- اجتماعات مرتقبة بين العراق والولايات المتحدة لبحث الوضع الأمني واحتياجات القوات العراقية، مع التركيز على الدعم الجوي والإسناد البري دون مناقشة بقاء أو رحيل القوات الأميركية.
- المحادثات تشير إلى انتقال محتمل لدور التحالف الدولي في العراق نحو التدريب وتبادل المعلومات حتى نهاية 2026، مع استمرار المفاوضات حول انسحاب القوات الأميركية والدولية.
تواصل ثلاث لجان عسكرية فرعية من العراق والولايات المتحدة إعداد تقييم شامل للوضع الأمني في العراق، يتضمن مدى التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش"، وضمان عدم عودته مجدداً كمصدر خطر على الأمن العراقي، وجاهزية القوات العراقية لإدارة الأمن في البلاد بما فيها الحدود الدولية مع دول الجوار، وحاجتها الحالية للتحالف الدولي في مهام مثل الغطاء الجوي والمعلومات الاستخبارية، والذخيرة، والإسناد، وغيرها.
ومن المقرّر، وفقاً لمصادر مطلعة في بغداد تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن يعقد الجانبان العراقي والأميركي اجتماعاً جديداً خلال النصف الثاني من شهر مارس/آذار الحالي، على أن تنتقل الجلسات لاحقاً إلى واشنطن. وسيكون ذلك منوطاً، بحسب المصادر، بزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني إلى الولايات المتحدة، لم يُحدَّد موعد رسمي لها لغاية الآن.
انتقال إلى دور جديد لقوات التحالف الدولي
وقال مسؤول رفيع في الحكومة العراقية، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن الجولات الحالية، التي عقدت وعددها ثلاث، لم تتطرق إلى فكرة بقاء أو رحيل تلك القوات كما يُروَّج خطأ من قبل وسائل الإعلام، إنما هي اجتماعات فنية عسكرية وأمنية يُبحث خلالها وضع البلاد الأمني وجاهزية القوات العراقية وأماكن الخطر أو الثغرات، إلى جانب احتياجات القوات العراقية من الدعم الجوي والإسناد للقوات البرّية والتغطية الاستخبارية وتحليل المعلومات، خصوصاً في ما يتعلق بالجانب السوري الذي ينشط فيه "داعش" كخلايا متناثرة.
من المقرر أن يعقد الجانبان اجتماعاً جديداً خلال النصف الثاني من مارس الحالي، على أن تنتقل الجلسات لاحقاً إلى واشنطن
واستؤنفت، في فبراير/شباط الماضي، المحادثات الثنائية بين بغداد وواشنطن بشأن انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، مع اعتماد "خفض مدروس وتدريجي"، وصولاً إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي لمكافحة "داعش"، وفق البيانات الرسمية العراقية.
وجاءت هذه المحادثات بالتزامن مع هجمات متبادلة، شبه يومية، ظلّت تشنّ بين الفصائل المسلحة العراقية الحليفة لإيران، والقوات الأميركية الموجودة في قواعد متفرقة ببغداد والأنبار وأربيل (وسورية)، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على خلفية انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأكد مسؤول عسكري عراقي، لـ"العربي الجديد"، أن "الولايات المتحدة طرحت استقلالية الجيش العراقي وقدرته على البقاء كمؤسسة لكل العراقيين، وعدم تحوله إلى قوة ثانية"، في إشارة واضحة من المسؤول إلى المنظومة الفصائلية المسلحة المدعومة من طهران والتي تخطى عددها عتبة 200 ألف مسلح موزعين على نحو 80 فصيلاً وتشكيلاً مسلحاً.
واعتبر المسؤول أن الاجتماعات الحالية بين اللجان العراقية والأميركية تسير جيداً، لكنها ليست مفاوضات على بقاء أو تمديد عمل التحالف، بقدر ما هي إعداد دراسة ورؤية ميدانية وعسكرية لحكومتي البلدين من قبل القيادات العسكرية المشاركة فيها.
ولفت المصدر إلى أن الجو العام في تلك المباحثات يذهب إلى انتقال جديد لدور التحالف الدولي في العراق، للتدريب وتبادل المعلومات، وضمن قواعد ومعسكرات خاضعة لإدارة بغداد، وليس إنهاء دوره، وهذا ما يبدو واضحا من تسريبات تصل من دوائر القرار في حكومة السوداني، وسيكون هذا الانتقال ضمن جدول زمني قد يمتد إلى نهاية عام 2026، وفقا للمسؤول ذاته.
والأسبوع الماضي، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر، وصفته بـ"الكبير" في الحكومة العراقية، قوله إن "المحادثات بين الولايات المتحدة والعراق حول انسحاب القوات الأميركية والدولية بالكامل من العراق قد تستمر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".
مسؤول في حكومة بغداد: الاجتماعات بحثت احتياجات القوات العراقية من دعم جوي وإسناد وتغطية استخبارية، خصوصاً في ما يتعلق بسورية
قبل ذلك، نفى المبعوث الأميركي للتحالف الدولي إيان مكاري وجود خطة في الوقت الحالي لانسحاب القوات الأميركية والتحالف الدولي من العراق. وتزامنت تصريحات مكاري مع تعليقات مغايرة للمسؤولين العراقيين، وأبرزهم السوداني، والتي تهدف إلى وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية، وإنهاء دور التحالف الدولي في العراق.
وقال السوداني، في وقت سابق هذا الشهر، إن "إخراج القوات الأميركية من العراق هو أحد الالتزامات الأساسية للحكومة قبل الأحداث الأخيرة في غزة"، مبيناً أن "المحادثات مع الجانب الأميركي تأخرت بسبب الأحداث في غزة، وأن الحكومة العراقية عقدت ثلاثة اجتماعات مهمة مع الجانب الأميركي لحل مسألة انسحاب هذه القوات من العراق في أسرع وقت ممكن".
من جهته، أكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، يوم الثلاثاء الماضي، في تصريحات متلفزة، أنه "يجب إعطاء الفرصة للحكومة في ملف التفاوض مع الولايات المتحدة بخصوص ملف إنهاء مهمة التحالف الدولي"، مبيناً أن العراق "ليس بحاجة لقوات أجنبية على الأرض، ورئيس الحكومة يشرف شخصياً على إدارة ملف إنهاء وجود التحالف الدولي".
من جهته، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم المحمداوي، لـ"العربي الجديد"، إن حكومة السوداني "جادة في ملف إنهاء عمل التحالف الدولي والوجود الأميركي في العراق، والحوار ما زال مستمرا بين بغداد وواشنطن لحسم هذه القضية". وأكد "عدم وجود أي جدول زمني محدد لإنهاء دور التحالف الدولي، وأن تحديد الجدول الزمني يعتمد على سير المفاوضات".
لكن المحمداوي لم ينكر وجود ما وصفه بـ"مخاوف حقيقية من التسويف وكسب الوقت الأميركي في الحوار، بهدف تأخير إنهاء مهام التحالف الدولي"، من دون أن يستبعد أن "تكون هناك نيّة أميركية لتأجيل هذا الملف إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، لكن مقابل ذلك، سيكون هناك موقف بالضغط السياسي والشعبي للإسراع بحسم هذه المسألة".
قرار في عهدة الرئيس الأميركي المقبل
الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي رأى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المعطيات تفيد بغياب الجدية بالانسحاب الأميركي، وهذا الأمر معلن وواضح من خلال تصريحات المسؤولين الأميركيين، وبهذا، فإن الحوار بين بغداد وواشنطن غير معلومة نتائجه، وهناك تضارب كبير بين المواقف العراقية والأميركية".
وتوقع الشريفي أن "المفاوضات بين الطرفين ستشهد تأخيراً إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وأن الإدارة الجديدة في واشنطن هي من ستقرر ما يجب اتخاذه بشأن عمل التحالف الدولي في العراق". ولفت إلى أن "الفترة القريبة لن تشهد حسم ملف الوجود الأجنبي في العراق، وأن حكومة السوداني تدرك ذلك، وهي تحاور واشنطن من أجل تهدئة الأوضاع الأمنية ما بين الفصائل العراقية والأميركيين".
ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/أيلول 2014. ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي. وليست كلّ هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية، تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.