المتهمون في قضية مقتل نزار بنات يمثلون أمام المحكمة بعد إطلاق سراحهم

06 سبتمبر 2022
قتل نزار بنات خلال اعتقاله من قبل قوة من الأمن الوقائي الفلسطيني (عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -

أرجأت المحكمة العسكرية الفلسطينية بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، اليوم الثلاثاء، محاكمة المتهمين بقضية مقتل المعارض السياسي نزار بنات حتى 18 سبتمبر/أيلول الحالي.

ومثّل رجال الأمن الـ14 المتهمون بقضية مقتل نزار بنات المعارض الفلسطيني والمرشح السابق لانتخابات المجلس التشريعي الملغاة؛ وهم طلقاء، لأول مرة أمام المحكمة العسكرية الخاصة/ جنوب، صباح اليوم الثلاثاء، وقد لاحظ مراسل "العربي الجديد" خروج المتهمين مباشرة بعد انتهاء الجلسة مع باقي الحضور إلى الخارج، دون أن يجري نقلهم إلى غرفة التوقيف "النظارة" المجاورة لقاعة المحكمة العسكرية في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية؛ كما كانت عليه جلسات محاكمتهم السابقة وهم موقوفون.

وعلم "العربي الجديد" من مصادر قضائية أن قراراً سبق عيد الأضحى المبارك بإخلاء سبيل المتهمين بكفالة إلى حين انتهاء محاكمتهم، على مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته".

وبعد تواصل "العربي الجديد" مع عدة مؤسسات حقوقية التي بمعظمها لم تكن على علم بالقرار بشكل مسبق، استطاع مركز "مساواة" (المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء) الحصول على معلومات من مصادر وصفها بالمطلعة ووثيقة الصلة بحصول القرار خلال العطلة القضائية بعد تقديم محامي الدفاع طلباً بذلك.

وكان مدير الشؤون السياسية والقانونية في مركز "مساواة" إبراهيم البرغوثي قد نفى صباحاً لـ"العربي الجديد" علمه بأية معلومات عن مثل هذا القرار، رغم حضور المركز ورقابته على كل جلسات المحكمة، ليعود مساءً، ويؤكد أن القرار صدر عن المحكمة، خلال العطلة القضائية، وخارج إطار جلسات المحكمة بناء على طلب قدمه محامي الدفاع.

وأصدر مركز "مساواة"، بياناً، أكد فيه "أن وكيل المتهمين سبق له وتقدم بطلب إخلاء سبيل أثناء العطلة القضائية، وبطلب مستقل لم يُثره أثناء جلسات المحاكمة".

وبحسب البيان فقد "قررت المحكمة العسكرية إصدار قرار قضائي بإخلاء سبيل المتهمين بكفالة عدلية قدرها 70 ألف دينار أردني (حوالى 98.616 دولار أميركي) مجتمعين، كشرط لضمان حضورهم مجتمعين جلسات المحاكمة اللاحقة لتاريخ إخلاء سبيلهم، والتي كان أولها جلسة اليوم، وبضمان من الأجهزة الأمنية التابعين إليها".

وأوضح البيان "الكفالة ليست نقدية يُلزم المتهمون وكفلاؤهم (الأجهزة الأمنية التابعون لها) بدفعها للخزينة إذا ما تخلف أي من المتهمين عن حضور جلسات المحاكمة".

مجريات الجلسة

أُرجئت الجلسة بعد تكليف النيابة العسكرية باستدعاء شاهد بعد طلب الدفاع له كخبير، كما أعطت المحكمة الدفاع إمهالاً أخيراً لإحضار خبير من الخارج طلب المحامي الاستماع لشهادته.

وفي مجريات جلسة اليوم، التمس وكيل الدفاع السماع لشهادة خبير كشاهد من الخليل، وقررت المحكمة إجابة طلبه وتكليف النيابة العسكرية باستدعائه.

لكن المحكمة أمهلت الدفاع لمرة أخيرة إحضار خبيرة من الخارج لتشهد أمام المحكمة بناء على طلب المحامي، كونها ليست مواطنة فلسطينية، وتسكن خارج فلسطين، وكون المحكمة غير ملزمة قانوناً بإحضارها إلى قاعة المحكمة.

بدوره، قال وكيل الدفاع للقاضي "إن الخبيرة التي طلب أن تدلي بشهادتها؛ خبيرة دكتورة، وجِهة خارجية محايدة تتبع للمحكمة الجنائية الدولية ومعتمدة دولياً".

وأضاف "أن هناك مساعي حثيثة من جهات الاختصاص في السلطة؛ من أجل العمل على إحضارها، وقد استُعدت للحضور لإجراء الخبرة الفنية وجرى تبليغها، لترد المحكمة أنها لا تملك قانوناً سلطة إحضار خبير خارجي".

وقال القاضي للمحامي: "إذا كان لديك القدرة لإحضارها سنستمع لها".

عائلة بنات: ما يصدر عن المحكمة لا يمثّلنا

بدوره، قال غسان شقيق نزار بنات لـ"العربي الجديد" إنه قد جرى الإفراج عن المتهمين بتاريخ 22 يونيو/حزيران الماضي، تحت مبرر كورونا حتى 9 يوليو/تموز، وبعد ذلك أُفرج عنهم بكفالة بموافقة الرئيس محمود عباس؛ تحت ضمان جهازهم الأمني بإحضارهم إلى جلسات المحكمة".

وفي تعقيبه على الأمر، قال غسان بنات: "لنا رأي في هذا الموضوع، لماذا المطمطة واللعب على وتر الزمن؟، هو يفرج عنه بكفالة وفي الوقت نفسه يطيل أمد المحكمة؛ إذن هو حر طليق وهذا تدليس للعدالة وفقدان لأبسط قواعد المحاكمة العادلة، رفضنا هذه الإجراءات من خلال مؤتمر صحافي في 18 مايو/أيار الماضي، وما يصدر عن المحكمة لا يمثلنا من قريب أو بعيد، ولنا الحق بمتابعة قضية ابننا في محاكم أخرى سواء على مستوى الوطن أو العالم".

واعتبر بنات أن "استمرار إخلاء السبيل هو إقرار من السلطة الفلسطينية واعتراف بأنها صاحبة القرار في قتل بنات، فلو كانت بريئة، لقدمت الجناة للعدالة بأسرع وقت ممكن"، كما حمل الرئيس عباس شخصياً المسؤولية. واعتبر أن المحكمة فقدت السيطرة على تنظيمها الهرمي، وأصبحت واجهة تجميلية، حسب تعبيره.

ورفضت المحكمة طلباً من محامي الدفاع إبراز كتاب صادر عن وزارة العدل يفيد بعدم ورود اثنين من شهود النيابة في سجلات الوزارة خبراء معتمدين، وقد اعترضت النيابة على إبراز الكتاب لعدم قانونية ذلك، كون الخبراء موظفين على مرتبات الأجهزة الأمنية، لتعلل المحكمة قرارها بأن خبراء النيابة موظفون عموميون مختصون بعملهم، وأن القانون لم ينص على وجوب إدراج أسمائهم في قائمة خبراء وزارة العدل.

وكانت النيابة العسكرية قد أخلت سبيل المتهمين في يونيو/حزيران الماضي، وفق إجازة بضمان جهازهم الأمني (الأمن الوقائي)، لمتابعة أوضاعهم الصحية وإجراء الفحوصات اللازمة لهم، بعد ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في مركز الإصلاح والتأهيل مع وجود اكتظاظ في مراكز تأهيل وإصلاح الجنيد وأريحا.

وأدى ذلك القرار إلى سلسلة من ردود الأفعال الحقوقية التي أكدت أن قراراً مثل هذا ليس من صلاحية النيابة العامة العسكرية، بل هو من صلاحية المحكمة حصراً.

وكانت عائلة بنات ومحاميها غاندي ربعي قد أعلنا الانسحاب نهائياً من المحكمة، في شهر مايو/أيار الماضي، رداً على ما اعتبروه سلسلة إجراءات وسلوكيات تؤثر على العدالة، ومن ضمنها ما قالت العائلة في حينه؛ الإفراج عن المتهمين في فترة شهر رمضان المبارك وعيد الفطر، دون أي سند قانوني أو موافقة من المحكمة.

وفي فبراير/شباط الماضي، أرجأت المحكمة جلستها دون السير في الدعوى بعد ورود كتاب إلى المحكمة من المستشار القانوني لجهاز الاستخبارات العسكرية يفيد برفض المتهمين الحضور، حيث كانوا موقوفين في أريحا، ولتبلغ المحكمة النيابة العسكرية والاستخبارات بضرورة إحضارهم جبراً في حال استمر رفضهم المثول أمام المحكمة.

وبدأت محاكمة المتهمين في شهر سبتمبر/أيلول 2021، وقدمت ضدهم لائحة اتهام تحتوي على تهم: "الضرب المفضي إلى الموت بالاشتراك، وإساءة استخدام السلطة بالمصادرة بالعنف بالاشتراك، ومخالفة التعليمات العسكرية".

وقتل نزار بنات في 24 يونيو/حزيران 2021، خلال اعتقاله من قبل قوة من الأمن الوقائي الفلسطيني، بمنزل أحد أقربائه بمدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، وتبين تعرضه للتعذيب، ما أدى إلى وفاته بعد وقت قصير.
 

المساهمون