ألغى القضاء الفرنسي، اليوم الثلاثاء، شهادة طبية يعود تاريخها إلى 25 مايو/ أيار الماضي، برّأت عناصر شرطة من قضية وفاة الشاب الفرنسي من أصول مالية آداما تراوري، بعد طلب تقدم به محامي الضحية ياسين بوزرو في يونيو/ حزيران الماضي.
ونصّت الشهادة آنذاك على أن وفاة تراوري جاءت بسبب وذمة رئوية تسببت بتوقف النبض في قلب الشاب الذي لاحقته الشرطة. ويشير إلغاء الشهادة الطبية إلى إمكانية حدوث تزوير في وقائع القضية، وينفي ادعاء الوفاة الطبيعية بحسب ما خلص إليه التحقيق الأولي في القضية.
وتوفي تراوري في يوليو/ تموز عام 2016 في مركز احتجاز للدرك في منطقة بومون سور واز، ومنذ ذلك الحين تسلك عائلته مساراً قضائياً شائكاً، بدأ يؤتي ثماره في أعقاب التظاهرة الكبيرة التي نظمتها في يونيو/ تموز الماضي، وشارك فيها نحو 100 ألف شخص بعد إعلان القضاء قبوله الشهادة الطبية المذكورة.
وقال المحامي بوزرو إن إلغاء الشهادة اليوم من قبل غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف في باريس، مبني "على مخالفة أحد أحكام قانون الإجراءات الجنائية الذي يلزم الخبراء بذكر أسماء الأطباء الذين شاركوا في تقديم الشهادة"، وهو ما لم يتضمنه تقرير الطب الشرعي. وأشار إلى أن هذا "الانتصار الصغير يزيل عقبة من طريق تحقيق العدالة لآداما".
وأضاف في تصريحات نقلتها مجلة "لوبس" الفرنسية: "كنا واثقين منذ البداية من أن هؤلاء الخبراء مزيفون (..) يؤكد قرار إلغاء شهادتهم اليوم أنه كان بالفعل تقريراً مزيفاً، كان هدفه الوحيد هو تبرئة رجال الشرطة. من الواضح أن آخر تقرير طبي صالح في الملف يشير إلى أن الوفاة حدثت بسبب طريقة الاعتقال".
وأمر قضاة التحقيق بالبدء بتحقيقات جديدة، بالاستعانة بخبراء طب شرعي بلجيكيين، ومن المتوقع أن يقدموا شهادتهم وتقريرهم في هذه الحادثة في شهر يناير/ كانون الثاني المقبل.
واعتقل تراوري ليلة عيد ميلاده الرابع والعشرين. وبحسب رواية الشرطة، فإن الشاب اقتيد إلى السيارة بعد اعتقاله مقيد اليدين، وبدا وكأنه "غارق في النوم، وأظهر انهياراً داخل السيارة". وفي باحة الدرك، تمكن الضابطان من إخراجه من السيارة لأنه كان "غير قادر على التحرك ولا يمكنه الوقوف".
وأشارت أقوال عناصر الدورية إلى أن الضحية بال على نفسه أثناء النقل، وزعموا أنهم وضعوه في وضع آمن على جانبه في مقر الاحتجاز، وقالوا إن تنفسه كان "بصوت عال وبحشرجة"، وأنه "كان مريضاً".
واعتقل تراوري في الخامسة مساء ذلك اليوم، لكن خدمات الطوارئ التي تم استدعاؤها إلى مركز الاحتجاز أعلنت وفاته في السابعة مساء، ولدى اتصال والدته في الساعة 9 مساءً بمركز الشرطة للاستفسار عما جرى مع ولدها، تم إبلاغها بأنه بخير وكل شيء سيكون على ما يرام، لكن في الواقع كان تراوري قد مات قبل ساعتين من اتصالها.
فريق الإسعاف الذي حضر بعد اعتقال تراوري، كانت له شهادة تناقض أقوال الشرطة، إذ طلب أحدهم، وفق ما تنقل "لوبس"، أن يتم تحرير قيود الشاب الذي ينازع، لكن عناصر الدورية رفضوا. وفي شهادة رجال الإسعاف، ذكر المسعفون أن الضحية "فقد التهوية" وأنهم طلبوا من الشرطة "أكثر من مرة تحرير قيوده من أجل إجراء إسعافات أولية لإنعاش قلبه لكنهم رفضوا بحجة أنه قد يهرب".