أزاحت معركة "طوفان الأقصى" التي دشنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي عن تطور نوعي في تاريخ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بعد سنوات من العمل العسكري والمواجهات وجولات التصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي.
وحمل الأداء الذي قامت به الأذرع العسكرية لقوى المقاومة، تحديداً "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة حماس، صدمة للمستوى الأمني والعسكري الإسرائيلي وللمستوى الاستخباراتي على وجه الخصوص، الذي كان يعتقد أن حركة حماس لن تجازف بالوصول إلى مواجهة جديدة من المحتمل أن يتكبد فيها القطاع خسائر على المستوى الاقتصادي.
دخول الأسلحة الجديدة إلى المعركة
إلى جانب الأداء العملياتي، فإن المواجهة الحالية أماطت النقاب عن تطور عسكري جديد تمثل في دخول أنواع جديدة من الأسلحة للخدمة للمرة الأولى كالطائرات الشراعية، إلى جانب المسيرات، والزوارق البحرية، فضلاً عن المسيرات التي تمتلكها المقاومة.
واستخدمت المقاومة الفلسطينية الطائرات الشراعية للمرة الأولى في هذه المواجهة لتنفيذ عمليات إنزال خلف الخطوط وداخل الأراضي المحتلة عام 1948، إلى جانب اقتحام الحدود بعشرات الجنود والسيطرة على المستوطنات القريبة من القطاع وإيقاع خسائر بشرية غير مسبوقة في صفوف الاحتلال.
شهدت المواجهة الجديدة إدخال صواريخ "رجوم" للخدمة
كما شهدت المواجهة إدخال أنواع جديدة من الصواريخ للخدمة للمرة الأولى، كان من أبرزها "رجوم"، وهو نوع جديد أفصحت عنه "كتائب القسام"، استخدمته في قصف المستوطنات والمدن المحتلة عام 1948 خلال اللحظات الأولى لبدء العملية.
في الوقت ذاته، شهدت اللحظات الأولى للمواجهة استخدام أسلحة جديدة من قبل وحدة "الكوماندوز البحري" لتنفيذ عملية إنزال بحري على القاعدة البحرية "زيكيم"، مما مكن المقاومين من تنفيذ عملية ناجحة تزامناً مع عمليات الإنزال البري والجوي التي شهدتها بقية المناطق.
بدا لافتاً الأداء النوعي للقوات البرية لقوى المقاومة وحالة التنقل السريعة بين مختلف المواقع العسكرية على طول الحدود، إلى جانب المستوطنات الواقعة في محيط غلاف غزة، من دون أن تتمكن طائرات الاحتلال من تنفيذ عمليات جوية تتصدى فيها للهجوم البري.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي تنجح فيها المقاومة الفلسطينية في تنفيذ عمليات إنزال واسعة النطاق بهذه الطريقة، باستثناء العمليات التي قامت بها خلال مواجهة صيف عام 2014، حين نجحت مجموعات بالتسلل عبر بعض الأنفاق الأرضية إلى بعض المواقع العسكرية.
رامي أبو زبيدة: المقاومة نجحت في توجيه ضربات أمنية قوية للمستوى الأمني الإسرائيلي
في السياق، يقول الباحث المختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، إن المقاومة الفلسطينية نجحت في تحقيق عنصر المباغتة والمفاجأة في بداية المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، مما انعكس إيجاباً على سير المواجهة في اللحظات الأولى لانطلاقها.
ويضيف أبو زبيدة في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن المقاومة نجحت في تحقيق نجاحات عسكرية تمثلت في العدد الكبير في الخسائر للاحتلال، واختراق التحصينات الحدودية والجدار الذي أنفق عليه الاحتلال مليارات الدولارات ليواجه به الأنفاق الأرضية التابعة للمقاومة.
ضربات المقاومة الناجحة
ويشير أبو زبيدة إلى أن المقاومة نجحت كذلك في توجيه ضربات أمنية قوية للمستوى الأمني الإسرائيلي، أبرزها حالة التضليل الميدانية وإيهام الاحتلال بأنها تريد الحفاظ على حالة الهدوء والتفاهمات الاقتصادية التي تم التوصل إليها على الصعيد المالي أو الأيدي العاملة.
إلا أنه ووفق أبو زبيدة فإن المقاومة كانت تستعد تكتيكياً وعسكرياً لتنفيذ الهجوم واختارت ساعة الصفر من دون أن يتمكن الاحتلال من اكتشاف هذه الضربة، على الرغم من التفوق التكنولوجي والأمني والعسكري وحجم التجهيزات الضخمة التي يمتلكها الاحتلال الإسرائيلي.
ويرجح أبو زبيدة أن تشهد المواجهة الحالية استمراراً لفترة ليست بالقصيرة في ضوء تحكم المقاومة الفلسطينية بالمشهد الميداني وإدارتها للمواجهة من دون أن يتمكن الاحتلال الإسرائيلي من تحقيق أية نجاحات ميدانية، في ضوء الخسارة الميدانية الفادحة التي مني بها على حدود القطاع.
ووفقاً للاعترافات الإسرائيلية فإن إجمالي الخسائر البشرية تجاوز حاجز الألف قتيل حتى اللحظة إلى جانب إصابة أكثر من ألفين آخرين بجراح متفاوتة عدا عن أسر العشرات من الإسرائيليين بين ضباط وجنود ومستوطنين تم نقلهم إلى داخل القطاع.