المغرب: الانتخابات وكوفيد والصحراء

28 سبتمبر 2020
تنتظر المغرب انتخابات تشريعية جديدة العام القادم (فرانس برس)
+ الخط -
تنشط في الآونة الأخيرة حركات استعراضية لأحزاب في الحكومة المغربية ومن خارجها، في تسخين استباقي، تحضيراً للانتخابات التشريعية المفترض إجراؤها في 2021.
ومع بداية هذه التسخينات، طفت على السطح من جديد أصوات معارضة، تقدم نفسها على أنها صاحبة الخط السياسي الأصلي في أحزابها. وترفع دعوة لتصحيح المسار، وإعادة دفة القيادة إلى نصابها داخل تنظيماتها السياسية.
ففي حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، وجّه منتمون إلى الحزب رسالة مفتوحة إلى الأمانة العامة للحزب لمناقشة الأداء العام للحزب الإسلامي، طلباً للحوار، لا تزال تنتظر الرد.
وداخل حزب الأصالة والمعاصرة، عاود تيار قديم البروز إلى السطح من جديد، وفي اجتماع صاخب مع مكتبه السياسي، دعا قيادته إلى التقيد بالقانون الانتخابي الجاري به العمل، وعدم الرضوخ للتعديلات، التي لن تخدم مصالحه الانتخابية.
في الجهة الأخرى، يحاول حزب الاستقلال المعارض، العمل مع حزب التقدم والاشتراكية، المستغنى عنه من حكومة العثماني، رغم التباين في مرجعيات الحزبين.
وفي الحاصل، لا توجد أغلبية حكومية على لسان واحد في موضوع الانتخابات، وكل حزب يختزن خراطيشه، لفصل نزال أخير.
وكأن هناك شبه يقين بأن انتخابات 2021 لن تُجرى في ظل الظروف الصعبة التي تجتازها البلاد، بسبب كوفيد 19، والصعوبات التي تواجهها الحكومة في الخروج من حالة الإغلاق، الذي تحول من عام إلى جزئي.
وهذا ما يهدد الحركة الاقتصادية ويؤدي إلى ثقل في الفاتورة الاجتماعية، بسبب إفلاس المقاولات والشركات واتساع معدل نسبة البطالة، التي قال بنك المغرب (البنك المركزي) إنها ستلامس 9.4 في المائة، وهي نسبة عالية جداً، بعد أن كان يتوقع في السابق نسبة لا تزيد على 4.6 في المائة.
على مستوى آخر، يتصاعد التوتر بين المغرب وجبهة البوليساريو في منطقة الكركرات، بعد محاولة مجموعات تابعة للبوليساريو إغلاق المعبر الذي يربط بين المغرب والجارة موريتانيا، وعدم توقف قادة الجبهة عن التهديد بالعودة إلى حمل السلاح، ما يخالف قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار الذي أُقرّ في سبتمبر/ أيلول 1991.
وأمام هذه التعقيدات، يصبح إجراء الانتخابات في موعدها، آخر ما تفكر فيه الدولة، فعدم رؤية الضوء في كل هذا النفق المظلم لن يساعد على تنفيذ الأجندة الكاملة، واستحقاقاتها المقررة سلفاً.
هل ينقص هذا من المسار الديمقراطي الذي اختطه المغرب لنفسه، أو يقلل من أهمية مؤسساته الرسمية؟ ربما الجواب في مكان آخر، وعند النخب التي تملك تقديم حلول في وقت الأزمات، قد يكون من بينها تشكيل حكومة كفاءات لإدارة المرحلة الراهنة، لا تلغي التعددية السياسية ولا التناوب على السلطة من خلال صناديق الاقتراع. ففي زمن الحروب والأزمات تقرع أجراس الواجب الوطني.

 

المساهمون