المحررات الفلسطينيات: فخر بإنجاز المقاومة وحزن على تضحيات غزة

25 نوفمبر 2023
وصفت بعض الأسيرات لـ"العربي الجديد" تجاربهنّ في سجون الاحتلال (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أي قبل يوم واحد من عملية طوفان الأقصى، كانت الأسيرة تحرير أبو سرية تترقب أن يصدر بحقها حكم بالسجن لعشر سنوات، بتهمة التخطيط لتنفيذ عملية فدائية في الثاني والعشرين من شهر أغسطس/ آب من العام الماضي 2022، انتقاماً لاغتيال الاحتلال الإسرائيلي أحد قادة مجموعات "عرين الأسود" في نابلس الشهيد إبراهيم النابلسي في التاسع من الشهر ذاته، غير أن المحكمة تأجلت لظرف طارئ.

ولم يمضِ سوى خمسين يوماً فقط، حتى استنشقت تحرير برفقة أسيرات أخريات عبق الحرية، بعد الإفراج عنهنّ، ضمن صفقة التبادل التي جرت بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

اليوم، تجلس تحرير في كنف عائلتها في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، تستقبل المهنئين، وهي تعرب عن فخرها واعتزازها بصفقة "وفاء الأحرار الثانية"، كما وصفتها.

تقول تحرير لـ"العربي الجديد": "لا أجد كلمة تعبّر عن اعتزازي بصمود أهلنا في غزة وبتضحياتهم الجسيمة. خرجنا مقابل دماء زكية نزفت من أكثر من 15 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى. شكراً للمقاومة التي أوفت بوعدها لنا".

وتضيف أبو سرية: "الفرحة منقوصة طالما بقيت غزة تنزف، وطالما بقي هناك أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي".

وهذه تجربة الاعتقال الثانية لأبو سرية، فقد سبق أن أمضت عاماً كاملاً في سجون الاحتلال، وأُفرج عنها في فبراير/ شباط 2018.

جحيم

تصف أبو سرية حياة الأسيرات في سجون الاحتلال، مؤكدة أنها هذه المرة أصعب من التجربة السابقة. وتقول: "نحن قبل طوفان الأقصى، كنّا نعاني الويلات، لكن بعد هذا التاريخ انقلبت حياتنا تماماً، وبتنا نتعرض يومياً، وعلى مدار الساعة، لاقتحامات متتالية من قوات القمع التابعة لإدارة مصلحة السجون للغرف، حيث التفتيش الدقيق المصحوب بالاعتداءات الجسدية واللفظية علينا، كما جرى عقاب ممثلات الأسيرات بالعزل في الزنازين الانفرادية لأسابيع عدة. الوضع بعد السابع من أكتوبر لا يمكن وصفه".

وتشير أبو سرية إلى أن إدارة السجون حوّلت حياة الأسرى والأسيرات إلى جحيم لا يطاق بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

أما الأسيرة المحررة سارة عبد الله، وهي من مدينة نابلس أيضاً، فلم تسعفها الكلمات في وصف فرحتها بالحرية. وتقول لـ"العربي الجديد": "أشكر المقاومة الفلسطينية، وأشكر حركة حماس، ومحمد الضيف، ويحيى السنوار، وكل القادة الذين وضعونا على رأس أولوياتهم".

وتضيف عبد الله: "علينا رد المعروف لأصحابه، وهم أهلنا في غزة، ونترحم على شهدائهم. منذ لحظة الإفراج عني وأنا أتابع الصور والفيديوهات حيث ذهلت مما رأيت. لقد تعرضوا لإبادة جماعية".

وتشير المحررة عبد الله إلى أن الأسرى والأسيرات في السجن لا يعرفون الكثير من الأخبار، "بعد إقدام إدارة سجون الاحتلال على سحب أجهزة التلفاز والمذياع من الغرف. كنت أعرف أن هناك حرباً، لكن ليس بهذا الإجرام".

وتصف عبد الله فرحتها بأنها كبيرة، لأن ما جرى كان مفاجئاً "كنّا في غرفنا، ودخلت علينا مديرة السجن وذكرت اسمي مع ثلاث أسيرات معي بالغرفة، وأعطتنا وقتاً قصيراً جداً حتى نستعد، لدرجة أنني لم أتمكن من ارتداء حذائي، فقامت مجندة إسرائيلية بسحبي بالقوة".

بدورها، تقول الأسيرة المحررة نور الطاهر التي لم تتجاوز بعد الـ 18 من عمرها، واعتُقلت خلال محاولتها قبل نحو شهرين الدخول إلى المسجد الأقصى المبارك: "التحية كل التحية للمقاومة، وعلى رأسها كتائب القسام، وسنفرح قريباً بتبييض جميع السجون الإسرائيلية رغماً عن أنف الاحتلال الإسرائيلي".

كما وجهت الطاهر تحية كبيرة لغزة وأهلها، وعلى تضحياتهم الجسام، وقالت لـ"العربي الجديد": "يا شهداء غزة، مكانكم في الجنة والنصر لكم، انتصرتم على أقوى جيش في العالم. لولاكم لما خرجنا، ولولا صمودكم وتضحياتكم وقوة المقاومة".

وعادت الطاهر لتشيد بإنجاز المقاومة قائلة: "الله يحيي المقاومة، لولاها لما رأينا الحرية وعزتنا بوجودهم، لولا المقاومة ما أفرج عن أسير واحد"، وهتفت: "هي هي كتائب قسامية".

وشاركت الطاهر الأسيرات المحررات الوجع ذاته، قائلة: "كنّا نعيش عذاباً كبيراً. الحمد لله أننا خرجنا، والأمل بات قريباً جداً بخروج البقية".

وتضيف الطاهر: "صمدنا رغم سادية الاحتلال، معتمدين على الله ثم ليقيننا بصدق المقاومة، تحية لمحمد الضيف، والسنوار، والقسام و(إسماعيل) هنية".