اللجنة الدستورية السورية: نشوة النظام بالانتخابات تزيد من مماطلته

27 يونيو 2021
أشار بيدرسن إلى "خيبة أمل" بسبب عدم تقدم أعمال اللجنة الدستورية (Getty)
+ الخط -

بات التعبير عن "الأسف والإحباط" أمراً ملازماً لتصريحات وإحاطات المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، حيال تناوله عمل اللجنة الدستورية السورية، المتوقفة عن الانعقاد منذ نهاية الشهر الأول من العام الماضي، وهو موعد اختتام الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة.
وخلال إحاطته أمام مجلس الأمن، الجمعة الماضي، أعرب بيدرسن عن أسفه وإحباطه من عدم تحقيق تقدم في الملف السياسي السوري، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة الاستمرار في المساعي للتوصل إلى اتفاق. واستهل إحاطته بالتأكيد على ضرورة الاستمرار والتوسع بعمليات تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود. وحول المحادثات السياسية، قال: "أعتقد أننا جميعاً نشعر بخيبة أمل، لأننا لم نحرز تقدماً حقيقياً في المسار السياسي لتنفيذ القرار 2254، بما في ذلك الإصلاح الدستوري وانتخابات تكون تحت إشراف الأمم المتحدة". كذلك عبّر عن أسفه لما وصفه بـ"هوة عدم الثقة" بين الطرفين، وتعقيدات الوضع على الأرض، معتبراً أنها تجعل إحراز تقدم مبكر نحو تسوية شاملة "أمراً غير مرجح في الوقت الحالي"، مؤكداً ضرورة أن يتفق المجتمع الدولي حول عناصر تساعد على المضي إلى الأمام لـ"خلق الظروف المناسبة لحل أكثر شمولاً للصراع".

وضع النظام ملاحظات "تخريبية" على مقترح الجولة السادسة

وأشار بيدرسن إلى إصابته بـ"خيبة أمل" بسبب عدم إحراز اللجنة الدستورية، التي اجتمعت خمس مرات، أي تقدم لإعداد وصياغة إصلاح دستوري، مشيراً إلى ضرورة "العمل بشكل حثيث لإحراز تقدم في ذلك المجال". وأعلن أنه سيغادر نيويورك إلى روما للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية، الذي تعقده إيطاليا والولايات المتحدة، حول سورية، ومن ثم إلى موسكو وأنقرة وطهران.
ورغم أن بيدرسن أشار بشكل غير مباشر، في ختام الجولة الخامسة، إلى تعطيل وفد النظام أعمالها وما سبقها من جولات، إلا أنه دائماً ما يحمل المسؤولية في عدم وصول اللجنة إلى أهدافها إلى المعارضة والنظام، مع تجنب وضع وفد النظام بدائرة التعطيل الرئيسي بشكل مباشر لأسباب دبلوماسية، كي لا يمثل هذا الأمر ذريعة لوفد النظام لمزيد من عرقلة الأعمال، أو حتى تعليق عمله في اللجنة.

وفي وقت سابق، أشارت معلومات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر خاصة إلى أن النظام وضع ملاحظات "تخريبية" على مقترح الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي اقترحها بيدرسن في إبريل/ نيسان الماضي. وبحسب المصادر فقد واجهت المتحدثة باسم المبعوث الأممي، خولة مطر، التي زارت دمشق، عراقيل جديدة لم تكن متوقعة، إذ قام الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن جانب النظام أحمد الكزبري بتقديم تفاصيل الملاحظات على مقترح بيدرسن، وهذه الملاحظات تُطيح المقترح، وهو ما يعني بحسب مصادر "العربي الجديد" أن النظام لم يرفض المقترح رسمياً، إلا أنه قام بتعطيله، وهذا أمر لم يكن فريق بيدرسن يتوقعه، خصوصاً أن الجانب الروسي كان قد أعلن رضاه عن المقترح في وقت سابق، وأخبر بيدرسن أن النظام سيكون أكثر جديّة في التعامل مع ملف اللجنة الدستورية بعد الانتهاء من انتخاباته الرئاسية.
وتشير المعلومات كذلك إلى أن فريق بيدرسن سمع كلاماً في دمشق على سبيل أن "معطيات الواقع السوري اليوم اختلفت، وأن الشعب السوري اختار بشار الأسد رئيساً له بالأغلبية"، ما يعني أن طريقة التعامل مع ملف اللجنة الدستورية قد اختلفت، وهي إشارة من النظام إلى أنه اليوم أقوى من فترة ما قبل الانتخابات، وأن دخوله في الجولة الجديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية يجب أن يكون وفق شروطه. وكان بيدرسن قد أرسل، منتصف إبريل الماضي، مقترحاً لأجندة الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، في محاولة لكسر الاستعصاء الحاصل بين النظام والمعارضة.
وأمام ذلك، بات المسار الدستوري على محك قد يفضي إلى توقفه بعد إنجاز النظام للانتخابات الرئاسية. ولا يعتقد أن جولة بيدرسن بين روما وموسكو وطهران وأنقرة ستحقق أي تغيير في سير عمل اللجنة، إذ كان قد تلقى وعوداً مشابهة في جولات سابقة من مسؤولين إيرانيين وروس لدفع النظام لإبداء جدية خلال مشاركته في اللجنة، لكن ذلك لم يحدث أبداً، في دليل واضح على مساندة الروس والإيرانيين للنظام في طريق المراوغة المستمر لهذا المسار الأممي.

إيمان شحود: أسف بيدرسن لا يجدي نفعاً أمام مأساة السوريين
 

وتعقيباً على ما ورد في إحاطة بيدرسن، قالت عضو الهيئة المصغرة للجنة الدستورية، عن قائمة المجتمع المدني، إيمان شحود، إن "أسف المبعوث الأممي عن تعطل الحل السياسي لا يجدي نفعاً أمام المأساة التي يعيشها الشعب السوري، والمطلوب هو إرادة دولية لتنفيذ القرار 2254، والأمم المتحدة تملك الآليات لذلك. لكن إلى الآن لا توجد تلك الإرادة، وبالتالي تم تقسيم القرار إلى سلال أربع اختزلت فيما بعد بمسار اللجنة الدستورية، والتي كان من المقرر أن تكون جزءاً من مسارات العملية السياسية وليس كلها. وهذا المسار يتم تعطيله لأنه لم يتواز مع العمل على الحل السياسي الشامل".
وأضافت شحود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تحميل بيدرسن طرفي اللجنة تعطيل أعمالها أمر غير منصف بالمطلق، لأن التزام وفد المعارضة بجداول الأعمال كان واضحاً، ومداخلاته ومقترحاته جميعاً كانت تصب باتجاه وضع مبادئ وصياغات دستورية حقيقية، في حين وفد النظام يذهب دائماً إلى الزج بمناقشات سياسية وغير دستورية، بهدف التعطيل". وأشارت إلى أنه "يفهم أن تصريح المبعوث الأممي قد يكون دبلوماسياً ليحقق مبدأ التوازن، لكن عليه أن يكون شفافاً كذلك بتحديد مواضع التعطيل، لأن الشفافية وتحديد المعطل قد يدفعان بالدول إلى أخذ مبادرات أخرى للحل في سورية".
وكان الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد النظام، أحمد الكزبري، قد أعلن صراحة، على هامش الجولة السابقة، أنهم قدموا إلى جنيف لمناقشة المواضيع الدستورية، من دون الدخول في وضع صياغات دستورية، معتبراً أنّ هذا الأمر "يحتاج وقتاً طويلاً ومساحة من النقاش". واستمرار هذا الموقف من قبل وفد النظام قد يفضي إلى إعلان فشل المسار بالمطلق خلال الجولة المقبلة. وينتشي النظام اليوم بإنجاز الانتخابات الرئاسية، والنظرة إلى عدم حاجته لهذا المسار الذي استخدمه لتمرير الانتخابات، ما يخلق عرقلة إضافية لعمل اللجنة المهددة بالفشل، ومن ثم التوقف.

المساهمون