لم تُجمع تيارات المعارضة السورية وهيئاتها ومجالسها على أمر منذ عام 2011 مثلما أجمعت على رفض الانتخابات الرئاسية التي يستعد النظام لإجرائها في أواخر الشهر الجاري، لتثبيت بشار الأسد في السلطة، في تحدٍّ لإرادة المجتمع الدولي.
وترى المعارضة السورية بمختلف عناوينها أن الانتخابات التي تجري وفق دستور 2012، الذي فُصّل على مقاس بشار الأسد، تجاوز لكل قرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرار 2254 الشهير الذي دعا إلى تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية تشرف على كتابة دستور تجري على أساسه انتخابات برلمانية ورئاسية.
وقال رياض درار، الرئيس المشترك لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، الذي يُعتبَر جناحاً سياسياً لـ"قوات سورية الديمقراطية"، إن المجلس "لم يناقش موضوع الانتخابات"، مضيفاً: "لدينا موقف مسبق، فنحن غير معنيين بأي انتخابات، إلا إذا كانت ضمن شروط يتوافق عليها جميع السوريين".
وأضاف درار، في حديث مع "العربي الجديد": "الوصول إلى الانتخابات يجب أن يكون ضمن التسلسل الذي تضمنه القرار الدولي 2254، من خلال هيئة حكم انتقالية تهيئ بيئة آمنة، وكتابة دستور جديد يؤسس للانتخابات التي يجب أن تشرف عليها الأمم المتحدة ودول ضامنة لتكون شفافة بمشاركة كل السوريين".
ترى المعارضة السورية بمختلف عناوينها أن الانتخابات التي تجري وفق دستور 2012، الذي فُصّل على مقاس بشار الأسد، تجاوز لكل قرارات الشرعية الدولية
وتسيطر "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ذات الطابع الكردي، على الشمال الشرقي من سورية، الذي بات يعرف بـ"منطقة شرقي الفرات"، التي تعادل نحو ثلث مساحة سورية.
وكانت المحكمة الدستورية العليا، التي يعيّن رئيسها وأعضاءها بشار الأسد، قد أعلنت الاثنين أنها قررت في إعلان أولي قبول ترشيح كل من عبد الله سلوم عبد الله وبشار حافظ الأسد ومحمود أحمد مرعي لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية.
وكان قد تقدم 51 مرشحاً، بينهم 7 نساء، لخوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس والعشرين من الشهر الجاري، والتي يرفضها المجتمع الدولي، وتعتبرها المعارضة "مسرحية" غايتها تثبيت بشار الأسد في السلطة حتى عام 2028.
إلى ذلك، أوضح عضو الهيئة الرئاسية لـ"المجلس الوطني الكردي"، المنسق العام في حركة "الإصلاح الكردي"، فيصل يوسف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المجلس "سيصدر قريباً بياناً للرأي العام والشارع الكردي يبيّن فيه موقفه من الانتخابات".
وتابع يوسف: "سيكون موقفنا متقاطعاً مع مواقف باقي قوى المعارضة بأن هذه الانتخابات هي كسابقاتها تندرج في إطار التشبث بالسلطة وعدم الاكتراث بالقرارات الدولية لحل الوضع المتأزم في البلاد".
وفي السياق، أشار ما يسمّى "حزب الإرادة الشعبية"، الذي يرأسه قدري جميل، والذي يدور في فلك الرؤية الروسية للحل في سورية، في بيان له، إلى أن "هذه الانتخابات لن تسهم في إنهاء الأزمة السورية، لأنها لا تجري في السياق الذي نص عليه قرار مجلس الأمن 2254، الذي يفسح المجال لمشاركة كل السوريين وإشراف مراقبين من الأمم المتحدة".
بموازاة ذلك، يُعِدّ الائتلاف الوطني السوري، وهو المظلة الأكبر في المعارضة السورية، خطة لمواجهة انتخابات بشار الأسد، وفق عبد المجيد بركات، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، الذي أوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الائتلاف "سيطلق حملة سياسية وشعبية وإعلامية لمواجهة انتخابات النظام الرئاسية".
وتابع: "هدف الحملة فضح النظام وكشفه، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه القرار الدولي 2254".
وأوضح بركات أن الائتلاف "سيشرك كل الفعاليات الوطنية السورية في الحملة التي تستهدف كل السوريين في الداخل والخارج، والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية"، مضيفاً أن "الحملة تؤكد أن هذه الانتخابات لا قيمة سياسية أو قانونية أو شرعية لها، وأن النظام غير مؤهل قانونياً وأخلاقياً لتمثيل السوريين".
وبيّن المتحدث ذاته أن شعار الحملة سيكون "الأسد للمحكمة لا للحكم"، مشيراً إلى أنها تؤكد أن "بشار الأسد يشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين".