المبعوث الأميركي للتحالف الدولي: لا خطة حالياً للانسحاب من العراق

03 مارس 2024
تستمرّ المفاوضات التي تهدف إلى وضع جدول زمني للانسحاب (علي مكرم غريب/الأناضول)
+ الخط -

نفى المبعوث الأميركي للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إيان مكاري، وجود خطة في الوقت الحالي لانسحاب القوات الأميركية والتحالف الدولي من العراق، مؤكداً أن العراق يُعتبر دولة مؤسسة للتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش".

وتتزامن تصريحات مكاري الجديدة، مع تعليقات مغايرة للمسؤولين العراقيين، وأبرزهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بشأن المفاوضات الجارية منذ نحو شهرين مع واشنطن، والتي تهدف إلى وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية، وإنهاء دور التحالف الدولي في العراق.

وقال السوداني الأربعاء، إن "إخراج القوات الأميركية من العراق أحد الالتزامات الأساسية للحكومة قبل الأحداث الأخيرة في غزة"، مبيناً أن "المحادثات مع الجانب الأميركي تأخرت بسبب الأحداث في غزة، وأن الحكومة العراقية عقدت الأسبوع الماضي، ثلاثة اجتماعات مهمة مع الجانب الأميركي لحل مسألة انسحاب هذه القوات من العراق في أسرع وقت ممكن".

وأمس السبت، قال المبعوث الأميركي للتحالف الدولي، إيان مكاري، لمحطة تلفزيون "الحرة" الأميركية، إن "العراق دولة مؤسسة للتحالف الدولي، وتلعب دوراً قيادياً فيه، وليس هناك خطة حالياً للانسحاب من العراق"، مشدداً على أن التحالف يستفيد من التجربة العراقية في استهداف التنظيم.

وأكد مكاري أن "هناك مباحثات ثنائية مع العراق، من أجل وضع إطار دائم لتعاون أمني بين الدولتين"، كما تحدث عن وجود "مباحثات مستمرة لإقناع العراق بضرورة استمرار التحالف"، مضيفاً: "بوجه عام هناك رؤية مشتركة بين الطرفين لضرورة استمرار الحملة ضد تنظيم داعش"، لافتاً إلى أن "قوات التحالف توفر التعاون التقني مع العراقيين، ودور التحالف في العراق هو دور داعم".

وشدد على أن "قوات التحالف ستدافع عن نفسها في حال تعرضها لهجمات من وكلاء طهران"، كما اتهم إيران بـ"دور سلبي جداً في المنطقة"، وفقاً لقوله.

وفي سياق ثانٍ، نفى المسؤول وجود أي تعاون بين التحالف الدولي والنظام السوري، مؤكداً أنه "لا توجد اتصالات دبلوماسية معه، ولا يزال يوجد في سورية عناصر من "داعش" نعمل على مواجهتها".

وكشف المبعوث الدولي عن أن عمل التحالف الدولي لا يقتصر على الشرق الأوسط، بل يمتد إلى أفريقيا أيضاً، قائلاً: "هناك جهود مشتركة للتحالف مع دول أفريقية لهزيمة انتشار التنظيم في القارة السمراء ومنعه. التحالف يعمل على توفير المساعدات التقنية، وبناء القدرات للدول الأفريقية لمنع امتداد "داعش"، مشيراً إلى وجود عناصر للتنظيم في موزمبيق والكونغو، ويعمل التحالف على توفير المساعدات التقنية وبناء القدرات للدول الأفريقية لمنع امتداده.

ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/ أيلول عام 2014، ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي، وليست كلّ هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية، وأسترالية، وبريطانية، تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.

ويتوقع أن يُسبب التصريح الجديد للمسؤول الأميركي مزيداً من الحرج للحكومة العراقية التي تسعى إلى الإبقاء على حالة التهدئة الأمنية بين الفصائل المسلحة وقوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والتي وجهت ضربات عدة في بغداد، وبابل، والأنبار إلى مقرات الفصائل التي تتهمها باستهداف قواتها في العراق وسورية.

موقف عراقي جديد

واليوم الأحد، أكد رئيس أركان الجيش العراقي الفريق عبد الأمير يارالله، استمرار اجتماعات اللجنة العسكرية العليا لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق. وأشار يارالله الذي يترأس اللجنة العسكرية العليا، في مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية (واع)، إلى "الاتفاق (مع واشنطن) على تشكيل لجنة عليا من العراق، وأيضاً لجنة عليا من قوات التحالف، تأخذ على عاتقها إنهاء مهمة التحالف الدولي وبتوقيتات زمنية".

وأوضح أنه "تم تشكيل ثلاث لجان بعد انعقاد الجلسة الأولى برئاسة القائد العام للقوات المسلحة، الأولى تتعلق بتقييم داعش الإرهابي، والثانية لجنة البيئة العملياتية التي تتعلق بساحات العمليات، فيما تتمحور الثالثة حول قدرات القوات الأمنية العراقية، ونحن في الجانب العراقي شكلنا اللجان، حيث كانت لجنة تقييم "داعش"، ولجنة البيئة، والعملياتية، ولجنة القدرات".

وبيّن أن "التحالف الدولي تقتصر مهامه الآن على الإسناد الجوي، وليس لديه أي قوات عسكرية على الأرض، وهذا العمل مناط بقواتنا الأمنية بمختلف المسميات، من الجيش، و"الحشد الشعبي"، وجهاز مكافحة الإرهاب، والشرطة الاتحادية".

ولفت رئيس أركان الجيش إلى أن "النقاش مع التحالف الدولي يركز على الجانبين الجوي والاستخباري"، مشيراً إلى أن "الرؤية العراقية هي إنهاء مهمة التحالف تماماً، وتحديد سقف زمني لذلك، مع الانتقال إلى مرحلة الشراكة الثنائية، وفق مذكرات تفاهم بين وزارة الدفاع العراقية وعدد من دول التحالف".

وفي هذا الإطار، قال الخبير بالشأن العراقي أحمد النعيمي لـ"العربي الجديد"، إن "التباين في الموقفين العراقي والأميركي من حقيقة الهدف أو المغزى من المفاوضات، يؤكد وجود مشكلة داخلية لدى الحكومة في التعامل مع ضغوط الفصائل المسلحة التي تدفعها باتجاه إنهاء دور التحالف الدولي، وبين حاجة العراق الفعلية إلى عدم الدخول في مواجهة خاسرة سياسياً مع الولايات المتحدة التي تظهر جلياً عدم رغبتها في الانسحاب".

ورأى النعيمي أن "حكومة السوداني تعي جيداً الضرر الذي يمكن أن تسببه واشنطن للعراق اقتصادياً، وأمنياً، وسياسياً، في حال ذهبت بغداد إلى المواجهة والإصرار على خروج الأميركيين، ومن ثم هي تعتمد خطاب تهدئة لإقناع الفصائل لا أكثر".

واعتبر أن الأميركيين سيذهبون في نهاية هذه المفاوضات إلى الاتفاق على جدول زمني قد يمتد إلى سنوات لمهام التحالف الدولي، لكن بعد إجراء تغييرات شكلية في مهمته بالعراق، مراعاة لوضع حكومة السوداني.

وأنهت بغداد وواشنطن جولتي حوار قادهما ممثلون عسكريون ومستشارون من كلا البلدين في بغداد، خلال الأسابيع الماضية، تتركز على صياغة تقييم نهائي تطالب به حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من أجل وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق، وإنهاء دور التحالف الدولي الموجود منذ عام 2014 لهزيمة تنظيم داعش.

وتضغط القوى السياسية والفصائل المسلّحة الحليفة لإيران، على حكومة السوداني من أجل حسم الملف وإنهاء الوجود الأميركي في العراق، في وقت تتجنب واشنطن في المقابل في تعليقاتها، الحديث عن أي خطوة انسحاب قريبة لقواتها من العراق.

ويناقش المسؤولون من كلا البلدين قدرة بغداد على إدارة الملف الأمني، ومنع ظهور داعش مجدداً قبل الحديث عن أي جدول زمني للانسحاب، وإنهاء دور التحالف الدولي وعمله في العراق، لكن مصادر مقربة من الحكومة قالت إن العراق لديه مخاوف من استخدام واشنطن الجانب المالي والاقتصادي أيضاً في الضغط على العراق لمنع أي خطوة أحادية من جانبه لا ترغب فيها واشنطن، وتتعلق بوجود أميركي عسكري في العراق.

ولم تنفذ الفصائل المسلحة في العراق المنضوية تحت مظلة "المقاومة الإسلامية"، أي عملية تجاه المصالح الأميركية في البلاد منذ نحو شهر كامل، على الرغم من استمرار نشاط الطيران الأميركي في الأجواء العراقية، خاصة في بغداد والأنبار وإقليم كردستان.

المساهمون