المحكمة الاتحادية العليا العراقية في مرمى اتهامات "التسييس"

21 مارس 2024
مبنى مجلس القضاء الأعلى في العاصمة العراقية بغداد (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجدل السياسي في العراق يتصاعد بسبب قرارات المحكمة الاتحادية العليا التي وُصفت بالمسيسة، خاصةً تلك التي تؤثر على السلطة المالية لحكومة إقليم كردستان وتنظيم انتخابات برلمان الإقليم.
- ردود فعل قوية من الأحزاب الكردية، بما في ذلك انسحاب القاضي الكردي عبد الرحمن زيباري من المحكمة ومقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني لانتخابات برلمان الإقليم، واتهامات بالمساس بالديمقراطية والنظام الاتحادي.
- اتهامات لرئيس المحكمة بالابتزاز السياسي ودفاع المحكمة عن استقلال القضاء، مع تأكيد تحالف "الإطار التنسيقي" على أهمية الفصل بين السلطات واحترام قرارات المحكمة الاتحادية.

تتصاعد حدة الجدل في العراق بشأن اتهامات تلاحق المحكمة الاتحادية العليا ورئيسها جاسم العميري، بعد قراراتها الأخيرة والتي وصفتها الأحزاب الكردية بأنها "مسيسة"، بالإضافة لحديث نائب سابق بالبرلمان عن تلقيه "تهديدات مباشرة" من قبل رئيس المحكمة.

وأصدرت المحكمة الاتحادية، خلال الأسابيع الماضية، حزمة من القرارات غير المسبوقة سحبت بموجبها سلطة التصرف بالشؤون المالية من حكومة إقليم كردستان العراق وحولت مسؤولية توزيع رواتب موظفي الإقليم ومن ضمنهم قوات البيشمركة والشرطة المحلية البالغة أكثر من مليون وربع مليون موظف، إلى حكومة بغداد بشكل مباشر بعدما كانت ترسلها إلى حكومة الإقليم التي تتولى توزيعها. كما أصدرت المحكمة أمراً بأن تتولى مفوضية الانتخابات العراقية تنظيم انتخابات برلمان الإقليم وإلغاء مفوضية الانتخابات التي تعمل بالإقليم منذ عام 2006.

وإثر القرار، أعلن القاضي الكردي في المحكمة الاتحادية، عبد الرحمن زيباري، انسحابه من عضوية المحكمة احتجاجاً على القرارات الصادرة عنها أخيراً والتي قال إنها "غير صحيحة"، كما أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان العراق، مقاطعة انتخابات برلمان الإقليم مهدداً بمغادرة العملية السياسية العراقية.

وانتقدت حكومة وقيادات الإقليم في تصريحات متتابعة، قرارات المحكمة الاتحادية التي عدتها "غير منصفة"، وقال وزير الخارجية الأسبق، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، إن "قرارات المحكمة مسيسة"، وقال في تدوينة له على منصة إكس "وشهد شاهد من أهلها.. بيان القاضي عبد الرحمن زيباري عضو المحكمة الاتحادية وانسحابه احتجاجا على قراراتها التعسفية أماط اللثام عن قراراتها المسيسة بحق العملية الديمقراطية والنظام الاتحادي المقر في الدستور".

رئيس المحكمة الاتحادية في دائرة الاتهام

ولم تنحصر دائرة الاتهامات والانتقادات للمحكمة من الجانب الكردي فقط، إذ اتهم نائب سابق، مشعان الجبوري، رئيس المحكمة الاتحادية، جاسم العميري، بـ"ابتزازه سياسياً"، وقال في تصريح لمحطة تلفزيونية محلية إن العميري اتهمه بـ"الدخول في تحالف ضد العراق يستهدف الدولة العراقية والنظام السياسي"، مهدداً إياه بحال عدم تخليه عن التحالف بإسقاط عضويته بالبرلمان "في حال لم تتخل عن التحالف فإن لدينا ما يسقط عضويتك من البرلمان"، مؤكداً أن التهديد وصله قبل أن تسقط المحكمة عضويته.

وكان الجبوري يتحدث عن التحالف الثلاثي الذي كان يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي وتحالف السيادية، وكاد أن يشكل الحكومة في العراق لولا انسحاب التيار الصدري منه ما أتاح الفرصة لتحالف "الإطار التنسيقي" ليصبح الكتلة الكبرى برلمانياً ويشكل بالتالي حكومة محمد شياع السوداني الحالية.

المحكمة الاتحادية تهدّد

وتسببت تصريحات الجبوري بموجة انتقادات للمحكمة التي قالت إنها تتعرض لـ"هجمة إعلامية داخلية وخارجية لثنيها عن إكمال الواجبات الدستورية"، وأضافت في بيان، أمس الأربعاء، أن "الغرض من ممارستها لاختصاصاتها هو التطبيق الصحيح للدستور، بما يضمن وحدة العراق وبناء نظام جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي".

ولفتت المحكمة إلى أنها "تتعرض، ونتيجة لقراراتها التي اتخذتها صوناً للدستور، لهجمة إعلامية داخلية وخارجية لثنيها عن إكمال واجباتها الدستورية تجاه الوطن والشعب، ونعتقد أن هذه الهجمة مسيسة هدفها الإساءة إلى سمعة المحكمة الاتحادية العليا واستهداف شرعيتها وتُعتبر مساساً باستقلال القضاء"، مهددة بـ"اتخاذ السبل القانونية اللازمة لردعها (الحملة) وإفشالها".

"الإطار التنسيقي" يدافع عن المحكمة

من جهته، دافع تحالف "الإطار التنسيقي" عن المحكمة ودعا القوى السياسية إلى الالتزام بقراراتها، وفي بيان أصدره "الإطار" ليل أمس، أكد "أهمية الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات وعدم تمدد أي سلطة على الأخرى، لحفظ التوازن الدستوري في صناعة القرار وآليات التنفيذ والرقابة".

وأكد الإطار التزام قواه كافة بـ"قرارات سابقة للمحكمة الاتحادية العليا، رغم كون بعضها ليس في مصلحته، لكن الالتزام جاء في إطار احترام سلطة القضاء الدستورية".

وأنشئت المحكمة الاتحادية العليا في العراق في العام 2005 ومقرها في بغداد، وتتألف من رئيس وثمانية أعضاء، وتختص بالفصل في النزاعات الدستورية وتعتبر قراراتها باتّة وملزمة للسلطات كافة. ورغم أن الدستور العراقي أقرَّ بأن تكون هذه المحكمة مستقلة إلا أن الأحزاب النافذة تناوبت على طرح قضاة يمثلونها.

وتتلخص مهام المحكمة الاتحادية بـ"الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير نصوص الدستور، والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، والفصل في المنازعات القضائية والإدارية التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية، والفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، والتصديق على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب".

المساهمون