أعاد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي فتح ملف ضباط الجيش العراقي، الذين أقصتهم الحكومات السابقة عن الجيش، الذي تم حلّه بقرار من الحاكم المدني الأميركي بول بريمر عام 2003.
ويحاول الكاظمي إعادة شريحة كبيرة منهم، وتعزيز المؤسسة العسكرية بخبراتهم العسكرية، في خطوة لاقت ترحيبا، إلا أن مسؤولين قللوا من قدرة الحكومة على إنفاذ القرار، سيما أن قوى سياسية ستعمل على رفضه.
ووفقا لكتاب رسمي صادر عن رئاسة أركان الجيش العراقي، فقد "تقرر تشكيل لجنة خاصة لدراسة إمكانية إعادة ضباط الجيش العراقي السابق من رتبة رائد فما دون، وفقا للضوابط والشروط المنصوص عليها في قانون الخدمة والتقاعد العسكري، والمعايير التي تضعها دائرة الإدارة، بحسب الحاجة للصنوف وتوفر التخصيص المالي والدرجات الوظيفية، وإخضاعهم للفحص الطبي والتدقيق الأمني".
الخطوة لاقت ترحيبا بالأوساط السياسية، التي عدتها خطوة في بناء المؤسسة العسكرية، وسط مخاوف من سعي بعض الأطراف لإفشال ذلك.
النائب عن تحالف القوى العراقية رعد الدهلكي قال، لـ"العربي الجديد"، إن "الخطوة جاءت وفقا لدرسة الواقع العراقي وحاجتنا إلى خبرات عسكرية تعزز عمل المؤسسة الأمنية في البلاد. ستكون إيجابية بدعم المؤسسة، خاصة وأن الجيش السابق لم يكن ينتمي لأي جهة معينة"، مبينا أن "إعادة النظر بهذا الملف هي رسالة مهمة جدا، وستسهم بإعادة الكفاءات إلى ساحة المعركة ضد الإرهاب، والعمل على مسك الأرض ومنع المندسين والخروقات الأمنية".
الخطوة لاقت ترحيبا بالأوساط السياسية، التي عدتها خطوة في بناء المؤسسة العسكرية، وسط مخاوف من سعي بعض الأطراف لإفشال ذلك
وأضاف أن "هؤلاء الضباط ينتمون للعراق ويعيشون فيه، وإنصافهم وإن كان متأخرا إلا أنه سيعزز الجيش بخبراتهم"، محذرا من تأثير "المزاج السياسي على القرار"، معربا عن أمله بأن "يكون السياسيون قد استوعبوا الدرس وابتعدوا عن الانتقام والتهميش والإقصاء، وأن نعمل كعراقيين ونبعد الأجندات الأخرى".
وأشار إلى أن "الكاظمي عازم على بناء كل المؤسسات، لكن يبقى السؤال هل يستطيع ذلك؟ فهناك الكثير من العقبات توضع أمامه من جميع السياسيين".
عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق، حامد المطلك، أثنى على القرار، لكنه قلل من إمكانية وقدرة الكاظمي على تطبيقه.
وقال المطلك، لـ"العربي الجديد"، إن "الخطوة جيدة، وستسهم بإعادة بناء الجيش على أسس وطنية، لكن هل يستطيع الكاظمي تطبيقه؟"، مؤكدا "لا أعتقد أن يتم الذهاب نحو تطبيق القرار، كونه قرارا مهنيا وخطوة صحيحة، ومن المؤكد أن تعمل بعض الأطراف على رفض البناء السليم للمؤسسة العسكرية".
وأشار إلى أنه "لم يتم التفكير بعودة الضباط إلا بعد أن وصلنا إلى حالة اليأس في عمل الأجهزة الأمنية الحالية، ورغبة في تطويرها، لكن من يسيطر على القرار والتنفيذ هم أصحاب المصالح والارتباطات الخاصة، وليس أصحاب مبدأ الوطن، وهم سيعارضون القرار"، داعيا إلى "إتمام الخطوة".
وأكد أن "الكاظمي يظهر عزمه على إصلاح المؤسسة، لكن لم نر جدية منه بتطبيق القرارات والوعود"، مبينا "هناك صعوبات يواجهها، لكننا ننتظر خطوات فعلية بأن ينفذ ما يقول ويستغل العوامل المؤيدة له، وخاصة العامل الشعبي".
وأشار إلى أن "مهنية الجيش السابق لا يختلف عليها أحد، إذ إن الضباط تم اختيارهم سابقا وفقا للمهنية والكفاءة بعيدا عن المحسوبية وعن الطائفية والانتماءات الأخرى، وأن وجودهم سيكون داعما للمؤسسة العسكرية، وهذا ما نتمنى تحقيقه".
أما النائب عن "تحالف النصر" فلاح الخفاجي فقد اعتبر الخطوة "متأخرة جدا". وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الخطوة هي توجه صحيح، لكنها متأخرة، وإن الضباط برتبة رائد ناهزوا الأربعين من العمر، وهم يحتاجون إلى دورات ومراكز تأهيل"، مؤكدا أن "القرار ستكون له تأثيرات إيجابية تصب بمصلحة اللحمة العراقية الوطنية".
ورغم ذلك، توقع الخفاجي "رفضا للقرار من قبل بعض الجهات التي قد تقدم على تحريض البرلمان باتجاه الضد منه"، معربا عن عدم تفاؤله بـ"قدرة الكاظمي على الخروج عن إرادات الكثير من القوى السياسية".
يشار إلى أن الأحزاب التي سيطرت على الحكم في العراق بعد الاحتلال الأميركي له سعت إلى بناء الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية الأخرى، وفقا لأسس طائفية وحزبية، الأمر الذي تسبب ببناء مؤسسة ضعيفة، لم تستطع أن تصمد أمام تنظيم "داعش" الذي اجتاح عددا من المحافظات صيف العام 2014، وما تزال المؤسسة عاجزة على بسط الأمن في البلاد، وسط نفوذ متزايد لفصائل مليشياوية مختلفة، تنافس قوة الجيش.