دشنت المعارضة التركية ممثلة بحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، السبت، الحملة الجماهيرية المطالبة بالانتخابات المبكرة، في ولاية مرسين، عبر تظاهرة شارك فيها عشرات الآلاف، وحملت شعار "صوت الشعب" و"الانتخابات فوراً".
وكانت المعارضة أعلنت، قبل نحو أسبوعين مع بدء تراجع صرف سعر الليرة التركية أمام العملات الأجنبية لتفقد قرابة 45% من قيمتها خلال شهر، عن تحرّكها ميدانياً للضغط باتجاه الانتخابات المبكرة.
ومنذ أكثر من عام، تضغط المعارضة باتجاه الانتخابات المبكرة، حيث من المفروض أن تجري الانتخابات في حزيران/يونيو من عام 2023، وتسعى المعارضة إلى الاستفادة من المشاكل الاقتصادية التي نشأت بعد جائحة كورونا، في ظل عدم تمكّن المعارضة من امتلاك الأدوات الدستورية لتقريب موعد الانتخابات.
ويمكن للبرلمان الدفع باتجاه الانتخابات المبكرة عبر الأغلبية، التي تفتقدها المعارضة، كما يمكن للرئيس رجب طيب أردوغان الدفع باتجاه الانتخابات المبكرة، ولكن الأخير وحلفاءه في التحالف الجمهوري الحاكم أكدوا عدة مرات أن الانتخابات ستكون في موعدها.
وقدم زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كلجدار أوغلو، مجموعة من التعهدات والوعود لأنصاره الحاضرين، مجدداً في نفس الوقت وعوده السابقة بالتصالح مع دول الإقليم ومنها سورية ومصر، متهماً أردوغان بالتفرد بحكم البلاد، فيما تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الحدث، خاصة من الأطياف المؤيدة للمعارضة.
وقال كلجدار أوغلو "لا مكان لليأس في كتابنا، أعد كل خريجي الجامعات بحل مشكلة عدم حصولهم على فرص العمل، نؤمن بالديمقراطية، ولهذا نقول بأننا سنأتي للحكم من مرسين التي تعتبر تركيا المصغرة، وقلنا بشعارنا فليتحدث الشعب، وهناك من يصمّ السمع".
وأضاف "أمس طلبت موعداً من مؤسسة الإحصاء، فأغلقوا الأبواب، وأرقام التضخم المعلنة هذه تحدد الحد الأدنى للأجور، ونحن نقول أليس لديكم عوائل ولا ترون لائحة الأسعار عندما تشترون من المتاجر، وعند شراء الخبز، ذهبت للسؤال كمواطن ولأول مرة في تاريخ الجمهورية يُمنع النواب من دخول مكان يقصدونه".
وانتقد كلجدار أوغلو حديث أردوغان عن نظام الوصاية على تركيا "كانوا يقولون نظام الوصاية، أمس عرفنا من هو الوصي في تركيا، من واجبنا الدفاع عن حقوق الشعب والموظفين وأجورهم، وهنا أتعهد بإزالة أي نظام وصاية عن تركيا، ومن وصاية القصر (أردوغان) بالتعاون مع أصدقائنا متحدين مع بعضنا البعض".
كما قدم كلجدار أوغلو وعوده في حال توليه الحكم، منها "سنذهب سوية إلى صناديق الاقتراع ونأخذ الحكم، وستكون الأولوية للعامل والمزارع، وسنوقف الاستيراد ومنها استيراد الموز، وسيتم إلغاء الفوائد على ديون المزارعين، وسيتم إنشاء وزارة التجار، وجلب السلام للبلاد والاستقرار والعدالة والديمقراطية، وتغير نظام المافيا والتعاون مع تجار المخدرات، وسيتم تطهير السياسة من أي أعمال مشبوهة".
وتعهد أيضا "سيتم إنهاء عمل كل مرتشٍ، وسنقدم تفاصيل كل قرش سيتم صرفه، وأعد لن يكون هناك فقر في تركيا، وسيتم محاربة مانحي الفوائد في لندن الذين يأخذون قسماً كبيراً من الضرائب، وسيتم حل مشكلة طلبة الجامعات، وستحل مشكلة البطالة، ونتعهد بإعادة الاعتبار والقيمة لليرة التركية على مستوى العالم".
وعلى الصعيد الدولي والإقليمي، قدم كلجدار أوغلو تعهداته أيضاً بالقول "سنتصالح مع إسرائيل ومصر وسورية، وسترون كيف ستنتقل الشاحنات من مرسين إلى الشرق الأوسط، وكيف تتجه التجارة منها للقارة الأفريقية"، مخاطباً الشباب بأن "تركيا ستصل إلى الرخاء خلال 6 أشهر من توليهم الحكم، وأن رياح التغيير لاحت في تركيا، فلتستعدّ البلاد في كل مدنها لهذا التغيير".
ومُنع أمس كلجدار أوغلو من دخول مؤسسة الإحصاء الرسمية، حيث لم يتم إعطاؤه موعداً، ولكنه حاول الدخول من دون موعد فمُنع من ذلك، ليستغل الأمر ويطلق تصريحاته ضد الحكومة.
الرئيس أردوغان رد على كلجدار أوغلو وتجمّعه اليوم في مرسين، وتصريحاته أمام مؤسسة الإحصاء الرسمية، وذلك خلال افتتاح مشاريع في ولاية سيرت، قائلاً إن "كلجدار أوغلو مُنح موعداً من المصرف المركزي، وحصل منهم على كل ما يطلب من معلومات، فخرج ليتكلم ضد المصرف، فمن يعطيه موعداً بعد ذلك، وهو ما حصل معه أمس، وذهابه إلى مكان من دون موعد لا يليق به، فالمؤسسات ليست ملكه".
وأضاف "عمل على الاستعراض أمام باب المؤسسة، فليعلم أن هذه المؤسسات لا يمكن الذهاب إليها من دون موعد، المنظمات الإرهابية هي التي لا تحتاج لموعد هناك يمكن أن تذهب. واليوم كان في مرسين، ولم يستطع حشد الجماهير المجتمعة في الافتتاح بمدينة سيرت. وكان كلجدار أوغلو يطالب بميادين أكبر للتظاهر في مرسين لملئها ولكنه لم يستطع ملء ميدان التجمع، فالأرقام الرسمية موجودة لدينا".
وختم موجهاً كلامه لكلجدار أوغلو "دع موضوع مداهمة المؤسسات الرسمية واظهر في ميدان السياسة، فمنذ أن أصبحت رئيساً لحزب الشعب لم تفز بأي انتخابات أمامنا، ليخرج ويقول اليوم إن أردوغان ليس وطنياً، إن أردوغان حصل على 52% من الأصوات، فعليك معرفة حدودك".
وبهذا يبدو أن الساحة التركية السياسية مرشحة للتظاهرات المتبادلة في الأيام المقبلة، والتي سيسعى كل طرف عبرها لإظهار قوته وحاضنته الشعبية وصولاً إلى الانتخابات سواء في موعدها أو بشكل مبكر.