قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، مساء الاثنين، بإبطال "اتفاقية خور عبد الله" الخاصة بتنظيم الملاحة البحرية بمياه الخليج العربي بين العراق والكويت، وسط مخاوف من تأثير هذا القرار على العلاقات العراقية – الكويتية.
القرار الذي يعني ضمنياً انسحاباً عراقياً من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الكويت، يمنع الحكومة العراقية والبرلمان من الاستناد إلى الاتفاقية الموقعة عام 2013، في أي إجراء تتخذه بغداد مع دولة الكويت.
وتعتبر "اتفاقية خور عبد الله" التي تنظم الملاحة البحرية في خور عبد الله بالخليج العربي بين العراق والكويت، وتم التصديق عليها عام 2013، إبان حكومة نوري المالكي، أحد أبرز الملفات المتعلقة بقضية ترسيم الحدود البرية والمائية بين البلدين.
ويقع خور عبد الله شمال الخليج العربي، بين جزيرة بوبيان الكويتية، وشبه جزيرة الفاو العراقية، ويمتد إلى داخل الأراضي العراقية، مشكلاً خور الزبير الذي يقع فيه ميناء أم قصر العراقي.
ولم تعلق الحكومة العراقية حتى هذه اللحظة على قرار المحكمة العليا الذي يُعتبر ملزماً لجميع السلطات بوصفها السلطة القضائية العليا بالبلاد، كما لم يصدر عن وزارة الخارجية أو البرلمان أو محافظة البصرة أي تعليق.
وقال الخبير في الشأن القانوني العراقي سالم حواس الساعدي، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّه "بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا، ووفقاً للدستور العراقي، فإن اتفاقية خور عبد الله تعتبر ملغية للجانب العراقي، فهذا القرار بات ملزماً لكافة السلطات في العراق، ولا يمكن الطعن به أو عدم تنفيذه".
وأضاف: "بعد هذا القرار يُتوقع من الكويت الآن اللجوء إلى المحاكم الدولية وحتى مجلس الأمن الدولي، من أجل حسم هذه الاتفاقية التي اعتبرت ملغية من طرف واحد (العراق)، فالعراق أصبح الآن غير ملزم بهذه الاتفاقية، ولا يمكن للحكومة العراقية عدم تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا، فهو ملزم لها".
وأكد الخبير القانوني أن "قرار المحكمة الاتحادية العليا دستوري وقانوني 100%، كون اتفاقية خور عبد الله غير دستورية، لأنها تخالف المادة 61 من الدستور، التي نصت على سنّ الاتفاقيات بأغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب العراقي، كما أن قانون 35 الخاص بعقد الاتفاقيات أيضاً اشترط موافقة ثلثي البرلمان على الاتفاقيات".
من جهته، توقّع المحلل السياسي العراقي ماهر جودة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن إلغاء اتفاقية خور عبد الله لعدم دستوريتها، ربما سيخلق أزمة وتوترا جديدا ما بين العراق والكويت، خصوصاً أن هذا الإلغاء تم من طرف واحد فقط".
وبين أن "الحكومة العراقية مطالبة وبشكل عاجل بفتح قنوات حوار وتواصل مع الجانب الكويتي، لعدم تفاقم العلاقات ما بين الطرفين، وإيجاد حلول جديدة وسريعة لقرار المحكمة الاتحادية، الذي يمكن أن يكون من خلال عقد اتفاقية جديدة تخص الملاحة البحرية بين الطرفين".
وأضاف المحلل أن "العراق خلال الفترة الماضية عمل على تقوية علاقاته الإقليمية والدولية بشكل ممتاز جداً، خصوصاً مع الكويت، وتأثير العلاقة ما بين العراق والكويت ربما يكون له تأثير على مجمل علاقاته في المنطقة والعالم، لما للكويت من تأثير على المستوى الإقليمي والدولي، ولهذا فإن بغداد يجب أن تكون حذرة في التعامل مع هذا الملف، خصوصاً مع وجود رفض سياسي وشعبي لأي تنازل عن حقوق العراقيين المائية وغيرها".
إلى ذلك، أوضح إبراهيم السكيني، عضو ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، في تصريح صحافي له، أن "أحد أسباب قرار المحكمة هو عدم تصويت ثلث البرلمان على قانون تنظيم الملاحة في خور عبد الله لسنة (2013) مع الكويت، والحكومة العراقية ملزمة بتطبيق قرار المحكمة بجميع فقراته".
وبين أن "تطبيق القرار سيُنهي أي إجحاف أو استغلال لثروات البلد والشعب العراقي، كما أن العراق ملتزم بالمعاهدات الدولية مع الكويت في العديد من الملفات المشتركة".
وشدّد عضو ائتلاف دولة القانون على أنه "على أعضاء الحكومة والبرلمان عدم التصرف خارج القانون والدستور، لأنهم موظفون لأربع سنوات فقط، وقرار المحكمة ملزم ويجب أن يُطبق من جميع الأطراف".
من جانبه، انتقد النائب الكويتي عبد الكريم الكندري، قرار المحكمة الاتحادية العراقية، قائلاً إنّ القرار "ليست له قيمة على المستوى الدولي، فقرارات مجلس الأمن حاسمة بهذا الشأن بالنسبة لحدودنا، لكنه سيؤثر على ما تبقى من حدود غير مرسمة، وتحديداً ما يتعلق بالعلامة البحرية 162".
وأضاف أن "التنصل من الاتفاقية الحدودية التي جاءت نتيجة لقرار مجلس الأمن بعد غزو العراق للكويت، يشير لنوايا سيئة من الطرف العراقي، ويجب أن يواجه بحزم من الحكومة الكويتية والخارجية والبرلمان الكويتي".
وطالب النائب "الخارجية الكويتية بإعلان موقفها تجاه حكم المحكمة الاتحادية العراقية بإلغاء تصديق اتفاقية الملاحة البحرية في خور عبد الله بين العراق والكويت، التي صودق عليها ببغداد في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2013، تنفيذاً للقرار رقم 833 الذي أصدره مجلس الأمن سنة 1993".