الناجي الوحيد من فريق انتحاريي هجمات باريس 2015: "عوملت مثل الكلب"

09 سبتمبر 2021
تحدث صلاح عبد السلام للمرة الأولى بعد صمت مطبق مارسه لست سنوات (Getty)
+ الخط -

في الواحدة إلا ربعاً من يوم الأربعاء بتوقيت باريس، أحاط طوق أمني بـ"إيل دو ستي"، الجزيرة الصغيرة في قلب باريس على نهر السين، وبعد دقائق ظهر صلاح عبد السلام، الناجي الوحيد من فريق الانتحاريين الذي هاجم باريس ليلة 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وبداخل صندوق خشبي في محكمة العدل، جلس عبد السلام، الذي كان يرتدي كمامة بسبب إجراءت السلامة الصحية، وتحدث للمرة الأولى بعد صمت مطبق مارسه لستّ سنوات، إذ ظل عبد السلام صامتاً تقريباً منذ اعتقاله في بلجيكا في مارس/آذار 2016 بعد أكثر من أربعة أشهر من الفرار. 

وبمجرد أن بدأ الحديث، انتاب القاعة صمت شديد؛ "قبل كل شيء، أريد أن أبدأ بالقول إنه لا إله إلا الله"، أطلق عبد السلام أولى كلماته. ودار حوار قصير بعدها بينه وبين رئيس محكمة جان لويس بيري: "هل يمكنك تأكيد أسماء والديك لنا؟"، فأجاب عبد السلام "اسما والدي ووالدتي ليس لهما علاقة هنا"، وسأله بيري: "ماذا كانت مهنتك قبل اعتقالك؟"، فأجاب: "تخليت عن أي مهنة لأصبح مقاتلاً لـ"داعش""، وردّ جان لويس بيري: "ما عنوانك؟ أعني قبل الاعتقال"، فأجاب عبد السلام: "لم يعد لدي عنوان".

ومع افتتاح الجلسة، شدد بيري على أهمية قواعد المحكمة، مشيراً إلى تطبيق الإجراءات الجنائية وضمان حقوق كل شخص، بدءاً بحقوق الدفاع. 

وربما أعطى كلام رئيس المحكمة ثقة لعبد السلام للإسهاب أكثر، لدرجة أنه اعتبر أنه يتعرض للظلم في السجن. وقال: "المكان جميل هنا، يوجد شاشات مسطحة، مكيفات هواء وكل شيء، لكن في الكواليس، لا أحد يرى ما يجري، نحن نعامل مثل الكلاب"، وحينها ضجت القاعة، وردّ أحد الحضور من القسم المخصص للضحايا: "لأنك خنزير". 

وأسهب عبد السلام: "لقد عوملت مثل الكلب لأكثر من ست سنوات، ولم أشتكِ قَطّ، لأنني أعلم أنه بعد الموت سأعيش، وقتها ستحاسَبون"، في إشارة دينية إلى "الجنة"، ليقاطعه رئيس المحكمة بالقول: "نحن لسنا في محكمة كنسية، نحن في محكمة ديمقراطية". 

ووُزِّع المدنيون الحاضرون، من الناجين وأقارب الضحايا، على قسمين: الأول ارتدى شارة خضراء، وهم يعبّرون عن المدنيين الذين يرغبون في الحديث إلى وسائل الإعلام بعد الجلسة، وارتدى القسم الثاني شارة حمراء، ويمثلون المدنيين غير الراغبين بالحديث إلى وسائل الإعلام، فيما أُعطيَت شارات برتقالية للصحافيين، وصفراء لرجال الأمن، الذين توزعوا على القاعة لحفظ الأمن. 

وستستمر هذه المحاكمة، التي وُصفت بـ"محاكمة القرن" 9 أشهر، وسيُستمَع خلالها إلى شهادات نحو 1800 جمعية مدنية، تشكلت من ضحايا وأقرباء قتلى وجرحى وناجين من الهجمات، التي خلفت 130 قتيلاً وأكثر من 350 جريحاً.

ويحاكم أمام القضاء 20 متهماً، 11 منهم رهن التوقيف لقيامهم بأدوار ثانوية ولوجستية، و3 تحت الرقابة القضائية، فيما سيُحاكَم 6 أشخاص غيابياً.

المساهمون