بدأت السلطات الجزائرية عملية غربلة للساحة السياسية، بحل الأحزاب التي سبق اعتمادها وتوجد في وضعية غير مطابقة للقانون المنظم للأحزاب السياسية، أو لم تعقد مؤتمراتها العامة في الوقت المحدد قانوناً، أو تلك التي توجد محل خلاف وارتكبت مخالفات تستوجب الحل.
وأصدر مجلس الدولة، أعلى سلطة في القضاء الإداري، قرارا يقضي بحل حزبين سياسيين معتمدين، ومنعهما من أي نشاط سياسي، على خلفية دعوى قضائية رفعتها وزارة الداخلية ضد الحزبين لعدم مطابقتهما لقانون الأحزاب المعمول. ويتعلق الأمر بحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والحريات، الذي حاز على اعتماده الرسمي عام 1989، لكن الحزب ذكر في بيان سابق أنه تعرض للتهميش من قبل السلطات منذ عام 2007، ومن قبل وزارة الداخلية"، بحجة أن فيه نزاعا داخليا، وشكا من مماطلة بالاعتراف والتعامل مع القيادة المنبثقة وفق القانون الأساسي والنظام الداخلي، بعد الإطاحة برئيس الحزب السابق عام 2004 المرحوم عبد القادر الواعر إثر دورة استثنائية لأعضاء المجلس الوطني.
وفي نفس السياق قرر مجلس الدولة حل حزب جبهة الجزائريين الديمقراطيين، وهو حزب اختفت قيادته من الساحة ولم تعد له أية أنشطة سياسية.
وتوجد على مستوى القضاء الإداري ومجلس الدولة لائحة أخرى من الأحزاب السياسية التي ترغب وزارة الداخلية في حلها وسحب الاعتمادات منها، خاصة أن عددا منها لم يقم بتجديد قياداته في الوقت المحدد والمنصوص عليه في القانون وفي النظام الداخلي لهذه الأحزاب.
السلطة السياسية في الجزائر تتجه في الوقت نفسه إلى تطبيق نفس خيارات الحل على عدد من الأحزاب على قاعدة موقفها السياسي المناوئ للسلطة
وشهدت العقود الماضية وجود عدد مبالغ فيه لعدد كبير من الأحزاب السياسية كانت حصلت على الاعتماد بعد إقرار التعددية الحزبية في ظل فوضى سياسية. وفي وقت لاحق من تلك المرحلة، لم يكن هدف غالبية هذه الأحزاب العمل السياسي الحرفي، بقدر ما كان إضفاء تعددية صورية للمشهد السياسي وإسناد السلطة في المواعيد والاستحقاقات السياسية المهمة، والنشاط فقط في فترة الانتخابات، للاستفادة من بعض المزايا المالية.
لكن السلطة السياسية في الجزائر تتجه في الوقت نفسه إلى تطبيق نفس خيارات الحل على عدد من الأحزاب على قاعدة موقفها السياسي المناوئ للسلطة، وباستغلال مشكلات تنظيمية داخلية حدثت في هذه الأحزاب، حيث كانت وزارة الداخلية قد أدرجت على لائحة الحل، حزب العمال الاشتراكي، وحزب الاتحاد من أجل التغيير المعارض، والذي تقوده القاضية السابقة زبيدة عسول، والتي تم إخطارها من قبل الداخلية ببدء مساعي لحل الحزب بسبب عدم عقد مؤتمره العام، وكذا حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية الذي يوحد رئيسه فتحي غراس رهن السجن المؤقت بتهم تتعلق بالنشاط والرأي السياسي، إضافة إلى تحذيرات وجهتها الداخلية إلى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض.