دعت أحزاب المعارضة في المغرب، ليل السبت-الأحد، إلى ضرورة اتخاذ القرارات والتدابير الكفيلة بإحداث مناخ عام إيجابي قوامه الانفراج السياسي وصون الأفق الحقوقي، بما يُتيح مصالحةَ المغاربة مع الشأن العام، ويُسهم في الرفع من نسبة المُشاركة خلال الانتخابات المقررة هذه السنة، كشرط أساسي لتقوية مصداقية المؤسسات المُنتخبة.
وأعربت أحزاب "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال" و"التقدم والاشتراكية"، عن "اقتناعها الراسخ بكون المرحلة تقتضي أن يسود فضاءَنا العام نقاشٌ عمومي رزين ومسؤول حول حصيلة تدبير الحكومة للشأن العام، بما يترجم مبدأ المحاسبة الشعبية، وكذا حول مضامين المشاريع المجتمعية والبرامج السياسية للأحزاب، وتحتضنه مختلف وسائل الإعلام العمومية والخاصة، وتتناوله وسائط التعبير والمشاركة المواطنة بالتحليل والمقارنة والنقد البناء".
واعتبرت الأحزاب الثلاثة، في بيان مشترك تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، أن المرحلة تستدعي ديناميةً سياسية جديدةً، ورَجَّةً إصلاحية كبرى قادرة على إفراز حكومة قوية متضامنة ومنسجمة ومسؤولة، من أجل مواجهة التحديات الداخلية والخارجية للبلاد، وتجاوز اختلالات التدبير الحكومي الحالي، والعجز الواضح للحكومة في مُباشرة الإصلاحات الضرورية، وتفاقم الخلافات بين مكوناتها، وتعثرها الواضح في مُواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة.
إلى ذلك، جددت أحزاب المعارضة رفضها واستنكارها المبدئي لظاهرة "التوظيف السياسي للعمل الخيري والتضامني، كيفما كان ميوله السياسي، في استمالة الناخبين، بأشكال بئيسة استقبلها الرأي العام بكثير من السخط والاستهجان"، وذلك في رد فعل على اتهام جمعية تابعة لحزب "التجمع الوطني للأحرار" المشارك في الحكومة المغربية باستغلال المساعدات الغذائية من أجل الدعاية الانتخابية المبكرة.
وقالت الأحزاب المعارضة المغربية إن موقفها الرافض يأتي في سياق الحرص على سلامة جميع مراحل العملية الانتخابية، وعلى مبدأ التنافس الشريف والمُتكافئ الذي يتعين أن يسودها، معتبرة أنَّ هذه الظاهرة غير القانونية التي تعتمد على استغلال غير مشروع وغير أخلاقي للبيانات والمعطيات الشخصية للمواطنين والمواطنات، تقتضي تدخل السلطات العمومية من أجل ردعها وإيقافها.
وكان الأمين العام لـ"لأصالة والمعاصرة"، عبد اللطيف وهبي، سباقاً إلى إثارة الموضوع، إذ أشار نهاية الأسبوع الماضي، إلى أن مؤسسة "جود" التابعة لـ"التجمع الوطني للأحرار" وزعت ما يقارب مليون قفة رمضانية، معتبراً أن المسألة أصبحت مشكلاً سياسياً في المملكة، وتشكّل "أكبر فضيحة أخلاقية تواجه المغرب"، في إشارة إلى استعمال هذا الدعم الغذائي كـ"رشىً" انتخابية.
وفيما طالب المكتب السياسي لحزب "التقدم والاشتراكية"، السلطات العمومية بالعمل على إيقاف ما سمّاه "الانحراف المُقلق"، والاضطلاع الكامل بمهام المراقبة والضبط، بما يُجنب المجتمع كل عمليات الإفساد وسلوكياته، وبما يُصحح المسار بالنسبة إلى المسلسل الانتخابي الجاري، انتقد حزب "الاستقلال" إطلاق حملات انتخابية قبل أوانها، واستغلال حاجة المواطنات والمواطنين المتضررين من تداعيات الجائحة، بمنحهم "القفة الغذائية" المشروطة بالانتماء الحزبي، واستغلال المعطيات الشخصية للمستفيدين من عمليات الدعم الغذائي لأغراض أخرى لا صلة لها بالعمل التضامني النبيل.
وطالب "الاستقلال"، أيضاً، وزارة الداخلية بضبط عمليات التضامن الإنساني وتأطيرها والإشراف عليها، وتحصينها من كل التجاوزات أو التوظيفات الحزبية الضيقة، والزج بها في مسلسل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
في المقابل، اعتبر عزيز أخنوش، رئيس حزب "التجمع الوطني للأحرار" أن من يعارضون عمل مؤسسة "جود" للتنمية هم أشخاص ذوو أجندات سياسية، وأنهم بدأوا هجومهم مع قرب موعد الانتخابات، علماً بأن تلك المؤسسة تعمل طوال العمر وفي مختلف مناطق المغرب، وتضم مساهمين كُثراً.
وقال أخنوش، الذي يمنّي النفس بقيادة الحكومة القادمة، إن تلك الحملة جاءت لتشكك في النيات أو لتبخس هذا المجهود الكبير الذي تقوم به المؤسسة في إطار التضامن أو لتضربه. وأضاف أن "جود" تدعم عمل العديد من الجمعيات، لافتاً إلى أنها نفذت مشاريع كثيرة في الأرياف على مستوى تشييد الطرق والأقسام الدراسية، وتوفير الماء الصالح للشرب والصحة وتدريب النساء على الخياطة والعمل التعاوني.
وتعليقاً على ما أثير من جدل حول التوظيف السياسي للعمل الإحساني لتحقيق مآرب انتخابية، اعتبر أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لزرق، أن بيان أحزاب المعارضة الثلاثة بمثابة "رد فعل بدون أسس تدبيرية ولا حلول بديلة وبلاغها لا يخرج عن الإنشاء"، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جميع الأحزاب تحاول الركوب على المنجزات الملكية أو مجاراة تنظيمات التدين السياسي التي تملك خزاناً انتخابياً جراء استغلالها العمل الإحساني في وقت كان الأولى بتلك الأحزاب خوض غمار المنافسة الشريفة والنزول إلى ميدان العمل التنموي ومقارعة البرامج والسياسات.