تواصل القوات التركية عملياتها العسكرية في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان، مع تركزها خصوصاً في مدن السليمانية وسنجار وسيدكان وسوران والزاب وزاخو وجبل قنديل.
وتتضمن العمليات قصفاً جوياً واغتيالات تطاول قيادات بارزة في حزب "العمال الكردستاني". ويواجه "الكردستاني" أوضاعاً سيئة بسبب الحصار الأمني الذي تفرضه القوات التركية، فيما تشير مصادر كردية إلى تبديل الحزب خططه لحماية قادته من عمليات الاغتيالات التي تُنفذ بواسطة الطيران المسيّر التركي.
وينتشر مسلحو "الكردستاني" في عدد من مناطق شمالي العراق، حيث يُتهمون أحياناً بتنفيذ عمليات أمنية في إقليم كردستان العراق، واستهداف قوات البشمركة.
وتتهمهم حكومة الإقليم بزعزعة أمن كردستان، وتتخذ السلطات الأمنية هناك إجراءات أمنية بشكل مستمر لمنع مواصلة تلك التهديدات، التي أثرت على قرى وبلدات عديدة، ودفعت مئات العائلات إلى النزوح.
محما خليل: اغتيال عناصر من الكردستاني يدل على أن الأتراك اخترقوا صفوفهم
وأفادت السلطات الأمنية في إقليم كردستان، مساء الجمعة الماضي، بأن 4 من مسلحي "الكردستاني" قُتلوا وأصيب آخر بقصف نفذته طائرة مسيّرة تركية استهدف سيارة في محافظة السليمانية، شمالي العراق.
مع العلم أنه في 7 إبريل/نيسان الماضي، استهدفت طائرة مسيّرة موكباً كان فيه قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي، الذي كان في زيارة سرية إلى السليمانية، التقى فيها بقادة في التحالف الدولي، وتم استهدافه داخل مطار المدينة، من دون إصابته. وتلت ذلك عمليات استهداف أخرى طاولت قيادات وعناصر في "الكردستاني".
المسيرات التركية واستهداف "الكردستاني"
وحول ذلك، كشفت مصادر أمنية من إقليم كردستان، لـ"العربي الجديد"، أن "الطائرات المسيّرة التركية، قصفت نحو 27 هدفاً من الكردستاني، وألحقت بالمسلحين خسائر بشرية، تزيد عن 65 من القادة والعناصر المتقدمة في الحزب"، منذ مطلع العام الحالي.
وأضافت أن "العمليات العسكرية التركية، أخذت طابعاً استخباراتياً ومعلوماتياً جديداً، منذ بداية العام الحالي، وهي تمارس دوراً نوعياً في تحييد قادة الكردستاني، بعد أن كانت خلال العامين الماضيين تقاتلهم على الأرض".
وأوضحت أن "القيادة التركية باتت تتوجه نحو عمليات الاغتيال لاستهداف عناصر خطيرة من مسلحي الكردستاني"، مضيفة أنه "على الرغم من عدم وجود التنسيق مع حكومة أربيل في غالبية العمليات العسكرية، إلا أن السلطات في عاصمة إقليم كردستان غير معترضة عليها".
ولفتت المصادر إلى أن "معظم مسلحي الكردستاني على أطراف مدينة أربيل، باتوا يتوجهون إلى الحدود مع السليمانية أو جبال ومناطق وعرة تابعة للسليمانية، لا سيما وأن الحزب الحاكم في المدينة (الاتحاد الوطني الكردستاني) منسجم مع الكردستاني، ويتوافق مع أطراف سياسية في بغداد والفصائل المسلحة المتحالفة والداعمة للحزب".
وأكدت أن "عمليات الاغتيال الأخيرة، وتحييد قادة وعناصر فاعلة من الكردستاني أزعجت زعيم حزب الاتحاد الوطني بافل طالباني، على الرغم من أن الكردستاني لا يعلق كثيراً بشأن استهداف عناصره بواسطة الطائرات التركية المسيّرة".
من جهته، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان، النائب في البرلمان العراقي محما خليل، أن "الكردستاني يمارس أدواراً شريرة في أربيل والسليمانية، وكان من المفترض أن تقوم السلطات الاتحادية في بغداد، بمعاقبة قادته"، لكنه أعرب عن أسفه في حديثٍ مع "العربي الجديد"، لأن "العمليات التركية التي نعتقد أنها تضر بسيادة العراق، تتكفل بهذا الدور، وخلال الفترة الماضية زادت حالات استخدام الطيران المسيّر، وتحييد قادة بارزين في الكردستاني، وغالباً فإن العمليات تحدث ويتم الإعلان عن نتائجها، بعد رحلة بحث ومعلومات استخباراتية".
جمال بايك: بعض الأحزاب الكردية متواطئة مع الحكومة التركية
وأضاف خليل أن "اغتيال عناصر من الكردستاني يدل على أن الأتراك اخترقوا صفوف هذه الجماعة، وهذا يعني تقدماً كبيراً في هذه العمليات"، موضحاً أن "السلطات في إقليم كردستان ترفض العمليات العسكرية التركية التي تضر بالمدنيين وممتلكاتهم، لكن نبقى نذكّر باستمرار بأهمية إبعاد الكردستاني عن العبث بأمن المدن العراقية".
"الكردستاني" يتهم
من جهته، رأى القيادي في حزب "العمال الكردستاني" جمال بايك، أن "العمليات العسكرية التركية واستخدام الطائرات المسيّرة، وما تتسبب به من رعب للأهالي وحرائق في البساتين والمزارع، انتهاك لسيادة العراق"، معتبراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "على السليمانية أن تضغط على بغداد، من أجل فتح تحقيق في هذه الجرائم، والاتفاق مع أنقرة لإنهاء هذه المشاكل الأمنية الكبيرة".
وأوضح أن "العملية الأخيرة التي قُتل فيها 4 عناصر من عناصر إدارية في الكردستاني في قضاء شاربازير بالسليمانية، تستدعي الوقوف بشكلٍ حاسم تجاه هذه الممارسات".
وقال بايك إن "العمليات التركية عادة ما تخلّف خسائر بشرية في صفوف المدنيين، وخسائر مادية وطبيعية، مثل الحرائق ونفوق الحيوانات"، معتبراً أن "الحكومات المحلية في إقليم كردستان على علم بكل هذه التفاصيل، لكنها لا تحرك ساكناً، بل إن بعض الأحزاب الكردية متواطئة مع الحكومة التركية"، مؤكداً أن "استخدام تركيا للطيران المسيّر، ووضع الصواريخ والسلاح في هذه الطائرات، يجعل جميع المناطق الكردستانية في خطر كبير".