أصدر القضاء التونسي حكماً ابتدائياً بعدم سماع الدعوى في قضايا الجرائم الانتخابية لسنة 2019 المتعلقة بقائمتَي تونس 1 و2 لحركة النهضة، التي يترأسها زعيم الحركة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، وذلك لعدم ثبوت تلقي أي تمويل أجنبي لهاتين القائمتين.
وقالت النائبة المترشحة عن قائمة الغنوشي نفسها، والقيادية بحزب النهضة، يمينة الزغلامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "محكمة المحاسبات أرسلت لنا إعلاماً بحكم ابتدائي بصفتي عضواً بقائمة تونس 1 التي ترأسها الأستاذ راشد الغنوشي يقضي بعدم سماع الدعوى في حق أعضاء قائمة حركة النهضة المترشحة للانتخابات التشريعية لسنة 2019 بخصوص تهمة تلقي تمويلات أجنبية".
وأضافت: "انضبطنا لكل التمشي القضائي ولطلبات محكمة المحاسبات، وقدمنا لها عن طريق المحامي ناجي الزواري ممثل القائمة قضائياً كل الأدلة والوثائق".
وأشارت إلى أن "هذا ليس تعقيباً على حكم القضاء؛ فهو حكم ابتدائي وسنواصل الاستئناف"، معتبرة، في سياق آخر، أن "جزءاً كبيراً من القضاء ما زال يحافظ على نزاهته واستقلاليته، وقد أسسنا بعد الثورة قضاءً مستقلاً بدستور 2014 وبنصوص المجلس الأعلى للقضاء وقانون محكمة المحاسبات".
وتابعت أن "التهم التي كيلت لنا لم تطل شخوصنا فحسب، بل طاولت عائلاتنا، وقد كانت هي أيضاً ضحايا لهذه الإشاعات، وإضافة إلى تهم تلقي تمويلات أجنبية لحزب النهضة وقائماته الانتخابية، التي أنصفنا فيها القضاء، فقد تم توصيفنا كنواب بأننا تلقينا ملايين مقابل التصويت في البرلمان، وهي تهم تكال لنا من رئيس الجمهورية وليس من مدونين وصفحات تواصل اجتماعي".
وطالبت الزغلامي "سعيّد إن كانت لديه أدلة على تلقي نواب التمويلات بأن يعرضها للشعب التونسي، ولكن للأسف خطابه وترذيله وإدانته للنواب ساهمت في تنامي وتزايد العنف في تونس".
وأضافت أن "خطابات رئيس الجمهورية لتبرير انقلاب 25 يوليو ساهمت في تنمية العنف اللفظي في البلاد"، مبينة أن النواب "كانوا تحت طائلة هذه الاتهامات وضحايا الاختفاء القسري والملاحقة من القضاء العسكري والمدني، بالإضافة إلى تجويع النواب وقطع مرتباتهم منذ 8 أشهر".
وحملت الزغلامي سعيد مسؤولية ما يحدث للنواب وتنامي العنف، قائلة إن "هذا لا يعني أن السياسيين لم يخطئوا، ولكن الأخطاء تعاقب بالقانون وعبر القضاء، وليس بحملات التشويه"، مستغربة "صمت الجمعيات النسوية والمنظمات والإعلام، إزاء الانتهاكات التي تتعرض لها النساء البرلمانيات اللائي تعرضنَ لشتى أنواع الانتهاكات والعنف اللفظي والمضايقة والتشويه"، مشيرة إلى أن "تبعات ذلك ستكون في عزوف شديد للمرأة وللشابات عن المشاركة في العمل السياسي والانتخابات".
وعلق الخبير الأممي والناشط بالمجتمع المدني عبد الوهاب الهاني على صفحته قائلاً: "قرار القضاء المالي بعدم سماع الدعوى ابتدائياً في تهم التمويل الخارجي للانتخابات التشريعية ينهي قضائياً سردية تخوين وشيطنة البرلمان على علاته، ويمثل فرصة ثمينة لرئيس الجمهورية لغلق باب تنازع الشرعيات والمشروعيات مع البرلمان، والعودة إلى تكامل الشرعيات وتوازيها وتعاونها كما هو المنصوص عليه في الدستور روحاً ونصاً وفقهاً وعرفاً في تونس، وفي كل الديمقراطيات في العالم".
وتابع الهاني: "وإن تعذر على رئيس الجمهورية تلطيف كبريائه والتحكم في أناه والتواضع والانصياع لطاعة القانون وسلطان القضاء المستقل، فعليه إعادة الأمانة للشعب صاحب السيادة في انتخابات عامة رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها لتجديد الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية لمؤسسات الدولة".