أبدى حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، اليوم الاثنين، قلقه الشديد من "استمرار وتصاعد الاستعمال الكثيف والبشع للمال"، وذلك على بعد 10 أيام من موعد الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية المتزامنة، داعيا إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات مستعجلة للتصدي لها بالصرامة المطلوبة.
وعبرت الأمانة العامة (أعلى هيئة تنفيذية) لـ"العدالة والتنمية" عن استغرابها وقلقها الشديد من "استمرار وتصاعد الاستعمال الكثيف والبشع للمال، والذي أضحى الحديث بشأنه متداولا بشكل واسع في أوساط الرأي العام والهيئات السياسية".
وقالت الأمانة العامة إن الحزب "سبق أن نبه إلى مشكل الاستعمال الكثيف للمال في بيان سابق مشترك مع أحزاب أخرى، دون أن تبادر الجهات المختصة لفتح تحقيق في الموضوع من أجل التصدي الصارم لهذه الممارسات المشينة المخالفة للمقتضيات القانونية المتعلقة بتحديد سقوف مصاريف الحملات الانتخابية الخاصة بكل اقتراع، والتي تُخِلُّ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المتنافسين، وتمس بنزاهة ومصداقية العمليات الانتخابية".
ولفتت، في بيان وصلت إلى "العربي الجديد " نسخة منه، إلى أن "ما يروج حول حجم هذه الأموال المسخرة لإفساد العمليات الانتخابية والتأثير فيها، يثير تساؤلات مشروعة حول مصدرها والجهات التي تقف وراءها"، مؤكدة أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة "من المفروض أن تشكل محطة لتعزيز مسار البناء الديمقراطي بالبلاد، وهو ما يقتضي صيانتها من كل الممارسات المشينة والمسيئة التي يمكن أن يفضي التمادي فيها إلى التشكيك في نزاهتها والطعن في مصداقيتها".
إلى ذلك، دعت الأمانة العامة إلى "اتخاذ ما يلزم من إجراءات مستعجلة للتصدي، بالصرامة المطلوبة، لكل هذه الاختلالات، ومنها ضرورة التزام السلطات المحلية بالحياد الواجب طبقا لما يفرضه القانون خلال كل مراحل العملية الانتخابية، انطلاقا من فترة الحملة الانتخابية وانتهاء بصيانة مكاتب الاقتراع خلال عمليات التصويت والفرز وتمكين المراقبين من القيام بواجبهم".
ويأتي ذلك، في وقت برزت فيه، مع انطلاق الحملة الانتخابية الخميس الماضي، انتقادات لاستعمال المال الانتخابي، كان من أبرزها ما عبر عنه أمس الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة "أكبر حزب معارض، بخصوص ما سماه سعي أطراف سياسية إلى تحويل الفصل 47 من الدستور المغربي (ينص على تعيين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب) إلى معاملة مالية للارتقاء أو لشراء الذمم". كما هاجم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي المعارض محمد نبيل بنعبد الله ما وصفه بالانحرافات في بعض الدوائر التي تعرف استعمال المال لاستمالة الناخبين.
خطوة استباقية
إلى ذلك، اعتبر المحلل السياسي نوفل بلعمري أن حديث حزب "العدالة والتنمية" عن استعمال المال في الانتخابات وتدخل السلطة هو حديث يدين الحزب، لأنه قاد الحكومة لولايتين ولم يقم بكل ما يلزم لضمان مرور الانتخابات في جو نزيه، كما أنه دليل على تقصيره، مشيرا إلى أن إصدار قيادة الحزب بياناً حول ما سمته باستعمال المال والضغط على الناخبين هو خطوة استباقية للضغط على الدولة وتبرير الهزيمة الانتخابية أمام منخرطيها والرأي العام، بسبب تدبيره السيئ للحكومة لولايتين وعدم تحقيقه ما وعد به المغاربة.
وأضاف في حديث مع "العربي الجديد " أنه "إذا ما توفر للعدالة والتنمية أية وقائع حول استعمال المال، فما عليها إلا التوجه لرئاسة النيابة العامة بشكاوى في الموضوع، وأخال أن هذه الأخيرة لن تتساهل في الموضوع. كما يمكن للحزب التوجه إلى وزير الداخلية بشكوى إذا ما كان هناك ضغط على الناخبين أو على المواطنين لعدم الترشح باسم الحزب، وضد رجال السلطة الذين يدعي الحزب أنهم ضغطوا لثني المواطنين عن عدم الترشح باسمه".
وتدخل قيادة الحزب الإسلامي الانتخابات المقبلة برهان تصدرها وقيادة الحكومة للمرة الثالثة على التوالي، معتبرة أن الحزب "لا يزال هو القوة السياسية الأولى"، وأن "كل جهود التشويش والتشويه والتبخيس لن تؤثر عليه ما دام يتوفر على مناضلين مخلصين لمبادئه".
تدخل قيادة الحزب الإسلامي الانتخابات المقبلة برهان تصدرها وقيادة الحكومة للمرة الثالثة على التوالي
وتؤكد القيادة الحالية، في تصريحاتها، أن الحزب يعول خلال الانتخابات القادمة على القوة التي يمتلكها، ممثلة في تواصله مع المواطنين وقوته الداخلية في الترابط والتعاضد بين أعضائه لخدمة مشروعه.
في المقابل، يتوقع مراقبون تراجع نتائج الحزب خلال الانتخابات القادمة، جراء تدبيره الحكومة لولايتين متتاليتين ولما عاشه من أزمة داخلية في الأسابيع الماضية.
ويتوجه المغاربة في 8 سبتمبر/ أيلول القادم إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس الجماعية والمجالس الجهوية ومجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، في ظل سياق سياسي مختلف أبرز سماته وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي فيروس كورونا، واستحقاقات مستقبلية تخص على وجه الخصوص تطبيق النموذج التنموي الجديد الذي وضعته لجنة عيّنها العاهل المغربي.
وحصرت السلطات المغربية عدد الأحزاب السياسية، التي ينتظر أن تخوض غمار ثالث انتخابات تجرى في المملكة في ظل دستور سنة 2011، في 31 حزبا، في حين يبلغ عدد الناخبين 17 مليونا و983 ألفا و490 ناخبا (من أصل نحو 36 مليون نسمة).