فاز النائب المستقل إبراهيم بوغالي برئاسة البرلمان الجزائري الجديد بعد حصوله على غالبية الأصوات خلال جلسة تصويت جرت مساء اليوم.
وحصل بوغالي على 295 صوتاً مقابل 89 صوتاً لمنافسه أحمد صادوق مرشح حركة مجتمع السلم، (مع إلغاء 21 ورقة تصويت) بعد توافق كتل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وكتلة المستقلين وكتلة حركة البناء الوطني (إسلامي) التي انحازت إلى حلفائها السياسيين، على حساب مرشح الحزب الشقيق مجتمع السلم.
وقال رئيس البرلمان الجديد في كلمة ألقاها بعد انتخابه، إن "هذه المحطة تؤسس بصدق لمرحلة جديدة ولجزائر جديدة التزم بها الرئيس عبد المجيد تبون ونتعهد بدعم برنامج الرئيس"، كما هنأ الحكومة الجديدة وقدم الشكر للجيش والأجهزة الأمنية على جهودها لحماية البلاد.
وبوغالي هو مرشح مستقل عن ولاية غرداية جنوبي الجزائر، وكان قد شغل في السابق منصب رئيس بلدية غرداية، إحدى أهم المدن الجزائرية، والتي تضم خليطاً من السكان العرب والأمازيغ المتدينيين (أتباع المذهب الإباضي)، كما شغل بعدها منصب رئيس المجلس الشعبي الولائي لغرداية.
وحصل مرشح مجتمع السلم أحمد صادوق على 89 صوتاً، على الرغم من أن كتلة الحركة في البرلمان تعد 65 صوتاً، ما يعني حصوله على 24 صوتاً إضافياً من خارج الكتلة، وأصرت الحركة على تقديم مرشح عنها، على الرغم من إدراكها بأن الأمر محسوم لصالح مرشح الموالاة، حرصاً على تمايز موقفها وتأكيد خيارها على خط المعارضة.
وكان واضحاً أن توجه الرئاسة الجزائرية إلى الإشارة على كتل أحزاب الموالاة لترشيح وتزكية النائب المستقل ابراهيم بوغالي ينطوي على ثلاث خلفيات سياسية: حرص الرئيس عبد المجيد تبون على تمثيل منطقة الجنوب في أحد المناصب السيادية العليا في البلاد، وإبعاد رئاسة البرلمان عن التجاذبات الحزبية والسياسية بتتويج نائب مستقل على رأسه بعد ثلاث عهدات نيابية هيمن فيها التجمع الوطني الديمقراطي ثم جبهة التحرير الوطني، إضافة إلى منع أي تجاذب محتمل مع الرئاسة والحكومة.
السلطة ما زالت تنظر إلى الانتخابات كعملية تقنية مساعدة على الحكم، وليس كمبدأ وقاعدة لتوزيع الحكم
لكن هذه التفاصيل السياسية فرضتها قواعد تحكم المشهد السياسي في الجزائر، بنفس القدر الذي ظهر في تشكيل الحكومة، حيث تم استبعاد أي أثر مباشر لنتائج الانتخابات النيابية على توزيع الحقائب الوزارية. وفي السياق قال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة تيبازة قرب العاصمة الجزائرية، زهير بوعمامة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث هو إمعان في تهميش الأحزاب وفي اللامنطق، بحيث يغيب كل أثر للانتخابات السابقة في ما يحصل، وأعتقد أنها رسالة في الاتجاه العكسي، حين لا يتم الأخذ بمخرجات العملية الانتخابية، وهذا يوضح أن السلطة ما زالت تنظر إلى الانتخابات كعملية تقنية مساعدة على الحكم، وليس كمبدأ وقاعدة لتوزيع الحكم، لأن هذا الأخير يفترض أن الانتخاب هو أساس الديمقراطية التمثيلية وأساس اكتساب الشرعية"، مضيفاً أن "هذا يؤكد أن الانتخابات لم تتحول في الجزائر بعدُ إلى مؤسسة حاملة للشرعية، وإلا كيف يُعقل أن تأتي بحكومة بعيدة كلية في تشكيلها عن مخرجات العملية الانتخابية، رغم كل ما يمكن أن يقال عن هذه الأخيرة: جبهة التحرير الوطني الأولى في الانتخابات تحوز ثلاث حقائب فقط، وأربعة أحزاب تجمع 280 مقعداً تمنح لها 7 مقاعد لقطاعات ليست استراتيجية عموماً من 33 وزارة، هذا بعيد عن المنطق السياسي".