لم تتوقف المسيرات التركية على مدى يومين عن ضرب أهداف في الشمال الشرقي من سورية، الخاضع لقوات سورية الديمقراطية (قسد)، وقد ركّزت على منشآت ومرافق حيوية، رداً على مقتل جنود أتراك في شمال العراق، حيث تنظر أنقرة إلى هذه القوات على أنها جزء من حزب العمال الكردستاني.
وأصيب مدنيون صباح اليوم الاثنين، بقصف بالمسيرات التركية استهدف مطبعة "سيماف" في مدينة القامشلي على الحدود السورية التركية، بالتزامن مع قصف مماثل قرب مكتب تخزين المازوت وتوزيعه في حي العلايا في المدينة ذاتها. كما استهدفت المسيرات التركية مؤسستي الكهرباء والإسمنت على الحزام الشمالي لمدينة القامشلي، وقرية محركان، ومطحنة في حي قناة السويس شرقي المدينة.
وفي السياق، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، صباح الاثنين إصابة شخصين بجراح متفاوتة، نتيجة استهداف مسيّرة تركية، شركة إنشاءات تابعة للإدارة الذاتية في مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، مشيرا إلى أن سيارات الإسعاف هرعت لنقل المصابين إلى المستشفى.
وكان الجيش التركي قد رفع وتيرة التصعيد على شمالي العراق وشمال شرقي سورية ليل السبت- الأحد بعد مقتل 12 جندياً تركياً وإصابة 13 آخرين في شمال العراق نتيجة هجوم تقول أنقرة إنه من تنفيذ حزب العمال الكردستاني.
وتتعامل أنقرة مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تسيطر على شمال شرق سورية على أنها امتداد لهذا الحزب الذي يعتبره الأتراك التهديد الأهم لأمنهم القومي. وقصف الطيران التركي على مدى يومين منشآت نفطية ومرافق حيوية ما أدى إلى خروج بعضها عن الخدمة وفق الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية.
استهداف المسيرات التركية للبنى التحتية "رسالة قاسية"
وتعليقا على التصعيد واسع النطاق من قبل الجانب التركي بالمسيرات على شمال شرق سورية، رأى المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو في حديث مع "العربي الجديد" أن "أنقرة نقلت المعركة إلى مستويات أخرى وهي ضرب البنى التحتية من أجل إضعاف قوات قسد".
وأضاف أوغلو أن "تركيا تريد تدمير كل ما يساعد على إقامة فيدرالية في شمال شرق سورية، كما تخطط قوات قسد"، متابعاً القول: "هذا التصعيد رسالة قاسية مباشرة لقسد وغير مباشرة للولايات المتحدة الأميركية، وهي الداعم الأساسي لهذه القوات، وهذا تغيّر في السياسة التركية".
من جهته، بيّن المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق في حديث مع "العربي الجديد" أن "الاستهداف التركي لمقرات وشخصيات قيادية في قوات قسد لم يتوقف منذ سنوات". وبرأيه ارتفاع وتيرة التصعيد جاء ردا على محاولات مسد (الذراع السياسية لقوات قسد) ترسيخ كيان ذي صبغة كردية في شمال شرق سورية، مستغلة الانشغال الدولي بقضايا أخرى.
إلى ذلك، ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن الطيران التركي استهدف الشمال الشرقي من سورية منذ بداية العام الجاري 108 مرات، ما تسبب بمقتل 86 شخص، بالإضافة لإصابة أكثر من 97 شخصا بجراح متفاوتة.
من جانبه، ذكر موقع "نورث برس" الإخباري المقرّب من الإدارة الذاتية أن خسائر قطاع الطاقة المتمثل بالمحطات النفطية والكهربائية، في شمال شرق سورية نتيجة القصف التركي منذ بداية العام الجاري فاقت الـ 1 مليار و270 مليون دولار أميركي. ونقل في تقرير له الاثنين عن مسؤولين محليين تأكيدهم أن كمية النفط المحترق نتيجة الهجمات تقارب 621 ألفا و175 برميلاً.
وعلى خلفية الاستهداف التركي للبنية التحتية في شمال شرق سورية، دعت أحزاب كردية سورية، اليوم الاثنين، في بيان لها، المجتمع الدولي إلى "اتخاذ مواقف واضحة تجاه السياسات التركية"، مشيرة إلى أن القصف التركي "يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة" وفق البيان.