"المؤتمر الإقليمي" في بغداد: آمال مرتفعة رهن مستوى التمثيل الدبلوماسي

13 اغسطس 2021
دخل ماكرون على خط إنجاح المؤتمر (Getty)
+ الخط -

من المقرر أن تحتضن العاصمة العراقية بغداد، نهاية أغسطس/آب الحالي، مؤتمراً هو الأول من نوعه الذي تنظمه البلاد منذ العام 1990، تشارك فيه نحو 10 دول عربية وإقليمية وأوروبية، منها خمس مجاورة للعراق، هي إيران وتركيا والسعودية والكويت والأردن، بالإضافة إلى مصر وفرنسا وقطر والإمارات وممثل عن الاتحاد الأوروبي وآخر عن الأمم المتحدة، بينما لا تزال مسألة توجيه دعوة لنظام بشار الأسد غير واضحة، على الأقل بالنسبة إلى مسؤولين عراقيين أكدوا، لـ"العربي الجديد"، دخول فرنسا خلال الساعات الماضية على خط الجهود العراقية في تنظيم المؤتمر، وحث عدة دول جرى توجيه دعوات لها للمشاركة فيه، وعلى مستوى تمثيل رفيع.
الحدث المرتقب الذي بدأ في كونه مؤتمراً لدول جوار العراق اختارت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في اليومين الماضيين، وصفه بـ"المؤتمر الإقليمي"، عقب البيان الذي صدر إثر الاتصال الهاتفي بين الكاظمي والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في إشارة يُفهم منها توجهاً نحو توسيع ملفات وأهداف المؤتمر إلى ما هو أبعد من العراق، خصوصاً بعد صدور تأكيدات بشأن توجيه دعوات إلى عدة دول عربية وخليجية فاعلة في المنطقة للمشاركة في المؤتمر، إضافة إلى ممثلين عن دول أوروبية وبعثة الأمم المتحدة في العراق.

ترغب السعودية بمعرفة مستوى التمثيل الإيراني والتركي لتحديد مشاركة بن سلمان من عدمها

وخلال الأيام الماضية، أوفد الكاظمي وزير التخطيط خالد البتال إلى الكويت، ووزير الخارجية فؤاد حسين إلى تركيا ومنها إلى السعودية ثم إيران، ووزير المالية علي علاوي إلى الأردن، ووزير الدفاع جمعة عناد إلى مصر. وجرى تسليم رسائل تحمل دعوات رسمية لرؤساء وقادة الدول لحضور المؤتمر الذي تسعى بغداد لتنظيمه بموعد أولي في 29 الشهر الحالي، بعد انتهاء البلاد من إنجاز مراسم الزيارة الدينية إلى مدينة كربلاء جنوبي البلاد، والتي تشهد استعدادات أمنية ضخمة واستنفاراً لوحدات الأمن لتأمينها، إذ يقصد ملايين العراقيين والوافدين من خارج البلاد المدينة لإحياء ذكرى العاشر من محرم (تصادف في 19 أغسطس الحالي).
وعقب زيارة حسين إلى طهران، الثلاثاء الماضي، ولقائه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كشف مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى في الخارجية العراقية أن السعودية وإيران وتركيا، الدول الرئيسة الثلاث المحيطة بالعراق، رحبت بالمشاركة في المؤتمر. ووفقاً للمسؤول فإن "السعودية ترغب بمعرفة مستوى التمثيل الإيراني والتركي على وجه الخصوص، لتحديد مشاركة ولي العهد محمد بن سلمان من عدمها"، مستدركاً بالقول إن دولاً أخرى تشارك السعودية الأمر ذاته رحبت بالحضور، لكن حتى الآن لم يتبين نوع تمثيلها.

وتابع المسؤول الدبلوماسي، في اتصال هاتفي من بغداد مع "العربي الجديد"، أن "فرنسا دخلت على خط الجهود المبذولة من قبل العراق في هذا الإطار عقب الاتصال الهاتفي (الإثنين الماضي)، الذي تم بين ماكرون والكاظمي". وكشف أن "دعوة ممثلين عن نظام بشار الأسد للمؤتمر كما كان مخططاً، ما زالت محل تردد وغير واضحة، وأن هناك تباينا بوجهات النظر داخل اللجنة التحضيرية العراقية للمؤتمر بشأن ذلك، وقد يحسم ذلك خلال اليومين المقبلين بتوجيه دعوة أو استثناء النظام من المشاركة".
في المقابل، أكدت مصادر مقربة من الكاظمي أن اللجنة المكلفة بالتحضير للمؤتمر برئاسة الوكيل الأقدم (الأول) لوزارة الخارجية نزار الخير الله، أنجزت عدة ملفات رئيسية، من المقرر أن يتم بحثها خلاله، تتعلق بالمجمل في الأمن والحرب على تنظيم "داعش"، والحدود والمياه والتجارة والاستثمار والنقل والصحة، وقضايا سياسية عدة، وجرى تصنيف الملفات بحسب أهمية ارتباطها مع العراق. وقالت المصادر إن وزير الخارجية فؤاد حسين وصف المؤتمر قبل أيام بأنه لـ"تحريك المياه الراكدة في المنطقة، ولن يكون لالتقاط الصور"، وذلك في معرض تعليقه على جزئية إمكانية أن يحل مؤتمر ليوم واحد ملفات ضخمة وكبيرة تتعلق بالعراق. وأكد حسين، بحسب المصادر، وجود "جو ممتاز" لتحقيق لقاء جانبي سعودي إيراني خلال المؤتمر على مستوى رؤساء الوفود التي ستحضر إلى بغداد. بدوره، قال وزير التخطيط العراقي خالد البتال، في تصريح متلفز، إن العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وماكرون أكدوا حضور المؤتمر المقرر عقده نهاية الشهر الحالي.

دعوة ممثلين عن نظام بشار الأسد للمؤتمر ما زالت محل تردد

وكان مستشار رئيس الحكومة العراقية حسين علاوي أكد، في وقت سابق من هذا الأسبوع، عدم وجود أي رفض لغاية الآن لحضور المؤتمر من أي دولة. وبين، في تصريحات للصحافيين من بغداد، أن جميع الدعوات التي وجهت للدول قوبلت بالترحاب، والمشاركة ستكون على مستوى قادة دول ورؤساء حكومات. وأشار إلى أن ممثلي وقادة هذه الدول "سيلتقون بشكل ثنائي وجماعي ومتعدد، والحكومة العراقية ستوفر كل الأجواء المناسبة لذلك". وأوضح أن "القيادة الإيرانية داعمة وستلبّي الدعوة للمشاركة في المؤتمر الإقليمي". وأعلن أنه سيطرح في المؤتمر القضايا المهمة في المنطقة، وأنه تم الإعداد والتحضير له منذ عدة أشهر، والظروف مواتية جداً لبناء تفاهمات وتقارب في وجهات النظر.
في السياق ذاته، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، إن وزارة الخارجية لم تزودهم بأي معلومات رسمية تتعلق بالمؤتمر لغاية الآن، لكنه أضاف بأن المعلومات المتوفرة لديه حتى مساء الأربعاء الماضي تؤكد أنه "تم توجيه دعوات رسمية لجميع دول الجوار، ومنها إيران والسعودية وتركيا والكويت والأردن، أما بالنسبة لسورية فلا نعلم الوضع بشأنها حتى الآن. كما أن هناك دعوات مماثلة إلى قطر ومصر والإمارات. كذلك وجهت دعوة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووفد من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة". وبين، لـ"العربي الجديد"، أن "المؤتمر سيبحث في شؤون أمن المنطقة واستقرارها سياسياً، وسبل تطوير التعاون الأمني وتبادل المعلومات، إضافة إلى مشاكل المياه والحدود". وأشار إلى أن "حكومة الكاظمي ستُبادر، بمباركة وتأييد ونصيحة من الولايات المتحدة، لمحاولة عقد لقاء ثنائي بين طهران والرياض من أجل ترطيب العلاقة بين الطرفين، رغم أن هذه الفقرة لم يتم التأكد ما إذا كانت ضمن جدول أعمال المؤتمر أم لا". واعتبر أن "معظم مشاكل العراق، هي بسبب الأذرع الدولية لبعض الأطراف المتصارعة، لذلك يبدو أن الكاظمي توصل إلى أن حل هذه المشاكل لا بد أن يكون عبر لقاء يجمع المتصارعين في قاعة واحدة، وفتح ملفات الخلافات ومناقشتها".
وحول ذلك أكد الخبير بالشأن الأمني العراقي، مجاهد الطائي، أن المعلومات المتوافرة تشير إلى تولي ماكرون جزءا من جهود إنجاح المؤتمر وتوسعة ملفاته. وأضاف الطائي، لـ"العربي الجديد"، أن فرنسا تمتلك علاقات مستقرة نسبياً مع إيران والسعودية، ودول أخرى تم توجيه دعوات لها، ويمكن أن تساهم في إكمال دور الوساطة العراقية بين الرياض وطهران على المستوى الإقليمي. وتابع: "لغاية الآن لم تتضح صورة القمة، وعدد الحاضرين، ومستويات التمثيل. ومن المرجح أن يتم تغيير موعدها في أي وقت نظراً للتطورات الحالية في المنطقة وترقب الرد الغربي على إيران، إثر اتهامها بالتورط في استهداف ناقلة نفطية قبالة سواحل عمان" أخيراً. وأشار إلى أن "بغداد تحاول، من خلال المؤتمر، خلق روابط إقليمية ودولية تخفف من تداعيات وانعكاسات الخلافات الخارجية على العراق، خاصة مع استعدادات حكومية لإجراء انتخابات مبكرة تبدو صعبة التنفيذ مع اشتداد الصراعات المحلية كلما اقتربنا من موعدها المفترض بعد نحو شهرين من الآن".

المساهمون