قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ: "إن الأشهر الثلاثة الماضية للهدنة في اليمن ساعدت على خفض ملحوظ لنسبة الضحايا من المدنيين في اليمن، حيث تراجعت بنسبة الثلثين مقارنة بما قبل الهدنة. كما أن أغلب الإصابات جاءت بسبب الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، التي لا تزال تشكل تهديداً للمدنيين، بمن فيهم الأطفال، عند عودتهم إلى المناطق التي انخفضت فيها نسبة الأعمال العدائية". وجاءت تصريحات غروندبرغ خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك.
وأكد في الوقت ذاته وجود مزاعم من قبل جميع الأطراف، "حول الحوادث المزعومة داخل اليمن، بما في ذلك إطلاق النار المباشر وغير المباشر، وهجمات بطائرات مسيرة واستطلاعية وإنشاء تحصينات وخنادق جديدة. كما يُزعم أن الأطراف ترسل تعزيزات إلى الجبهات الرئيسة، بما في ذلك إلى مأرب والحديدة وتعز". وفي هذا السياق، لفت غروندبرغ الانتباه إلى مساعيه "لمساعدة الأطراف على إنشاء قنوات اتصال لمساعدتهم على إدارة مثل هذه الحوادث المزعومة بطريقة سلمية".
وأضاف: "عقد مكتبي، الأسبوع الماضي، الاجتماع الثالث للجنة التنسيق العسكرية، المؤلفة من ممثلين عن الأطراف، بالإضافة إلى قيادة القوات المشتركة للتحالف. وناقش الجانبان خلال الاجتماع تشكيل غرفة التنسيق المشتركة التي سيتم تكليفها بمهمة خفض التصعيد على المستوى التشغيلي، وتعيين مجموعة عمل بدأت مناقشات فنية مفصلة لتوحيد المقترحات في هذا الصدد".
كما شدد غروندبرغ على أن تجديد الهدنة ساعد أيضاً على "استمرار تدفق الوقود إلى ميناء الحديدة. منذ تجديد الهدنة، تم السماح لسبع سفن وقود تحمل ما يقرب من 200 ألف طن متري من منتجات الوقود المختلفة بدخول ميناء الحديدة"، وأكد على أن تدفق الوقود ساعد على "تجنب انقطاع الخدمات العامة الأساسية التي تعتمد جزئياً على الوقود، مثل المياه النظيفة والرعاية الصحية والكهرباء والنقل، ما انعكس بشكل نوعي على حياة اليمنيين".
وأشاد المسؤول الأممي بالجهود الرامية إلى تيسير حركة المدنيين من اليمن وإليه، وقال: "منذ بدء الهدنة، نقلت 15 رحلة طيران تجارية ذهاباً وإياباً ما يقرب من 7 ألاف راكب بين صنعاء وعمان. نواصل العمل عن كثب مع السلطات المصرية لتسهيل الرحلات الجوية المنتظمة من القاهرة وإليها"، وعبر عن أسفه في الوقت ذاته لاستمرار إغلاق الطرقات من تعز وإليها للسنة السابعة على التوالي، وقال "إن فتحها سيساعد على عودة الحياة إلى طبيعتها"، وأكد أنه يتواصل مع الأطراف، وأنه طرح إمكانية فتح الطرقات، وعلى مراحل مع جميع الأطراف، وقال: "أبلغتنا جماعة الحوثي بعدم موافقتها على هذا الاقتراح، ولكن نحن مستمرون في التفاوض".
وعبر غروندبرغ عن قلقه من تصريحات لكل الأطراف تشكك في فوائد الهدنة، ووصف ذلك بالخطوة الخطيرة، وطلب "من الجانبين الامتناع عنها. لنكن واضحين، إن البديل عن الهدنة هو العودة إلى الأعمال العدائية"، وحذر من تبعات ذلك على المدنيين وعلى اليمن والمنطقة بأكملها.
وختم غروندبرغ إحاطته بالتأكيد على استمراره في البحث مع الطرفين "عن إمكانية تمديد أطول لاتفاق هدنة موسع سيوفر الوقت والفرصة لبدء مناقشات جادة حول المسارات الاقتصادية والأمنية، للبدء في معالجة القضايا ذات الأولوية، مثل الإيرادات، ودفع الرواتب، وبدء عملية التحرك نحو وقف إطلاق النار".
من جهتها، حذرت وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس ميسويا من تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، وشبح المجاعة الذي يحيط بآلاف اليمنيين على الرغم من الهدنة، وحذرت من أن "الهدنة وحدها لن تكون كافية لوقف ما نخشى أن يأتي. فقد ترتفع الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك خطر المجاعة في بعض المناطق، بشكل حاد في الأسابيع والأشهر المقبلة. يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة وحسم لوقف ذلك".
وحذرت من تزايد الاحتياجات بسبب المشكلات الاقتصادية وتدهور بيئة العمل للعاملين في مجال الإغاثة، ونقص في نسبة التمويل لصندوق المساعدات الإنسانية لليمن، ولفتت الانتباه لاستمرار "التخويف والتحريض ضد وكالات الإغاثة في جميع أنحاء اليمن"، وتحدثت عن وجود "معلومات مضللة وخاطئة يتم تضخيمها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة وفي بعض المنتديات العامة".
كما لفتت الانتباه إلى "تحديات يواجها العاملون في المجال الإنساني من اليمنيين، في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، حيث أصبحت تحركات الموظفين أكثر صعوبة في الأسابيع الأخيرة بسبب العوائق البيروقراطية لعمال الإغاثة اليمنيين، الذين يسافرون إلى الخارج لأسباب مهنية".
وأضافت ميسويا: "تقوم سلطات الحوثيين بشكل متزايد بفرض قيود تحد من مشاركة المرأة الكاملة في العمل الإنساني، سواء كعاملة في مجال الإغاثة أو كمتلقية للمساعدات"، وتحدثت عن استمرار "احتجاز الجماعة اثنين من عمال الإغاثة الذين يعملون لدى الأمم المتحدة، على الرغم من مرور ثمانية أشهر من الوعود المتكررة بالإفراج السريع عنهما"، وفي ما يخص المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية حذرت من استمرار التحديات الأمنية، وقالت إن ذلك يشمل سرقة 18 سيارة إغاثة منذ بداية السنة.
ثم حذّرت من نقص شديد في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية الخاصة باليمن، حيث تم تمويلها بأكثر من مليار دولار، وهو ما يمثل 27% فقط مما تحتاجه الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية في اليمن.
وقالت في هذا السياق: "الجوع أسوأ من أي وقت مضى، ومع ذلك اضطر برنامج الغذاء العالمي إلى خفض الحصص الغذائية لملايين الأشخاص منذ عدة أسابيع بسبب فجوات التمويل. كان هذا ثاني تخفيض كبير خلال ستة أشهر".