قرر القضاء العسكري التونسي، في وقت متأخر من مساء الجمعة، تأجيل النظر في قضية محاكمة عميد المحامين الأسبق عبد الرزاق الكيلاني إلى يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، وذلك بعد جلسة استمرت عدة ساعات بحسب تأكيد عضو هيئة الدفاع، المحامي سمير ديلو.
وكانت الجلسة قد انطلقت منذ صباح الجمعة بمحكمة الاستئناف العسكرية واستمرت إلى حد الساعة الـ11 ليلاً، بحضور عدة محامين وعمداء من تونس وخارجها، إلى جانب شخصيات وطنية وحقوقية.
وقال ديلو إن محاكمة العميد عبد الرزاق الكيلاني تأتي على خلفيّة قيامه بواجبه المهني في الدّفاع عن زميله نور الدين البحيري بتهم "الانضمام إلى جمع من شأنه الإخلال بالرّاحة العامّة قصد التعرّض لتنفيذ قانون أو جبر، والتعدي على موظّف عمومي بالقول والتّهديد حال مباشرته لوظيفته، ومحاولة التسبّب بالتّهديد في توقّف فردي أو جماعي عن العمل طبق الفصول 79، و125، و136 من المجلّة الجزائيّة".
وبيّن ديلو أن المحامين أكدوا عدم اختصاص المحكمة العسكريّة بمحاكمة المدنيّين، وعلى أنّ أساس القضيّة كانت النّدوة الصحافيّة لوزير الدّاخليّة الذي وجّه اتّهاماً مباشراً للعميد الكيلاني بتحريض قوّات الأمن على العصيان وأعلن اختصاص القضاء العسكريّ.
وأضاف أن "جهة أمنيّة لا علاقة لها عادة بالوقائع المشابهة، وهي الوحدة الوطنيّة للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظّمة والجرائم الماسّة بسلامة التّراب الوطني، تعهدت بالقضية بناءً على ما نشرته صفحة افتراضيّة للتّنسيقيّة الوطنيّة لمساندة الرئيس قيس سعيّد، وهي صفحة تتعمّد وسائل مبتذلة لتشويه المحامين والحقوقيّين ومعارضي الرّئيس"، بحسب تأكيده.
وأفاد بأن طاقم الدّفاع شدد على بطلان إجراءات التتبّع للتداخل في الصّلاحيات بين وكيل الجمهوريّة الابتدائيّة العسكريّة الدّائمة بتونس (الذي كيّف الوقائع وقام بالإحالة وراسل فرع المحامين لإعلامه)، والوكيل العام الذي يمنحه الفصل الـ46 من مرسوم المحاماة الصّلاحية الحصريّة في إحالة المحامين على قضاة التّحقيق في صورة وجود تتبّعات جزائيّة، بحسب تعبيره.
وأضاف أن "المحامين بينوا أنّ الفصل الـ47 من مرسوم المحاماة يمنع مساءلة المحامي عمّا يقوم به في أثناء أدائه لواجبه".
وفي تعليقه على الحضور المكثف للمحامين، قال المحامي مختار الجماعي، إن "المحاماة تغلق مجدداً قوس العبث الذي تسبب فيه العميد المتخلي (إبراهيم بودربالة)، وتنتصر لتاريخها النضالي وتنتفض ضد المحاكمات السياسية"، مبيناً في تدوينة له أن "حضور العميد حاتم المزيو، للترافع اليوم عن الكيلاني فيه عدّة رسائل رمزية لسلطة الأمر الواقع وأن المحاماة التونسية التي كانت الخيمة التي احتمى بها الجميع زمن الديكتاتورية المتأهبة للعودة من جديد لن تتخلى عن رسالتها".
وأوضح أن جميع العمداء السابقين المباشرين حضروا اليوم، وفي ذلك أكثر من رسالة، مؤكداً حضور العمداء: البشير الصيد، وعبد الوهاب الباهي، وشوقي الطبيب، ومحمد الفاضل محفوظ، وعبد الستار بن موسى، وعامر المحرزي، وممثل هيئة المحامين بباريس العميد كريستيان شريار برنزال، والعميد جيروم دريو، ممثل جمعية العمداء المحامين بفرنسا، والأستاذ دومينيك تريسو، ممثل عن نقابات المحامين ذات التقاليد المشتركة، وأعضاء الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، ومنهم الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين، الأستاذ حسان التوكابري، ومنسق لجنة الحقوق والحريات، وعدة أسماء وجمعيات مهتمة بالمحاماة.
كذلك حضر البشير المنوبي الفرشيشي الذي كان رفيق جميع المحامين في محنهم، وهو الذي لم يتخلف يوماً عن الدفاع عنهم.
وكان المحامي والأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، قد قال في تصريح سابق لـ"العربي الجديد": "بعد 25 يوليو/ تموز أصبحت هناك إحالات للمدنيين على القضاء العسكري، وشهدنا إحالات لنواب ووزراء ومحامين وإعلاميين أمام القضاء العسكري، وأغلب التهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، وبتصريحات إعلامية".
وأضاف أن "العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني يحاكم ويدان بسبب تصريح قام به في إطار عمله كمحامي، ورغم أنه يتمتع بالحصانة طبقاً لمرسوم المحاماة، إلا أنه يجد نفسه أمام القضاء العسكري وأمام قضاء غير مستقل، وجهاز تحت السلطة التنفيذية".