المرشحة في الانتخابات البريطانية منى آدم تروي أسباب انتقالها إلى حزب الخضر

01 يوليو 2024
منى آدم: هناك يهود بريطانيون يدعمون قضية فلسطين (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- منى آدم، المرشحة البريطانية من أصول سودانية، تشارك رحلتها من السودان إلى المملكة المتحدة، مسلطة الضوء على تجاربها الشخصية والمهنية التي أثرت في آرائها وأهدافها السياسية، بما في ذلك العمل مع المجلس الثقافي البريطاني ومنظمات تعنى بقضايا المرأة واللاجئين.
- انتقلت من حزب العمال إلى حزب الخضر بسبب الانقسامات داخل حزب العمال والتحديات المتعلقة بالعنصرية والتمييز، وردود الفعل السلبية تجاه قضايا مثل الحرب في السودان وغزة، مما دفعها للبحث عن منصة تتماشى مع قيمها.
- تخطط للتركيز على قضايا كبار السن والشباب، ودعم القضية الفلسطينية، معتبرة أن التحدي الأكبر هو تركز السلطة وتدهور الخدمات في المملكة المتحدة، وتأمل في تحقيق تغيير إيجابي نحو مستقبل أكثر عدلاً واستدامة.

تقدم المرشحة في الانتخابات البريطانية من أصول سودانية منى آدم، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أسباب انتقالها إلى حزب الخضر في إطار مسعاها السياسي لتمثيل منطقة كينسينغتون في وسط غرب لندن في الانتخابات البرلمانية التي تجرى الخميس القادم. قادت منى مسيرة نشطة ومتنوعة شملت نشاطات اجتماعية وإنسانية متعددة، حيث تطوعت في منظمات تعنى بقضايا المرأة واللاجئين في بريطانيا، وظهرت متحدثةً على القنوات العربية لتسليط الضوء على قضايا اللاجئين، ما أدى إلى حصولها على الإقامة البريطانية في وقت قصير.

في العام 2016، تلقت منى دعوة من جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال آنذاك، للانضمام إلى الحزب والترشح في الانتخابات البريطانية. على الرغم من أنها لم تفز في انتخابات 2018، إلا أن دعمها المتزايد ونشاطها الدؤوب مع الحزب جعلها مرشحة بارزة في الانتخابات البريطانية. اليوم، تشارك منى تجربتها وتحدياتها مع "العربي الجديد"، حيث تبحث عن تحقيق أهدافها السياسية وتسعى لخدمة المجتمع البريطاني بأفضل طريقة ممكنة.

* هل يمكنك أن تخبرينا عن رحلتك من السودان إلى المملكة المتحدة؟ وما هي التجارب الشخصية التي كان لها الأثر الأكبر على آرائك وأهدافك السياسية؟

غادرت السودان مع عائلتي إلى السعودية في الثمانينيات، حين كنت في سن المراهقة. هناك، أكملت دراستي الجامعية في جامعة الملك سعود، حيث كانت البيئة الأكاديمية متنوعة وغنية بوجود متخصصين من مختلف الجنسيات، ما أثر بشكل كبير على شخصيتي. خلال دراستي، كنت عضوًا في مجلس إدارة جمعية "نساء عربيات غير ناطقات باللغة العربية"، وكنت الأصغر سنًا بينهن. نشأت في بيئة مليئة بالنشاطات السياسية والاجتماعية، حيث كان والدي ناشطًا سياسيًا ومسؤولًا عن شؤون المهاجرين في السعودية، بينما كانت والدتي ناشطة اجتماعية تنظم العديد من الفعاليات. رغم أنني لم أحمل ميولًا سياسية واضحة في ذلك الوقت، إلا أن هذا الجو أثر فيّ بشكل كبير.

بعد حصولي على شهادة في علم الاجتماع، بدأت عملي في المجلس الثقافي البريطاني، حيث أتيحت لي الفرصة لتطوير مهاراتي القيادية واتخاذ القرار. في عام 2004، انتقلت إلى بريطانيا واستمررت في عملي مع المجلس الثقافي البريطاني، حيث كنت مسؤولة عن المركز النسائي، وساعدت في دعم خمسة آلاف سيدة سعودية للدراسة في جامعات الغرب. كانت هذه التجربة محورية في حياتي، وشعرت بفخر كبير لإحداث هذا التغيير الإيجابي.

* عملت مع المنظمات غير الحكومية لمكافحة الاتجار بالبشر. هل يمكنك مشاركة بعض التحديات التي واجهتك والنجاحات التي استطعت تحقيقها في هذا المجال؟

عملت في مكافحة الاتجار بالبشر في مؤسسة قطر في الدوحة، حيث شاركت في مشروع متميز يهدف إلى إنشاء مركز إعادة تأهيل للأفراد الذين تعرضوا لجريمة الاتجار بالبشر، وخاصة العاملات المنزليات والعمال الذين كانوا يبنون ملعب كرة القدم تحضيرًا لكأس العالم. كان هذا المشروع جزءًا من الجهود الوطنية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد. ومع ذلك، وبعد ثلاثة أشهر من العمل المكثف، قررت العودة إلى بريطانيا بسبب مواجهتنا تحدّيات خارجة عن إرادتنا.

منى آدم: عندما كان حزب العمال بقيادة جيريمي كوربين، تمتعنا بحرية وتمكنا من إجراء تغييرات واسعة النطاق

* كنت مستشارة لحزب العمال قبل انضمامك إلى حزب الخضر. هل يمكنك توضيح الأسباب التي دفعتك إلى مغادرة حزب العمال؟

عندما كان حزب العمال بقيادة جيريمي كوربين، تمتعنا بحرية وتمكنا من إجراء تغييرات واسعة النطاق. لكن مع تولي كير ستارمر القيادة، انقسم الحزب داخلياً إلى فئتين: اليسار المؤيد لكوربين واليمين الداعم لستارمر. هذا الانقسام أثّر سلباً على العديد من القضايا في منطقة كينسينغتون، ما دفعني إلى البقاء صامتة في بعض الأحيان، معتقدة أنني يجب أن أؤدي مهمتي من دون جدال.

أحد المواقف التي واجهتها كان حين أبلغت مسؤولاً في الحزب بأنني سأصوت لمرشح صومالي داكن البشرة في انتخابات سابقة، فرد عليّ قائلاً: "إن منطقة كينسينغتون لا تزال غير مستعدة لتعيين شخص أسود". هذا الرد كشف لي عن تحديات كبيرة في ما يتعلق بالمساواة داخل الحزب.

مع اندلاع الحرب في السودان في 15 إبريل/ نيسان 2023، خاطبت حزب العمال لطلب المساعدة للأسر البريطانية من أصول سودانية، التي يبلغ عددها حوالي 2700 أسرة، وأرغمتها الظروف على العودة إلى بريطانيا. كانت هناك حالات تحتاج لتسوية أوضاعها، مثل الأسر التي يكون أحد أفرادها غير بريطاني، بينما بقية العائلة بريطانية. للأسف، لم أتلق أي رد من الحزب ولم تتم تسوية أوضاعهم حتى الآن، سواء في السكن أو التعليم أو الإعانة. وعندما أخبرت أحد موظفي مكتب عمدة لندن صديق خان أن هناك أطفالاً لم يدخلوا المدارس بعد، أجابني: "الحرب لها ضحايا". كان هذا الرد صادماً لأن هؤلاء الأطفال بريطانيون.

منى آدم: قرّرت الاستقالة من حزب العمّال، ولم أتوقع أن يكون هناك أي صدى لاستقالتي نظراً للإهمال الذي شعرت به

ثم في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بدأت الحرب في غزة، وما زاد من خيبة أملي في الحزب هو ضعف الدعم أو غيابه عن غزة، فعلى سبيل المثال، أطلق الحزب حملة تبرّع لأحد المرشحين للانتخابات النيابية، بلغ ثمن التذكرة 55 جنيهاً إسترلينياً، بينما بلغت تبرعات مجموعة حزب العمال في كينسينغتون لغزة 150 جنيهاً إسترلينياً فقط. أما النقطة الحاسمة فكانت عندما تلقينا وثيقة من مسؤول في الحزب، تطلب منا تقديم إسرائيل على حماس من حيث الضحايا، ومحاكمة حماس فقط.

أمام هذه الأفعال، قرّرت الاستقالة من حزب العمّال، ولم أتوقع أن يكون هناك أي صدى لاستقالتي نظراً للإهمال الذي شعرت به داخل الحزب في الفترة الأخيرة. لكنني فوجئت بردود الفعل والتعليقات التي وصفت استقالتي بأنها "خسارة لا يمكن تعويضها" و"استقالة غير متوقعة".

* ما هي المبادئ الأساسية لحزب الخضر التي تجد صدى أكبر لديك، وكيف تتماشى مع رؤيتك للمستقبل؟

أول ما لفت انتباهي إلى حزب الخضر كان تعليقاً لإحدى نائباته حول حرب غزة، حين قالت: "أنا كأم لا أحتمل أن يقتل أطفالي أمامي، لذلك أطالب بوقف إطلاق النار". هذه العبارة لمستني بعمق لأننا مررنا بتجارب مشابهة، وبدأت أقرأ عن الحزب وأتابع نشاطاته بشكل أكبر.

ثانيًا، أطلق حزب الخضر مبادرة لجهود السلام الدولية، وأنا بطبيعتي شخص يبحث عن السلام العالمي وأدعم السلام وليس الاستسلام. شعرت لأول مرة بأنني أجد نفسي وأفهم السياسة البريطانية على نحو أفضل من خلال مبادئ حزب الخضر. هذه المبادئ تتماشى مع رؤيتي لمستقبل أكثر إنسانية وعدالة.

* ما هي القضايا الرئيسية التي تنوين التركيز عليها أولاً إذا فزت في الانتخابات البريطانية وكيف تخططين لمعالجتها؟

أولى أولوياتي هي قضايا كبار السن، حيث أشعر بأن هذا القطاع يعاني من مشكلات عديدة. من خلال تجربتي الشخصية مع أهلي، أدركت أن كبار السن غالباً لا يُسمع صوتهم ولا يجرى التواصل معهم بشكل كافٍ. على سبيل المثال، لا يزال والدي الذي توفي منذ عامين يتلقى رسائل رسمية لأن النظام لم يُحدث بياناته بعد. هذا يعكس تعطّل النظام وضرورة إصلاحه. كذلك، في منطقتي، هناك أكثر من 3600 شخص كبير في السن، والكثير منهم يجهل كيفية المطالبة بحقوقه. سأعمل على تحسين نظام الرعاية المنزلية لكبار السن، وضمان تواصل أفضل ودعم مستمر لهم.

ثانيا، الشباب الذين يمثلون شريحة مهمة من المجتمع، ويواجهون تحديات كبيرة مثل تعاطي المخدرات والجريمة والعنف والبطالة. سأركز على إيجاد حلول للتقليل من هذه المشكلات من خلال توفير برامج تدريبية وتأهيلية للشباب، لرفع مستوى الوعي لديهم ومساعدتهم في الحصول على فرص عمل، خاصة خريجي الجامعات.

منى آدم: القضية الفلسطينية تحتاج إلى دعم وتنظيم أكبر، ومن الضروري التركيز على تقديم الدعم الإنساني داخل فلسطين

ثالثاً، العمل على تعزيز السلام العالمي من خلال الحوار مع جميع الأطراف. هناك يهود بريطانيون يدعمون قضية فلسطين، ويمكن أن يكونوا جزءاً من الحل. دعم قضية فلسطين لا يكون بالصراخ، بل ببذل الجهود في المكان الصحيح. بعد 7 أكتوبر، فوجئت بعدد المنظمات التي أُنشئت، ما يدل على أن القضية الفلسطينية تحتاج إلى دعم وتنظيم أكبر، ومن الضروري التركيز على تقديم الدعم الإنساني داخل فلسطين، حيث تواجه المنطقة تحديات كبيرة.

* ما هو برأيك التحدي الأكبر الذي يواجه المملكة المتحدة اليوم، وكيف تقترحين معالجته؟

أعتقد أن التحدي الأكبر الذي يواجه المملكة المتحدة اليوم هو تركز السلطة في يد حزب واحد، سواء كان حزب العمال أو المحافظين. من خلال تجربتنا مع كلا الحزبين، يمكن القول إن هذه التجربة أدّت إلى تدهور أوضاع البلاد وقطاع الخدمات بشكل ملحوظ. إذا فاز حزب العمال بقيادة كير ستارمر، أخشى أن نشهد مزيدًا من العزلة لبريطانيا، خاصة مع تصريحاته الاستفزازية مثل: "من لا يريدنا فليرحل"، ما يذكرني بنهايات حكم مارغريت تاتشر (رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة بين 1979 و1990).

برأيي، إذا استمر الوضع الحالي، فمن المحتمل أن نشهد تغييرات جذرية في السياسة البريطانية خلال العامين المقبلين. قد تتشكل تكتلات جديدة من الأحزاب الصغيرة مثل حزب الخضر والديمقراطيين الأحرار، ما يعزز التعددية السياسية ويقدم بدائل جديدة للحكم. هذا التغيير قد يكون الخطوة الأولى نحو تحقيق حكومة أكثر شمولية وعدلاً تمثل جميع شرائح المجتمع البريطاني.

* أين ترين بريطانيا في السنوات الخمس المقبلة، وما هو الدور الذي تأملين لعبه في تشكيل هذا المستقبل؟

أعتقد أن بريطانيا ستشهد تغييرات كبيرة على مستوى المعيشة بسبب تدهور قطاع الخدمات وتداعيات حرب أوكرانيا، وربما تأثير حرب أخرى إن اندلعت. لن تصمد بريطانيا طويلاً في وجه هذه التحديات، وأتوقع لأول مرة أن تنطلق ثورة شعبية بسبب ظروف المعيشة الصعبة، خاصة إذا استلم حزب العمال الحكم، وهو الذي أثبت فشله تاريخياً في تحقيق تغيير حقيقي.

أمّا عن دوري فأطمح لأن أكون جزءًا من الحركة التي تسعى إلى تحقيق تغيير إيجابي في بريطانيا خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك من خلال دعم الأقليات وتمكين الشباب وغيره. وأؤمن بأننا يمكننا بناء مستقبل أفضل وأكثر عدلاً واستدامة لبريطانيا.