المقاومة الفلسطينية ترفع احتياطاتها خوفاً من غدر إسرائيلي

24 نوفمبر 2022
عناصر من "كتائب القسام" في غزة، أكتوبر 2022 (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

بالتزامن مع تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ترفع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقياداتها المقيمة في بيروت التأهب خشية من "غدر" إسرائيلي، مع الاتهامات التي تطاولهم بالمسؤولية عن تحريك العمل العسكري في الضفة والقدس.

وفي العام الأخير، ومع تصعيد عمليات المقاومة الفردية والمنظمة في الضفة وانتقالها إلى القدس، وجّه الاحتلال الإسرائيلي الاتهامات إلى قيادات في المقاومة الفلسطينية في كل من غزة وبيروت بالمسؤولية عن هذه الهجمات، والعمل على توسيع رقعة عمل خلايا المقاومة في الضفة خصوصاً ودعمها مالياً وعسكرياً.

تخوف من عودة سياسة الاغتيالات

وباتت الاشتباكات والهجمات على نقاط جيش الاحتلال واستهداف المستوطنين في الضفة المحتلة عاملاً بارزاً وحدثاً شبه يومي في الأشهر الأخيرة، وهو ما يدفع الاحتلال إلى خيارات قد يذهب في أحدها إلى التصعيد مع غزة لـ"إخماد العمليات وقطع رؤوس المدبرين لها"، عبر عودة سياسة الاغتيالات.

أضحت المقاومة شبه متأكدة من أنّ الاحتلال قد يذهب لتوسيع تصعيده ليطاول غزة، وقد تتدحرج الأوضاع إلى حرب واسعة

وعلمت "العربي الجديد" أن قيادة المقاومة في غزة أعطت، منذ أيام، تعليماتها لقيادات الصف الأول وعناصرها بضرورة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، والتنبّه من خطورة الأوضاع الأمنية، في ظل تزايد الاتهامات بمسؤولية غزة عن التصعيد في الضفة، واقتراب تشكيل الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفاً.

وبحسب المعلومات، زاد هذا التأهب والحذر مع انفجاري القدس، أمس الأربعاء، واللذين يُعتبران تطوراً نوعياً لم يحدث منذ سنوات، ومعهما أضحت المقاومة شبه متأكدة من أنّ الاحتلال قد يذهب لتوسيع تصعيده ليطاول غزة، وقد تتدحرج الأوضاع إلى حرب واسعة النطاق، وفق المعلومات.

وقالت حركة "حماس" في بيان، إن محاولات الاحتلال التحريض عليها وعلى علاقاتها مع دول المنطقة، "من خلال تحميل المسؤولية لأطر حركية خارج فلسطين، ما هي إلا محاولة للتغطية على عجزه في مواجهة ثورة شعبنا". وأكدت الحركة "سياستها الثابتة بأن ساحة المقاومة وإدارتها داخل أرضنا الفلسطينية المحتلة".

وطالب عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير بالعودة لسياسة الاغتيالات رداً على تفجيري القدس أمس الأربعاء، اللذين أديا إلى مقتل إسرائيلي وإصابة آخرين، وقال إنه "يجب تدفيع الإرهاب الثمن باهظاً على عملية اليوم وخصوصاً التشديد على المخربين في السجون".

وتركز دولة الاحتلال على اتهام أسرى محررين مبعدين إلى غزة وتركيا بالوقوف خلف التحريض والدعم لمنفذي هذه العمليات. وبعدما غادر بعضهم تركيا إلى لبنان، أضحت الاتهامات تُوجَّه علناً للمبعدين المحررين، وعلى رأسهم نائب رئيس مكتب "حماس" السياسي صالح العاروري المقيم في بيروت.

ويتزامن تحذير قيادة المقاومة، مع انتشار كثيف للطيران الاستطلاعي الإسرائيلي في أجواء قطاع غزة. ومنذ شهرين لا يغادر هذا الطيران الأجواء إلا ويعود إليها سريعاً، في مشهد يذكّر الفلسطينيين بالأيام التي تسبق الحروب والتصعيدات العسكرية.

والطيران الاستطلاعي الإسرائيلي مسؤول عن تحديث "بنك الأهداف" لجيش الاحتلال، ولا يبشر وجوده الدائم في أجواء القطاع بخير. ويترافق وجوده مع إجراءات أمنية استباقية تقوم بها قوى المقاومة على الأرض خشية من أنّ تكون بعض هذه الطائرات قادرة على استهداف القيادات وتنفيذ عمليات اغتيال كما حدث في أوقات سابقة.

إجراءات مشددة لحماية قادة المقاومة

وفي غزة، بات ظهور قادة المقاومة السياسيين والعسكريين من الصفوف المتقدمة محدوداً للغاية وسريعاً، وأضحت الإجراءات الأمنية حولهم تتزايد في ظل الكثير من المؤشرات على أنهم قد يكونون هدفاً لأي تصعيد إسرائيلي مقبل.

الصواف: الاحتلال يهدف من وراء إطلاق التهديدات ضد المقاومة وقياداتها إلى تطمين جمهور المستوطنين

وفي السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الاحتلال يهدف من وراء إطلاق التهديدات ضد المقاومة الفلسطينية وقياداتها إلى "تطمين جمهور المستوطنين"، ويريد أنّ يقول لهم إنه سيرد على ما يجري وإنّ يده ستطاول المقاومين المسؤولين عن تصاعد المقاومة في الضفة والقدس.

وأوضح الصواف أنّ الاحتلال لم يتوقف يوماً عن تهديد المقاومة ورجالاتها في كل مكان، وحيثما يوجد فلسطيني مقاوم سيكون هدفاً للاحتلال الإسرائيلي، وهذا ليس مرتبطاً بالعمليات بل إنه سياسة إسرائيلية منذ زمن بعيد، وأشار إلى أنّ الاحتلال "إذا نفذ هذه التهديدات فإنها لا تخيف المقاومة ولا تمنع تطورها وتوسعها، والأيام أثبتت عكس ما يصبو إليه الاحتلال من العدوان والتصعيد والاغتيال".

ولفت المحلل السياسي إلى أنّ المقاومة من خلال عملية القدس المزدوجة والعمليات اليومية في الضفة تبرهن أنها في حالة تطور، وكلما زاد الاحتلال إرهابه ضد الفلسطينيين سيكون هذا دافعاً أكبر لمزيد من العمليات، مضيفاً أنّ "المقاومة تعمل على تطوير حاضنتها الشعبية وتزداد قوة ووعياً".

المساهمون