حذفت المواقع الإخبارية المصرية، سواء تلك التابعة للدولة أو الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المملوكة بدورها لجهاز المخابرات العامة، كلّ الأخبار المنشورة عن بيان نادي القضاة تعليقاً على دعوة نقابة المحامين بشأن الإضراب العام على مستوى الجمهورية، إثر إصدار محكمة جنايات مطروح حكماً بحبس ستة محامين عامين مع الشغل، ووضعهم تحت المراقبة عامين آخرين، بتهمة "التعدي على موظفين عموميين" من العاملين في المحكمة.
ووفقاً لمصادر صحافية متعددة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الحذف جاء بتعليمات مباشرة من مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة العقيد أحمد شعبان، بوصفه المسؤول الأول عن ملف الإعلام الحكومي والخاص في مصر حالياً، في إطار محاولات احتواء الأزمة بين المحامين والقضاة، وعدم تفاقمها، لا سيما مع تلويح المحامين بالتصعيد رداً على حكم حبس زملائهم، وما شابه من قرارات بحظر التصوير نهائياً أثناء نظر القضية، ومنع حضور أي شخص إلا بإذن خاص من رئيس المحكمة.
وقال نادي القضاة، في بيانه، إنه "يتابع تداعيات دعوة المحامين للإضراب العام، وتعليق العمل والحضور أمام محاكم الجنايات وتحقيقات النيابة العامة في جميع المحافظات، لاتخاذ الموقف المناسب في حينه"، محذراً من "متابعة المركز الإعلامي للنادي جميع مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف رصد أي تجاوزات في حق القضاء المصري ورجاله والعاملين به، والتصدي لها بالتواصل مع الجهات المختصة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأنها".
وأشار مجلس إدارة نادي القضاة إلى متابعته الواقعة التي تعرض لها أحد "السادة القضاة" في مكان عام، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، وصولاً إلى إنهائها بالتصالح، بعد قبول "سيادته" الاعتذار المقدم من أحد المحامين، داعياً الجميع إلى "وجوب احترام القانون، وتغليب المصلحة العامة، والحفاظ على استقرار البلاد وأمنها الداخلي".
واحتُجز محامٍ مصري أخيراً في قسم شرطة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، عقب شجار وقع بين زوجته وزوجة قاضٍ بمدينة للألعاب الترفيهية (دريم بارك)، تطور إلى مشادة كلامية بين القاضي والمحامي، غير أن الأزمة سرعان ما انتهت بالتصالح بين الطرفين.
وأثار بيان نادي القضاة حالة من الغضب الشديد بين جموع المحامين، نظراً لما تضمنه من تهديد واضح لهم، واستشهاده برواية مغلوطة عن اعتذار المحامي للقاضي في واقعة السادس من أكتوبر، على خلاف الحقيقة، إذ إن المحامي لم يعتذر للقاضي، كما أورد البيان.
وكتب عضو مجلس الشيوخ، نقيب المحامين سابقاً سامح عاشور، على صفحته في "فيسبوك"، قائلاً: "إن بيان نادي القضاة، وتعليقه على دعوات المحامين بالامتناع عن العمل، يلهب المشاعر، ويصب الزيت على النار، ويبحث عن الفتنة".
وأضاف عاشور: "حتى الآن لا أصدق أن قضاة مصر يمكن أن ينسب إليهم مثل هذا البيان، أو أن ينسب إليهم ما يصر البيان على تأكيده إزاء تتبعه قضية بعينها تخص المحامين، ترصداً لما يسفر عنه الحكم، أو تسفر عنه ردود فعل المحامين، بما لا ينبئ عن الحياد الذي يجب أن يتحلى به القاضي في نادي القضاة أو في غيره".
وتابع عاشور، المقرّب من دوائر النظام الحاكم، أن "المحاماة لم تتخلف يوماً عن دفاعها عن الوطن واستقلاله، أو القضاء واستقلاله"، مستطرداً "يوم سكت الكثير منهم، نطقت نقابة المحامين، واصطفت مع قضاة مصر من أجل الوطن، واستقلال الأمة كلها. ولا يجوز لقاض أن يغضب، أو أن يشمت، أو أن يهدد، فنحن لا نعرف إلا القضاء العالي".
وكان آلاف المحامين قد نظموا، أخيراً، وقفات احتجاجية في محافظات عدة ضد قرار إلزام المحامين بالفاتورة الإلكترونية، ما أدى إلى إعلان وزارة المالية تأجيل تطبيق القرار الذي كان مقرّراً أن يدخل حيّز التنفيذ يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في محاولة لامتصاص غضبهم.
وندّد المحامون في تظاهرات خرجت بمحافظات القاهرة، والإسكندرية، وأسيوط، وسوهاج، وبني سويف، والفيوم، وكفر الشيخ، وأسوان، والدقهلية، وقنا، والقليوبية، والمنوفية، بسياسات رفع الأسعار وزيادة الأعباء الضريبية، كما هتفوا ضد وزير المالية محمد معيط وصندوق النقد الدولي.