اللجنة العسكرية الليبية تجتمع في سرت بعد تعثر فتح الطريق الساحلي

21 يونيو 2021
حفتر يعرقل عودة الحركة إلى الطريق الساحلي (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

بدأت أعمال الاجتماع الخامس للجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 الليبية في مقرها الدائم في مدينة سرت، اليوم الاثنين، بمشاركة ممثلين عن البعثة الأممية، فيما واجهت جهود الحكومة لفتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها تعثرا بعد يوم واحد فقط على إعلان فتحها.

ويناقش اجتماع اللجنة العسكرية، الذي كان يفترض أن ينطلق أمس، بند إجلاء المقاتلين الأجانب والمرتزقة كأحد أهم بنود الاتفاق العسكري الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بالإضافة لفتح الطريق الساحلي.

وقبيل بدء الاجتماع، طالب المجلس الرئاسي اللجنة بأن "تتولى مسؤولية التنسيق بين الأطراف المعنية، لضمان الإنجاز الكامل لفتح الطريق ومتابعة الترتيبات الأمنية الخاصة بهذه العملية".

وكان رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة قد أعلن أمس عن فتح الطريق الساحلي، ونشر مكتب الحكومة الإعلامي صورا تظهر مشاركته في إزالة السواتر الترابية على الطريق الرابط بين سرت ومصراتة.


وأبدى رئيس الوفد الممثل لقيادة اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في لجنة 5 + 5، امراجع العمامي، اعتراضه على الخطوة، قائلا إن "ما يتم تداوله بشأن فتح الطريق الساحلي غير صحيح"، وفقا لتصريحاته ليل البارحة لقناة ليبية مقربة من حفتر.

وأضاف "من يقرر فتح الطريق هي اللجنة المعنية وهي لجنة (5+5)، وخلال الأيام المقبلة سنعطيكم التوقيت الذي سيتم فيه فتح الطريق"، بل ذهب المتحدث الرسمي باسم قيادة حفتر، أحمد المسماري، أبعد من ذلك حينما اعتبر "اتفاق" الدبيبة مع قوات "غرفة تحرير سرت – الجفرة" لـ"فتح الطريق لعدة ساعات في احتفالية مدفوعة الثمن". وأضاف، خلال تصريحات تلفزيونية ليل الأحد، أن "الدبيبة حاول اليوم سرقة جهود اللجنة العسكرية".

تصريحات ومواقف يبدو أنها دفعت "آمر غرفة تحرير سرت – الجفرة"، إبراهيم بيت المال، إلى الإعلان عن شروط لفتح الطريق الساحلي، تضمنتها مراسلة وجهها للحكومة وتناقلتها وسائل إعلام ليبية.

وأكد المتحدث الرسمي باسم "غرفة تحرير سرت – الجفرة" الهادي دراه، في تصريح لـ"العربي الجديد" صحة ما جاء في رسالة بيت المال، مشيراً إلى أنها تضمنت صرف مستحقات منتسبي الغرفة، وفتح الطريق الساحلي لمدة 15 يوما فقط لتمكين لجنة 5 + 5 من تنفيذ كامل بنود الاتفاق العسكري وأولها إجلاء المرتزقة، وانسحاب قوات حفتر إلى خارج الحدود الإدارية في سرت والجفرة. 


في غضون ذلك، أعلنت قيادة حفتر عن حظر تجول المركبات ذات الدفع الرباعي في منطقة الجنوب الغربي واعتبارها منطقة عسكرية، وهو أول قرار من جانبها بعد قرارات المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، بشأن إنشاء "قوة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بالجنوب"، وإنشاء "غرفة عمليات مشتركة لتأمين الجنوب"، التي أعلن عنها ليل السبت الماضي.

وفي تصعيد أكبر يحمل رفضا ضمنيا لقرارات المجلس الرئاسي قال المسماري، خلال تصريحاته أمس، إن "تهديدات أمنية حقيقية استدعت إرسال وحدات من الجيش إلى الحدود الجزائرية"، ومن دون أن يوضح شكل تلك التهديدات، ادعى قائلا "للجيش (مليشيات حفتر) الحق بتحريك قواته أينما استدعت الحاجة إلى ذلك".

تعليقا على ذلك، اعتبر الباحث الليبي في الشأن السياسي، خميس الرابطي، قرار المجلس الرئاسي بشأن إنشاء قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب والجريمة في الجنوب "خطوة لفرض أمر واقع بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، لكن حفتر أعلن موقفه الرافض ضمنا بعد صدور القرار بساعات".

وبشأن أهداف عملية حفتر العسكرية نحو الجنوب، التي أعلنها الخميس الماضي، رجح الرابطي في حديث لـ"العربي الجديد" أنها تهدف إلى القضاء على المرتزقة من دول الجنوب الليبي الخارجين عن سيطرته أولا، وثانيا ضمان سيطرته على أكبر رقعة جغرافية ممكنة، حتى يفرض فيها أسماء معينة إبان الانتخابات المقبلة لضمان ترشحهم وولائهم له.

لكن الهدف الأبرز، بحسب الرابطي، يتمثل في إيصال رسالة واضحة للشركاء الدوليين في قمة برلين بشأن ليبيا، التي تنطلق بعد غد الأربعاء، مفادها أنه "لا يزال قويا على الأرض ولا يمكن تجاوزه من أي تسوية" على حد تعبيره.

من جهته، يرى الصحافي الليبي، سالم الورفلي، أن "حراك حفتر العسكري نحو الجنوب مدفوع على ما يبدو برغبة روسية لخلق بؤر توتر في الجنوب، الذي يحتضن شتى أشكال الانفلات والفوضى كالإرهاب والجريمة المنظمة والمرتزقة والهجرة غير الشرعية، وكلها ملفات مقلقة بالنسبة للغرب الحريص على إنجاح قمة برلين". 

وأوضح الورفلي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "مثل هذه الخطوة تؤكد وجود انفصال بين القوة على الأرض والشرعية المتمثلة في السلطة التنفيذية الجديدة، كما أنها مناكفة صريحة بإعلان حفتر عن إغلاق المنفذ الحدودي مع الجزائر، الذي سبق أن اتفق الدبيبة مع الجانب الجزائري على إعادة فتحه". وتابع قائلا "لا أعتقد أن المجتمع الدولي سيوافق على خطوة كهذه بعد أن وصل بالتسوية السياسية إلى مرحلة متقدمة".

ولفت الورفلي إلى أن تصريحات القادة الموالين لحفتر أشارت إلى أن العملية العسكرية جاءت ردا على تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قبل أيام، التي أشار فيها إلى أن بلاده كانت مستعدة للتدخل لمنع سقوط طرابلس إبان حملة حفتر العسكرية عليها.

وأضاف "كلام قادة حفتر، إن صح، خطير، فالحراك العسكري الآن في الجنوب ويتزامن مع حديث الرئيس تبون عن طرابلس، فهل يدل هذا على نية جديدة من جانب حفتر لمعاودة الكرة على طرابلس؟".

وفي المجمل، يرى الورفلي أن عودة لجنة 5 + 5 للاجتماع اليوم، بعد عرقلتها أمس بسبب البلبلة حول إقدام رئيس الحكومة على فتح الطريق، يؤشر إلى وجود ضغوط من أطراف دولية لإعادة الأوضاع إلى نصابها والمضي في مسار المشاورات حول الطريق الساحلي، لفسح المجال أمام البند الأهم على أجندة قمة برلين والخاص بإجلاء المرتزقة والمقاتلين الأجانب.

المساهمون