مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بذكرى "خراب الهيكل"

13 اغسطس 2024
من اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، أغسطس 2022 (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **اقتحام المسجد الأقصى**: شهد المسجد الأقصى اقتحاماً واسعاً من مستوطنين إسرائيليين تحت حماية الشرطة، حيث نفذوا جولات استفزازية وطقوساً تلمودية في ذكرى "خراب الهيكل"، مع فرض قيود على دخول المصلين الفلسطينيين.

- **تصعيد واستفزازات**: تخللت مسيرات أعلام استفزازية حول البلدة القديمة أعمال عربدة واعتداءات على ممتلكات المقدسيين، ووصل عدد المستوطنين المقتحمين إلى 1200، بعضهم دخل المسجد بسلاحه الشخصي.

- **دعم حكومي وتصاعد الاقتحامات**: الاقتحامات حظيت بدعم من الحكومة الإسرائيلية، وارتفعت نسبة المستوطنين المقتحمين منذ مطلع أغسطس بنسبة 29%، مع سعي الصهيونية الدينية لتعزيز يوم "خراب الهيكل" بمعاني القوة والغلبة.

شرعت مجموعات كبيرة من المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، بينهم حاخامات ورؤساء جمعيات استيطانية، منذ ساعات الصباح الأولى اليوم الثلاثاء، بحماية معززة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي الخاصة، باقتحام باحات المسجد الأقصى في ذكرى ما يسمّى "خراب الهيكل". وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة بأن المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى من باب المغاربة، عبر مجموعات متتالية، ونفذوا جولات استفزازية في ساحاته، وتلقوا شروحات عن "الهيكل" المزعوم، وأدى بعضهم طقوساً تلمودية في باحاته وقبالة قبة الصخرة، وذلك في ما يسمّى ذكرى خراب هيكلهم المزعوم الذي يصادف اليوم وفق التقويم العبري.

وأفاد متحدث باسم الأوقاف الاسلامية، فضّل عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، بأنه بالتزامن مع هذه الاقتحامات، فرضت قوات الاحتلال قيوداً مشددة على دخول المصلين الفلسطينيين للمسجد الأقصى، وقيّدت عمل حراس وسدنة المسجد. وسبق هذه الاقتحامات قيام مئات المستوطنين الليلة الماضية وحتى فجر اليوم، بمسيرات أعلام استفزازية حول أسوار البلدة القديمة من القدس، التي شهدت أعمال عربدة واعتداء على ممتلكات المواطنين المقدسيين، ومحلاتهم التجارية، وتحطيم محتويات وقلب البسطات، خصوصاً في سوق المصرارة الواقع إلى الغرب من أسوار البلدة القديمة، على مرأى من قوات الاحتلال التي لم تحرك ساكناً لوقفها.

ووصل عدد المستوطنين المقتحمين للمسجد الأقصى خلال ساعة ونصف فقط من الاقتحام المتواصل منذ الصباح إلى 1200، بحسب المسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية، الذي أشار إلى أن هذا العدد غير مسبوق بالنظر إلى أعداد المستوطنين المقتحمين العام الماضي، حيث وصل عدد المقتحمين طوال أيام إحياء ذكرى ما يسمّى "خراب الهيكل" إلى 2200 مقتحم. ووفق مسؤول آخر فضّل عدم ذكر اسمه في حديث مع "العربي الجديد"، فقد اقتحم المستوطنون المسجد أقصى بحماية الاحتلال، وسط استفزازات كبيرة ومنع المصلين من دخول المسجد، مؤكداً أن ما يجري خطير جداً، حيث سُمح لبعض المستوطنين بالدخول بسلاحهم الشخصي، وأداء سجود ملحمي جماعي وبأعداد كبيرة، وسط صراخ هستيري.

وكانت احتفالات المستوطنين بهذه المناسبة قد سجلت العام الفائت تصعيداً كبيراً، باقتحام نحو 3 آلاف مستوطن باحات الاقصى، فيما تواصل "منظمات الهيكل" المزعوم حشد أنصارها لاقتحام المسجد الأقصى بأعداد كبيرة لمناسبة ما يُسمى "حِداد الأيام التسعة" اعتباراً من اليوم. ووفقاً لدائرة الأوقاف الإسلامية، فقد سُجل منذ مطلع شهر أغسطس/ آب الحالي ارتفاع بنسبة 29% في أعداد المستوطنين الذين اقتحموا باحات الأقصى، حيث وصلت أعداد المقتحمين خلال الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر إلى ما مجموعه 1640 مقتحماً. وفي تعليقه على هذه الاقتحامات المدعومة من الحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً أحزابها الدينية القومية المتطرفة، قال الباحث المختص في شؤون المسجد الأقصى زياد ابحيص لـ"العربي الجديد"، إنه "مع مجيء الصهيونية الدينية، أخذت الأعياد اليهودية تكتسب أبعاداً قومية مختصة بالمشروع الصهيوني وتاريخه المعاصر، ودخلت إلى قائمة الأعياد مناسبات قومية مثل الذكرى العبرية لاحتلال القدس والذكرى العبرية لتأسيس الكيان الصهيوني (يوم الاستقلال)، وذكرى المحرقة، كذلك بدأ توجه جديد لإعادة تفسير أعياد الأحزان والمراثي بمعانٍ إيجابية محمّلة بالأمل ومعاني القوة والغلبة، وكانت ذكرى خراب الهيكل أحد تلك الأعياد التي عُمل على إضفاء معنىً جديد عليها".

وأضاف ابحيص: "مع صعود الصهيونية الدينية ومشروع الإحلال الديني تجاه المسجد الأقصى، أخذت تحاول تعزيز يوم الأحزان الأسطوري بمعاني القوة والغلبة والوعد المستقبلي، لتبني على فكرة توراتية مفادها أن المسيح المخلص الذي تنتظره هذه الجماعات سيولد في هذا اليوم، وأن الأمل سينبعث من رحم الأحزان، فأخذت تحول هذا اليوم إلى يوم لتجديد العهد باستعادة الهيكل المزعوم، وفرض السيادة الصهيونية على المسجد الأقصى من خلال اعتباره يوم الحشد الأعظم للاقتحامات، وقد فرضت فيه بالفعل أكبر اقتحامين في تاريخ المسجد الأقصى في عامَي 2022 و2023 على التوالي باقتحام 2200 متطرف للمسجد الأقصى المبارك، وأداء الطقوس التوراتية فيه، ورفع الأعلام الصهيونية، وأداء النشيد القومي الإسرائيلي (نشيد الأمل) في الأقصى، والانبطاح على ثراه بأداء طقوس السجود الملحمي". ووفق ابحيص، فقد ترافق عدوان عام 2022 مع انطلاق معركة وحدة الساحات التي افتتحها الاحتلال قبل يومين فقط من ذكرى خراب الهيكل في حينه باغتيال الشهيد تيسير الجعبري من سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وفرض الاقتحام الأكبر للمسجد الأقصى في تاريخه تحت وقع القصف والنار، فيما تمكنت سرايا القدس من إيصال صواريخها إلى سماء القدس في أثناء الاقتحام.

وأشار ابحيص إلى أن هذه الجماعات المتطرفة استبقت اليوم عدوان "ذكرى خراب الهيكل" بالدعوة إلى أنشطة تحفيزية، في إطار محاولتها لتجاوز آثار طوفان الأقصى، وما قد يفرضه التفجر المتتالي للمعارك من بوابة الأقصى، فدعت إلى سلسلة بشرية حول أسوار البلدة القديمة والمسجد الأقصى مساء الأحد، حققت حضوراً خجولاً، زعمت تلك الجماعات أنه وصل إلى 1500 مشارك، ثم جددت الدعوة ليل الاثنين إلى مسيرة أعلام مسائية حول البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وصولاً إلى الدعوة إلى اقتحامٍ مركزي صباح اليوم الثلاثاء، وهو يوم تسعى فيه جماعات الهيكل في الحد الأدنى لاستدامة أرقامها السابقة بـ 2200 مقتحم، وأن تحافظ على يوم ذكرى خراب الهيكل باعتباره اليوم الذي يشهد أكبر اقتحامٍ من حيث العدد، باعتباره يوماً لتجديد العهد لبناء الهيكل في مكان المسجد الأقصى.

المساهمون