الكويت: دعوات سياسية لبسط رقابة القضاء على قضايا الجنسية

15 نوفمبر 2022
مخاوف من تصادم بين النواب والحكومة (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

نظّمت "حركة العمل الشعبي" (حشد)، والتي يتزعمها النائب الكويتي السابق والمعارض السياسي البارز مسلّم البراك، اليوم الاثنين، ندوة حول "بسط رقابة القضاء على مسائل الجنسية".

وشاركت في الندوة كل من "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، عبر ممثلها أوس الشاهين، و"المنبر الديمقراطي الكويتي" عبر ممثله بندر الخيران، و"التآلف الإسلامي الوطني" (الشيعي) عبر ممثله مبارك النجادة، و"الحركة التقدمية الكويتية" عبر ممثلها عبد الله أشكناني، بينما مثّل "حركة العمل الشعبي" محمد الدوسري.

وأكّد المتحدثون في الندوة على أنه يجب تحصين المواطنة من خلال قانون يسمح لكافة الأفراد بحق التقاضي في مسائل الجنسية، ويمنع السلطة من الاستفراد بقرار سحب الجنسية من المواطنين بسبب مواقفهم السياسية أو لأسباب أخرى، ورفضوا أن تخضع الجنسية إلى مزاج وزارة الداخلية من دون أن تخضع لرقابة القضاء، مطالبين بضرورة إقرار القانون من خلال مجلس الأمة.

كما أعلنت القوى السياسية المجتمعة عن برنامج سياسي مشترك وفق 7 محاور، اشتمل بالإضافة إلى بسط رقابة القضاء على مسائل الجنسية، على تعديل قانون الانتخاب والدوائر الانتخابية الحالية وإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، ومكافحة الفساد وتعزيز دور المؤسسات الرقابية، والإصلاح الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، وحل مشكلة البدون، والارتقاء بالخدمات العامة، والحفاظ على الحريات ومصالح وكرامة المواطنين.

وحول ذلك، أوضح أمين عام "المنبر الديمقراطي الكويتي" عبد الهادي السنافي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ندوة القوى السياسية جاءت على اعتبار "مسألة سحب الجنسية يجب ألا تخضع إلى مزاج وزارة الداخلية، حيث يجب أن يكون سحبها وفق حكم قضائي بات، ومبينة من خلاله المخالفة القانونية التي على أثرها سُحبت الجنسية، وأن تُحدد في إطار التزوير"، وأضاف: "أما سحب الجنسية لاعتبارات سياسية، أو لاعتبارات أخرى مرفوض، فكل جُرم قد يرتكبه الإنسان له نص قانوني يُدينه، ويجب أن تُوظّف هذه النصوص القانونية لذلك بدلاً من سحب الجنسية".

السنافي: "الهوية الوطنية ليست محل ابتزاز"

وبيّن السنافي أن "هناك تنسيقاً مع أعضاء مجلس الأمة، حيث تقدم خمسة نوّاب بقانون لبسط سلطة القضاء على مسائل الجنسية".

وتابع قائلا "تعاون الحكومة في مسألة إخضاع الجنسية إلى رقابة القضاء، يؤكد على رغبتها الجادة في الإصلاح، لكونها أولى أولويات الإصلاح السياسي لدى المنبر الديمقراطي إلى جانب القوى السياسية، وتأكيد على استجابتها للمطالب الشعبية".

وأكّد رفضه "استخدام السلطة الجنسية كسلاح بيدها، لأن الهوية الوطنية ليست محل ابتزاز، ولا يمكن أن نقبل بأن تكون العصا التي تُعاقب بها السلطة معارضيها".

وأشار السنافي إلى أن دور القوى السياسية مستمر من خلال الندوات السياسية، والتنسيق مع أعضاء مجلس الأمة، بالإضافة إلى توعية الشارع الكويتي بضرورة أن تُبسط سلطة القضاء على مسائل الجنسية.

وبحسب القانون الكويتي، فإن وزير الداخلية يستطيع سحب الجنسية الكويتية من أي مواطن كان لأي سبب من دون تقديم تبرير لأي أحد.

وفي 17 إبريل/ نيسان الماضي، أصدرت الهيئة العامة بمحكمة التمييز الكويتية، المختصة بتوحيد المبادئ القضائية في محكمة التمييز، حكماً تاريخياً أنهى الجدل الدائر في أروقة المحاكم منذ عام 2014 حول مسائل الجنسية، والذي انتهى إلى أن "مسائل الجنسية بأكملها أصلية أو مكتسبة تخرج برمتها عن الاختصاص الولائي للمحاكم"، واعتبرتها تدخل ضمان نطاق أعمال السيادة.

وبناءً على الحكم، فإن المحاكم كافة ستكون غير مختصة بنظر مسائل الجنسية، باعتباره حكماً ملزماً، وسيُحكم بجميع القضايا بعدم الاختصاص، وسيُلغي أي حكم آخر يخالفه، إلا في حال صدور قانون من مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي يقضي باختصاصها.

وبدأ الجدل حول مسائل الجنسية في أروقة المحاكم منذ عام 2014، بعدما سُحبت الجنسية الكويتية من معارضين سياسيين، على خلفية مشاركتهم في الحراك الاحتجاجي المعارض آنذاك، والذي دعا إلى مقاطعة الانتخابات بسبب مرسوم الصوت الواحد، وعدم محاسبة الوزراء المتورطين في قضايا فساد.

وكان أبرز من سُحبت جنسياتهم حينها النائب السابق عبد الله البرغش، والداعية الإسلامي نبيل العوضي، والإعلامي سعد العجمي، ورئيس تحرير صحيفة "عالم اليوم" أحمد الجبر.

وأصدرت الحكومة الكويتية، في مايو/ أيار 2017، مرسوماً بإعادة الجنسية إلى النائب السابق عبد الله البرغش وستة آخرين، كما قضت في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 بإعادة الجنسية إلى العوضي، والعجمي، وسبعة آخرين، بينما لم تعد الجنسية حتى الآن للجبر ومعارضين آخرين.

وحاولت المعارضة في مناسبات عدة، في الدورات البرلمانية السابقة، تمرير قانون يقضي بالسماح للمحكمة الإدارية بالنظر في قضايا الجنسية، ولكنها أخفقت في كل مرة بسبب مناورات الحكومة.

وفي مجلس الأمة المنحلّ، تقدمت المعارضة مرتين في دوري الانعقاد الأول والثاني بطلب عقد جلسة خاصة للتصويت على قانون بسط سلطة القضاء على مسائل الجنسية، ولكن لم يُمكّن البرلمان من مناقشته، لعدم اكتمال نصاب الجلسات، بسبب غياب الحكومة عن المشاركة بهما.

وفي البرلمان الحالي، تقدم أستاذ القانون النائب عبيد الوسمي باقتراح بقانون لتعديل قانون إنشاء المحكمة الإدارية، وذلك بإضافة فقرة جديدة تخضع مسائل الجنسية لإشراف القضاء، وبعدم اعتبار القرارات الصادرة في مسائل سحب أو إسقاط أو فقد الجنسية من أعمال السيادة.

وإضافة إليه، تقدم خمسة نوّاب، هم ثامر السويط وخالد العتيبي ومبارك الحجرف وسعود العصفور وعبد الله فهاد، باقتراح بقانون مشابه له يبسط يد القضاء على مسائل الجنسية.

وأعلنت وزارة الداخلية، مطلع الشهر الحالي، عن رفعها "القيود الأمنية" على المواطنين، ضمن عدة خطوات قامت بها الحكومة لطي صفحة الخلاف في الماضي مع المعارضة الكويتية، وضمن التفاهمات التي تجريها الحكومة الجديدة، بقيادة نجل أمير الكويت الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، مع البرلمان المنتخب أخيراً في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي.

لكن من غير المتوقع أن تسمح الحكومة بوضع ملف الجنسية خارج نطاق حدود صلاحياتها المُطلقة، ما يرجح أن يضع المعارضة في مجلس الأمة في مأزق سياسي في مواجهة الحكومة، في حال طُرح قانون بسط سلطة القضاء على مسائل الجنسية للمناقشة والتصويت عليه داخل البرلمان، خاصة في فترة "شهر العسل" التي تعيشها المعارضة مع الحكومة، ما قد يهدد العلاقة بين السلطتين مجدداً بعودة التصادم بينهما.

المساهمون