هاجم المجلس الانتقالي الجنوبي، يوم الثلاثاء، الحكومة اليمنية ورئيسها معين عبد الملك، بعد يومين من هجوم شنّه نائب رئيس المجلس، وعضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أبو زرعة عبد الرحمن المحرمي، على رئيس الحكومة بسبب تردي وتدهور الأوضاع التي يعيشها الجنوب.
وترافق الهجوم مع تصعيد جديد لـ"الانتقالي" بدأه بمنع تسليم إيرادات عدن إلى البنك المركزي المركزي، ملوحاً بالتوجه نحو "إدارة الجنوب" من قبله على خلفية ما قال إنه التطورات الكارثية الخطيرة في الجنوب التي بسبب الحكومة ورئيسها ومن سمّاها "منظومات الفساد".
وفي بيان أعقب اجتماع هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، مساء الثلاثاء، لمناقشة تدهور وتردي الأوضاع التي قال إنها "لم تعد تحتمل في الجنوب" على مختلف الأصعدة، لا سيما مع التطورات المتسارعة خدماتياً إنسانياً وأمنياً وعسكرياً، اعتبر أن الأوضاع الراهنة أنتجتها من قال عنها "حكومة لا تشعر ورئيسها بأدنى شعور بالمسؤولية، رغم أنه قد سبق وتم توصيف وشرح ذلك مرات كثيرة".
ولمّح الانتقالي إلى عودة "الإدارة الذاتية للجنوب" والتي بدأت بعض بوادرها من عدن، مؤكداً أن تصعيده هذا "ينطلق من أدبيات وأسس ووثائق المجلس للتأكيد اليوم بكل وضوح وشفافية بأن إدارة الجنوب من قبل أبنائه بشراكة وطنية وفق ما جاء بالميثاق الوطني الذي أطلقه الشهر الماضي".
واعتبر أن ذلك أيضاً "ضمن شراكة انتقلت من القول إلى الفعل وتتطلبها ظروف المرحلة الخطيرة".
وقال البيان إن هيئة رئاسة الانتقالي وضعت "اللمسات الأخيرة والآليات العملية لعمل القيادة التنفيذية الجنوبية، التي تشكلت بقرار رئاسي من رئيس الانتقالي (نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي) اللواء عيدروس الزُبيدي، والتي بدأت تباشر مهامها بهذا الاتجاه".
واتهم المجلس الحكومة ورئيسها ومن سماها "منظومة فساد" بإفراغ خزينة الدولة المالية والوصول إلى حافة الإفلاس، مؤكداً أن ذلك "يتزامن أيضاً مع التداعيات العسكرية والحشود على حدود الجنوب من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية، والتعاون الواضح مع منظومة الإرهاب بمسمياتها المختلفة القاعدة وداعش والهجوم المستمر على القوات الجنوبية، والتي كان آخرها الهجوم الإرهابي على قوات دفاع شبوة"، مع العلم أن وزارة الداخلية اليمنية أعلنت، يوم السبت الماضي، عن مقتل جنديين اثنين وإصابة 3 آخرين بهجوم لعناصر تنظيم القاعدة في المحافظة.
وربط "المجلس الانتقالي" بين كل هذه التطورات المتزامنة اقتصادياً وخدماتياً وعسكرياً وبين ما سماه "النجاحات التي حققها الجنوبيون، من حوار وطني وإعلان الميثاق الوطني، وانعقاد الدورة السادسة للجمعية الوطنية الجنوبية في المكلا عاصمة حضرموت شرق البلاد".
وتأتي هذه الخطوة التصعيدية من قبل "الانتقالي" بعد يوم من قرار محافظ العاصمة عدن أحمد حامد لملس قضى بوقف توجيه إيرادات عدن إلى البنك المركزي أو مأرب، وقضى القرار باستخدام هذه الإيرادات لتغطية متطلبات خدمات العاصمة المؤقتة عدن التي قال إنها "تعيش وضعاً كارثياً مأساوياً بدون كهرباء في صيف مميت، وغلاء الأسعار وتردي الخدمات".
ودعم بيان "الانتقالي" خطوة لملس، داعياً محافظي المناطق الجنوبية إلى اتخاذ قرارات مماثلة، داعياً "القوات المسلحة والأمن الجنوبية بمختلف تشكيلاتها التابعة له إلى مزيد من اليقظة والتأهب والاستعداد التام لمواجهة التطورات المحتملة التي يحيكها أعداء الجنوب".
وقال البيان إن "هيئة رئاسة الانتقالي وأمام ما تتطلبه الأوضاع الطارئة قررت أن تظل في حالة انعقاد دائم وتوجه كل هيئات ومؤسسات المجلس الانتقالي بأن تظل في انعقاد دائم حتى إشعار آخر".
وكان الانتقالي قد بدأ تصعيده بداية الأسبوع الحالي إعلامياً ثم من خلال هجوم نائب رئيس المجلس الانتقالي، عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أبو زرعة عبد الرحمن المحرمي، على الحكومة، داعياً إلى إقالتها مع رئيسها بسبب ما قال إنه الفشل في حلحلة جميع الملفات وتدهور الأوضاع بشكل كبير وعودة انهيار العملة المتسارع. وأعقبت ذلك خطوة محافظ عدن بوقف تسليم إيرادات عدن إلى الحكومة قبل أن يخرج الانتقالي مساء الثلاثاء ويهدد بشكل واضح بتصعيد جديد والدعوة إلى إدارة الجنوب بعيداً عن الحكومة.
وفي سياق متصل، قال مصدر سياسي في قيادة الشرعية لـ"العربي الجديد" إن "كل محاولات رئيس الحكومة هذه المرة للبقاء قد لا تنفعه كما كان في السابق، فتغييره أصبح مطلباً لدى الجميع داخل الشرعية، وبقاؤه يزيد من تعقيد الوضع، وخصوصاً أن كل الملفات التي كان مطالباً بها تعثرت وتعقّدت أكثر في المناطق المحررة، وأضعفت الدولة والجهود المبذولة لتحسين الأوضاع التي كان يفترض أن يتحقق بفضل الدعم والتوافق الذي ساد خلال الفترة الماضية".