تحولت المليشيات الانفصالية التي أسستها دولة الإمارات في عدن إلى قنبلة موقوتة تهدد استقرار العاصمة المؤقتة لليمن، وتعقّد مسألة عودة حكومة المحاصصة لممارسة مهامها بعد استخدامها الأسلحة المتوسطة داخل أحياء سكنية.
وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد"، إن مديرية الشيخ عثمان، التي كانت مسرحا لحرب شوارع، مساء أمس الأربعاء، تحولت إلى ثكنة عسكرية بعد تعزيزات للمليشيات التابعة لـ"المجلس الانتقالي" بمواجهة بعضها بعضا، في انقسام هو الأخطر داخل الفصائل المدعومة إماراتيا.
وأشار الشهود إلى أن الوضع "لا يزال مرشحا للانفجار، حيث بدت الحركة التجارية خفيفة غداة الاشتباكات الدامية، وخصوصا بعد عجز المجلس الانتقالي عن احتواء الموقف بشكل نهائي، وتمركز أتباع فصائل الدعم والإسناد ضد فصائل القطاع الثامن بالحزام الأمني في الشيخ عثمان".
وكشفت منظمة أطباء بلا حدود، مساء الخميس، أن الاشتباكات التي دارت مساء أمس، الأربعاء، بين فصائل الحزام الأمني في الشيخ عثمان وما يسمى بالدعم والإسناد، أسفرت عن سقوط قتيلين و17 جريحا، فيما ذكرت مصادر أخرى أن إجمالي القتلى الذين تم نقلهم إلى جميع المرافق الصحية في عدن تجاوز 7 عسكريين ومدنيين.
وقال نائب بعثة أطباء بلا حدود في عدن جادو محمادو، في بيان صحافي على "تويتر"، إن عدد ضحايا اشتباكات الأربعاء، مثل ثاني أكبر عدد إصابات جماعية تستقبلها فرق المنظمة منذ الهجوم الدامي على مطار عدن في أواخر العام الماضي، والذي خلف حينها 28 قتيلا و100 جريح.
"يواصل المستشفى الجراحي التابع لمنظمة #أطباء_بلا_حدود في #عدن استقبال الجرحى بشكل أسبوعي من عدن والمحافظات الجنوبية، وهذه هي ثاني إصابة جماعية نستقبلها من محافظة عدن منذ الهجوم على المطار في يناير/كانون الثاني". قال نائب رئيس بعثة أطباء بلا حدود في عدن، جادو محمادو.
— MSF Yemen (@msf_yemen) June 24, 2021
وبعد ليلة من التزام الصمت، أعلن "المجلس الانتقالي"، في اجتماع رسمي، مساء الخميس، أنه "اتخذ إجراءات صارمة ورادعة ضد المتسببين" في ما وصفها بـ"الأحداث المؤسفة" التي شهدتها مديرية الشيخ عثمان في عدن، يوم الأربعاء، وقطع الطريق أمام من اعتبرهم "دعاة الفتن".
وأقر "المجلس الانتقالي" ضمنيا بمسؤولية مليشياته عن أحداث العنف دون الإشارة إلى خلايا نائمة أو جهات مناهضة للجنوب، لكنه طالب بـ"ضمان عدم استغلال تلك الأحداث لمصلحة أعداء الجنوب، وضرورة عدم العودة لذلك المربع الدخيل على العقيدة العسكرية للقوات الجنوبية".
وشدد "المجلس الانتقالي" على ضرورة استمرار الحملة الأمنية الشاملة في كافة أنحاء مدينة عدن، في موقف يعطي الضوء الأخضر للتصدي للفصائل التابعة للقيادي الانفصالي نبيل المشوشي، التي فجرت الموقف بعد اتهامها برفض إخلاء مديرية الشيخ عثمان من أسواق السلاح.
وقوبلت الأحداث الدامية بانتقادات واسعة، ففي حين أكد ناشطون وصحافيون على أن مدينة عدن "لن تتعافى من الفوضى إلا في حال إخراج معسكرات المجلس الانتقالي"، أشار رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي فؤاد راشد إلى أن ما حدث "سيتكرر وليس هناك مؤشر لطي صفحة الماضي في عدن".
وذكر راشد في تغريدة على "توتير"، أن "الفوضى ستظل طالما ظلت التشكيلات العسكرية غير موحدة القرار"، لافتا إلى أن "النزعة المناطقية ستغذي تلك الفصائل بالإضافة إلى حافز المصالح المالية من الجبايات".
ماحدث امس في الشيخ عثمان سيتكرر وليس هناك من مؤشر لطي صفحة الفوضى في عدن .
— فؤاد راشد (@Fuad_Rashed1) June 24, 2021
هناك توجه إقليمي كما هو واضح لإبقاء عدن بهذه الصورة يقابله جنون الادوات المتواجدة على الأرض المدفوعة بحب المال والجاه ولو على أشلاء جثث الأبرياء .
الجنوب هو ثوب خارجي يتدثرون به لتمرير جرائمهم .
وقال إن "هناك توجها إقليميا، كما هو واضح، لإبقاء عدن بهذه الصورة، يقابله جنون الأدوات الموجودة على الأرض المدفوعة بحب المال والجاه ولو على أشلاء جثث الأبرياء"، دون الإشارة إلى هوية الداعم الإقليمي لهذا التوجه.
ويمتلك "المجلس الانتقالي" عدداً من المعسكرات والفصائل التي أسستها الإمارات داخل عدن، حيث يرفض إخراجها إلى خارج العاصمة المؤقتة، رغم أن اتفاق الرياض الذي تدعمه السعودية نص على ضرورة نقل تلك الفصائل من المدن إلى جبهات القتال ضد الحوثيين.