المحاصصة تعرقل تشكيل اللجان الدائمة في البرلمان العراقي

20 مارس 2022
البرلمان العراقي في العاصمة بغداد (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

لم يتمكن البرلمان العراقي، على الرغم من مضيّ أكثر من شهرين على عقد أولى جلساته في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، من حسم ملف اللجان البرلمانية الدائمة، والتي سعت رئاسة البرلمان إلى تشكيلها ليكون هناك دور رقابي نيابي على عمل الحكومة.

ووسط جدل سياسي محتدم بين القوى المتنافسة للفوز بأهم تلك اللجان، يؤكد سياسيون أن الملف لا يمكن إخراجه من دائرة المحاصصة، وأن القوى الكبيرة تتنافس على حصة الأسد من تلك اللجان، أخذاً بعين الاعتبار أهميتها.

مهام لجان البرلمان

وتتوزع لجان البرلمان على تخصصات رقابية مختلفة، منها الأمن والدفاع، والنزاهة، والمالية، وحقوق الإنسان، والتعليم، والمرأة، والتخطيط، وشؤون المحافظات، والقانونية، وتخصصات أخرى يفترض أن تؤدي دوراً رقابياً على عمل الحكومة.

ومنذ مطلع فبراير/شباط الماضي، تعمل رئاسة البرلمان على تشكيل اللجان، في مسعى منها لمواصلة عمل مجلس النواب، وعدم تأثره بأزمة اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة.

وأكد النائب الأول لرئيس البرلمان، حاكم الزاملي، في حينه، أنه يجري وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل اللجان، على أن يتم تأجيل اختيار رؤسائها إلى ما بعد الانتهاء من اختيار رئيس للجمهورية، وأنه سيرأس مؤقتاً كل لجنة أحد أعضائها الأكبر سناً، إلا أن الملف لم يحسم حتى الآن.


ملف اللجان لا يمكن أن يحسم خارج المحاصصة

وحول هذه التطورات، اعتبر أحد النواب، الذي رفض الكشف عن اسمه، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "أغلب اللجان البرلمانية لم يتم حتى الآن حسم توزيع النواب عليها، وأن الخلاف يتركّز على عدد مهم منها، لا سيما لجنتي الأمن البرلمانية والنزاهة البرلمانية".

وكشف أن "الخلافات قائمة بشأن تلك اللجان، وأن النواب كل منهم يريد لجنة معينة، وإن خالفت اختصاصه". ولفت إلى أن "القوى البرلمانية تتمسك بأن تكون لها حصص كبيرة في اللجان المهمة". وأشار إلى أن "هذا الخلاف القائم بين القوى السياسية هو الذي يعطّل حسم الملف".

من جهتها، رأت النائبة السابقة عن التيار المدني، شروق العبايجي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "هذا الملف لا يمكن أن يحسم خارج المحاصصة، وأن القوى البرلمانية الكبيرة تتمسك بهذا المبدأ لتحقيق مكاسب لها".

وبرأيها، فإنّ "الكتل تنتظر تقاسم الكعكة بمنصب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزارات، ليتم على ضوء ذلك تقسيم اللجان محاصصاتياً".

وأكدت أن "هذا التوجه في حقيقته مخالف للنظام الداخلي للبرلمان، والذي نصّ على أن يكون تقسيم اللجان وفق مبدأ الكفاءة والخبرة، وهذا ما لم يتم اعتماده كمبدأ حتى في الدورات السابقة، حيث تكون حصة الأسد للكتلة الأكبر عدداً".

وشددت العبايجي على أن "تقسيم اللجان وفق هذا المبدأ الذي دأبت عليه القوى السياسية، يعني أن تلك اللجان ستستخدم لتمرير الفساد وأن تكون جزءاً منه، ولا يمكن لها حينذاك أن تقوم بمهامها الرقابية".

وتثير هيمنة التحالف الثلاثي "التيار الصدري" و"تحالف السيادة" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" على هيئة رئاسة البرلمان، المؤلفة من رئيس ونائبين، مخاوف تحالف "الإطار التنسيقي" من حصول التحالف الثلاثي على أهم تلك اللجان، مما دعاه إلى التمسك بالتوافق السياسي في تشكيلها.

القرعة في تشكيل اللجان

من جهته، أكد ثائر مخيف، النائب عن ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، صعوبة حسم الملف. وقال في تصريح صحافي، إن "عملية القرعة ستعتمد في التشكيل إذا استمر الخلاف وتزاحم الكتل على لجان معينة".

وشدّد على أن "أهم أسباب التأخير تتعلق ببعض الكتل والنواب المتنافسين على لجان معينة وترك أخرى، كما أن هناك كتلاً لم تقدم أسماء نوابها للجان لأنها لم تحصل على ما تريد، الأمر الذي دفع بعض الكتل للجوء إلى مبدأ القرعة كوسيلة للانضمام إلى لجنة معينة".

ورأى أن "نشاط البرلمان غير المنتظم، وعدم ترتيب أعماله ساهم أيضاً في تأخير التصويت على تلك اللجان"، مبيناً أن "مجلس النواب عازم على إنهاء الملف بأسرع وقت".


يخشى "الإطار التنسيقي" هيمنة تحالف ثلاثي على هيئة رئاسة البرلمان

إلى ذلك، قال الأستاذ في كلية السياسة بجامعة بغداد، محمد العلواني، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "القوى السياسية الكبيرة لا يهمها العمل الرقابي بقدر ما يهمها تحقيق مصالحها الخاصة، وأن تشكيل اللجان قبل التوصل إلى تفاهمات بشأن تقاسم المناصب الحكومية، يهدد مصالح تلك القوى، ما يدفعها لتعطيل حسم الملف". وشدّد العلواني على أن "الدور الرقابي المنتظر من اللجان البرلمانية هو رقابة الحكومة الجديدة، لا حكومة تصريف الأعمال، ما يعني أن القوى الكبيرة لا يهمها التأخير"، مؤكداً أنه "في حال اتضحت ملامح الحكومة المقبلة بتفاهمات معينة، فإن اللجان ستحسم، وبخلاف ذلك سيعطل الحسم".