تونس: المحكمة الإدارية تعيد عماد الدايمي إلى سباق الرئاسة.. وتصريحات رئيس هيئة الانتخابات تثير الجدل

30 اغسطس 2024
المرشح عماد الدايمي الذي أعادته المحكمة الإدارية التونسية إلى سباق الرئاسة (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **قبول طعن عماد الدايمي وزيادة عدد المترشحين للرئاسة**: المحكمة الإدارية التونسية قبلت طعن عماد الدايمي، مما رفع عدد المترشحين للرئاسة إلى ستة، بانتظار إعلان القائمة النهائية من هيئة الانتخابات.

- **جدل حول تصريحات رئيس هيئة الانتخابات**: تصريحات رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أثارت جدلاً، حيث أكد أن الهيئة ستعلن القائمة النهائية بعد مراجعة الأحكام، مما اعتبره مختصون تدخلاً غير قانوني.

- **دعوات لتطبيق قرارات المحكمة الإدارية**: جمعية القضاة التونسيين وجبهة الخلاص الوطني دعتا هيئة الانتخابات للالتزام بقرارات المحكمة الإدارية وتنفيذها لضمان انتخابات نزيهة وشفافة.

قررت المحكمة الإدارية التونسية، اليوم الجمعة، قبول طعن المترشح للرئاسة عماد الدايمي ليصبح عدد المترشحين للرئاسة التونسية ستة. وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد قبلت ثلاثة مترشحين وهم الرئيس الحالي قيس سعيّد وزهير المغزاوي والعياشي زمال، لتقرر المحكمة الإدارية التونسية إعادة ثلاثة آخرين إلى السباق، وهم عبد اللطيف المكي والمنذر الزنايدي وعماد الدايمي، في انتظار إعلان هيئة الانتخابات قائمة المترشحين النهائية الأسبوع القادم.

غير أن تصريحات صحافية لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، مساء أمس الخميس، أثارت جدلاً واسعاً في تونس، حيث أكد بوعسكر أن هيئة الانتخابات هي الجهة الوحيدة المؤتمنة على المسار الانتخابي، وستعلن القائمة النهائية للمترشحين بعد الاطلاع على منطوق الأحكام وعلى حيثياته، وستؤخذ بالاعتبار الأحكام الجزائية الصادرة عن القضاء العدلي أيضاً، بخصوص قضايا تدليس التزكيات.

ووصف مختصون في القانون هذه التصريحات بالعبث، وإن صحت، فهي محاولة لعدم تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية التونسية. وأكدوا أنها ستكون سابقة، لأن قرارات المحكمة الإدارية باتّة وغير قابلة للطعن. وفي بيان للرأي العام من إدارة حملة عبد اللطيف المكي، قالت إنها "اطلعت على التصريح الخطير للسيد فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا للانتخابات، الذي يحتوي على إيحاءات تمنح السيد بوعسكر وهيئته سلطة تقديرية غير قانونية تجاه أحكام قضائية باتّة ونهائية وغير قابلة للطعن، صادرة عن القضاء الإداري المختص في المنازعات الانتخابية"، مضيفاً: "نعبّر عن استغرابنا من تجاهله أبسط المبادئ القانونية في المجال".

وورد في البيان نفسه أن "هذا التصريح يضع مرة أخرى حيادية الهيئة المشرفة على الانتخابات موضع تساؤل، ويذكرنا بتعسفها في التعامل مع ملفات المترشحين، وإسقاطها غير المبرر للعديد من الترشحات مستوفية الشروط، مقابل غضّ الطرف عن تجاوزات مرشح تجديد العهدة وخرقه المستمر للقانون الانتخابي باستخدام مقدرات الدولة في حملته الانتخابية المستمرة بلا انقطاع".

ودعا البيان إلى لفت "انتباه الرأي العام إلى خطورة هذا التصريح وما قد ينطوي عليه من دلالات خطيرة، وندعو جميع مكونات الطيف السياسي والحقوقي إلى حماية نزاهة العملية الانتخابية والتصدي لكل محاولة للالتفاف على أحكام القضاء الانتخابي".

وقالت أستاذة القانون الدستوري منى كريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "تصريح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر لا يستقيم، لأن أحكام المحكمة الإدارية التونسية باتّة ونهائية، ولا تقبل الطعن، يعني أن على الهيئة تطبيقها من دون النظر في الحيثيات".

وبينت أن "الهيئة مكلفة وفق الدستور بالإشراف على المسار الانتخابي، ولكنها ليست الجهة الوحيدة المتدخلة، فإذا حصلت طعون ونزاع انتخابي، فإن المحكمة الإدارية لها الكلمة الأخيرة والقول الفصل، وعلى الهيئة التطبيق من دون التدخل في المسار القضائي لأنها ليست محكمة". وحول إمكانية عدم تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية من قبل الهيئة، ردت بأن "هذا غير مقبول أخلاقياً وقانونياً، والهيئة ليس لها الحق في عدم تنفيذ الأحكام، لأن القرارات ملزمة ووجوبية ولا مجال للاجتهاد من قبل هيئة الانتخابات".

وأكد القاضي المعزول حمادي الرحماني أن القانون يقول إن "هيئة الانتخابات تتولى إعلان قائمة المترشحين نهائياً للسباق بعد استكمال الطعون، وعليها أن تعلن القائمة ولا تعيد النظر في صحة مطالب الترشح أو القول إنها هي التي ستعلن، بمعنى عليها أن تنفذ أحكام المحكمة ولا تجد السبل للالتفاف عليها"، مضيفاً في تدوينة له على صفحته في موقع فيسبوك: "هل يريد بوعسكر تقييم حكم المحكمة التي لديها سلطة رقابة على الهيئة ونقض قراراتها المخالفة للقانون؟ هل يريد بوعسكر قراءة الأحكام وتأويلها، ليقرر ويختار منها كيفما يشاء؟ أم هل هي محاولة لإطاحة أحكام المحكمة الإدارية الباتّة؟".

وأكد الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "من الناحية القانونية، فإن دور هيئة الانتخابات ينتهي بالنظر في الترشحات وبعد إعلان النتائج الأولية، لأنها تتحول بعد ذلك إلى خصم لمن قرر الطعن لدى المحكمة الإدارية"، مؤكداً أنه "بعد التقاضي، ليس للهيئة دور في إعادة النظر في قرارات المحكمة الإدارية وشرعية الترشحات، ولا يمكنها الحديث الآن عن قضايا جزائية، بل إن المحكمة الإدارية تحل محل الهيئة بالنسبة إلى المترشحين الذين طعنوا ولم تقبل ترشحاتهم".

ولفت إلى أن "هيئة الانتخابات هيئة إدارية وقراراتها إدارية وبالتالي تخضع للطعن، وهي طرف في العملية الانتخابية أي هي خصم ولا يمكن أن تكون الحكم بينما المحكمة الإدارية ليست خصماً"، مؤكداً أن "الهيئة قبلت بالحكم الابتدائي عندما كان في صالحها فلماذا ترفضها الآن وتريد تقييم القرارات؟". وحول إمكانية عدم تنفيذ هذه الأحكام، رد بأن "هيئة الانتخابات، بصفتها هيئة مستقلة، لا تتبع السلطة التنفيذية ولم يسبق لها رفض قرارات المحكمة الإدارية وإن حصل فسيكون ذلك سابقة في تاريخ تونس".

وأكد المحامي عماد بن حليمة، في تصريح إذاعي، أنّ "القضاء الإداري طبّق القانون بعيداً عن الضغوطات والحسابات السياسية"، مبيناً أن "تصريحات رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر مخيفة، وتتضمن العديد من الإيحاءات والسيناريوهات التي يمكن أن تحدث".

وتساءل بن حليمة: "هل ستنصّب هيئة الانتخابات نفسها محكمة رقابة على قرار بات؟"، مبيناً أن الأحكام الصادرة في حق عدد من الشخصيات السياسية بعدم الترشح للانتخابات مدى الحياة لا تطبق على انتخابات 2024، بل على الانتخابات التي ستجرى في 2029.

دعوة لهيئة الانتخابات التونسية إلى تطبيق قرارات المحكمة الإدارية

من جهتها، دعت جمعية القضاة التونسيين، هيئة الانتخابات إلى "التزام القانون وتطبيق قرارات المحكمة الإدارية (في ما يتعلق بإرجاع مرشحين إلى سباق الانتخابات الرئاسية بعد أن استبعدتهم الهيئة)". وقالت الجمعية في بيان لها، مساء الجمعة: "إثر استكمال الجلسة العامة للمحكمة الإدارية البتّ في نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وإصدارها لكل الأحكام طبق الطعون المرفوعة إليها، ومتابعة للجدل الذي ثار حول نفاذ تلك الأحكام بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (فاروق بوعسكر) يوم أمس 29 أغسطس/ آب، فإن الجمعية تستغرب بشدة ما ورد في تصريح رئيس الهيئة من ربط بين إعلان أسماء المترشّحين المقبولين نهائياً للانتخابات الرئاسية، والاطّلاع على حيثيات الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة وعلى تعليلها، والحال أنّ أحكام الفصل الـ 47 من القانون الأساسي المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء قد اقتضت أن تتولى الجلسة العامة (القضائية للمحكمة الإدارية) حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم في أجل خمسة أيام من تاريخ جلسة المرافعة. وتأذن المحكمة بالتنفيذ على المسوَّدة. وتكون قراراتها باتّة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب".

وأكدت جمعية القضاة أن "قرارات هيئة الانتخابات هي التي تخضع لرقابة المحكمة الإدارية بما هي رقابة قضائية ضامنة لسلامة المسار الانتخابي ومؤتمنة عليه، وأن المحكمة لها القول الفصل في نزاعات الترشح وأن تلك القرارات لا تعقيب عليها من هيئة الانتخابات الملزمة بتنفيذها".

جبهة الخلاص تجدد رفضها لأي "انتخابات صورية"

في السياق ذاته، حذرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس من "مخاطر الانقلاب على مسار انتخابيّ متعثّر"، وذكّرت الجبهة، في بيان لها، مساء الجمعة، بـ"موقفها الرّافض لأيّ انتخابات صوريّة تمنح مشروعيّة زائفة للرّئيس المنتهية ولايته ولا تتوافر فيها شروط المنافسة النّزيهة، ولا تفتح باب التّداول وتجديد الشّرعيّة".

وقالت الجبهة إنها تتابع "بانشغال شديد ما تشهده البلاد من تطوّرات لافتة في مسار التّرشّحات للاقتراع الرّئاسيّ، ولئن كانت قرارات الجلسة العامّة للمحاكمة الإداريّة جديرة بالتثمين لعدم رضوخها لضغوط السّلطة وكشفها لانحياز هيئة الانتخابات وعدم حيادها، فإنّ تعقيب رئيس هذه الهيئة المعيّنة (فاروق بوعسكر) على القرارات النّهائيّة والباتّة للقضاء الإداري يكتسي خطورة بالغة لتلويحه بالانقلاب على سلطة قاضي الانتخابات وتنظيم انتخابات على المقاس".

وندّدت الجبهة بـ"تصريحات الرّئيس المعيّن لهيئة الانتخابات المعيّنة وتعتبرها مؤشّراً على رغبة في السّطو على صلاحيّات القضاء الإداري بعد الاستحواذ على صلاحيّات الهيئة العليا للاتّصال السّمعيّ والبصري". ودعت الجبهة، كلّ القوى الحيّة، إلى "توحيد جهودها للنّضال من أجل فرض الحدّ المقبول من شروط تنظيم انتخابات نزيهة شفّافة عادلة وديمقراطيّة، خصوصاً أنّ البلاد تعيش في ظلّ مسلسل المحاكمات السياسيّة الظالمة وتلفيق متواتر للقضايا واستمرار اعتقال القادة السياسيّين والمدوّنين والإعلاميّين والنّشطاء".

المساهمون