قرية عين ذكر غربي درعا. وأوضح أبو محمود أن العنصرين يتبعان لمفرزة "الأمن العسكري" الواقعة في بلدة الشجرة، ويدير كل منهما حاجزاً عسكرياً، أحدهما قرب قرية عين ذكر، والآخر قرب بلدة نافعة.

وكان سكان بلدة المزيريب غربي محافظة درعا قد عثروا الليلة الماضية على جثة قيادي سابق في فصائل المعارضة معلّقة على أحد أعمدة الإنارة في شوارع البلدة. وذكرت شبكة "درعا 24" المحلية، أنه عثر على جثة محمد قاسم الصبيحي في محيط بلدة مزيريب، وتظهر عليها آثار تعذيب وإطلاق نار. وأضافت الشبكة أن الصبيحي اعتقل في إبريل/ نيسان الماضي على الحدود الإدارية بين درعا والسويداء، واحتجز في سجون "اللواء الثامن" التابع للأمن العسكري.

ويعتبر الصبيحي شخصية إشكالية في درعا، وهو مطلوب لجهات عدة متعارضة، حيث يُتهم بالانتماء إلى تنظيم "داعش" ويحمّله النظام السوري مسؤولية مقتل عناصر شرطة تابعين له في مايو/ أيار 2020 رداً على مقتل ابنه آنذاك، في حين تتهمه أوساط فصائل المعارضة بالمسؤولية عن اغتيال قياديين بارزين في "اللجنة المركزية" بمحافظة درعا، التي تتولى عادة التفاوض مع النظام السوري باسم الأهالي.

 وقال أيمن أبو محمود إن طارق الصبيحي، واسمه الحقيقي قاسم النيران، كان قيادياً في تنظيم "داعش" في محافظة درعا، ويشرف على عمليات اغتيال استهدفت قادة بارزين في المعارضة، وقوات النظام السوري على السواء. ونشط في بداية الثورة ضد النظام السوري ضمن بلدته عتمان، قبل أن ينخرط مع تنظيم "داعش" في وقت لاحق، وقد رفض الخروج الى الشمال السوري، حين سيطرت قوات النظام على المحافظة صيف 2018.

من جهة أخرى، ذكر "تجمّع أحرار حوران" أن الشاب خلدون إبراهيم الكايد اختطف اليوم الأربعاء في أثناء وجوده في السوق الشعبي في بلدة خربة غزالة شرقي محافظة درعا، من قبل مسلحين مكشوفي الوجه، لكن لم يجرِ التعرف إليهم. وينحدر الكايد من بلدة قرفا، وهو شقيق إسماعيل الكايد، قائد اللجان الشعبية التابعة للنظام سابقاً في البلدة، وهو المتهم بقتل وإحراق عشرات المدنيين من أبنائها.